في الصباح الباكر من أمس الثلاثاء أعلنت وزارة الداخلية عن تفكيك خلية إرهابية، طابعها غير عادي، باعتبار واحد من قادتها شقيق مقاتل في صفوف داعش بسوريا، وآخر كان على علاقة بخلية إرهابية تم تفكيكها السنة الماضية بتعاون مع الجهات الأمنية الإسبانية المكلفة بمكافحة الإرهاب.
هذا التشبيك الخطير هو ما يعنينا اليوم، إذ إن الخلايا الإرهابية، التي وجهت لها المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني ودراعها المكتب المركزي للأبحاث القضائية وبتعاون الأجهزة الأمنية، ضربة موجعة يتحدث عنها قادة داعش هناك، باعتبار أن المغرب جفّف الخزان البشري الذي كان تتغذى عليه الحركات التكفيرية بسوريا والعراق وباقي بؤر التوتر، أصبحت اليوم كالأخطبوط من حيث ربط العلاقات التي تستغل الظروف.
وحاولت استغلال جائحة كورونا من أجل إعادة البناء من جديد، غير أن هناك عيونا لا تنام، ومثلما ظلت حريصة على محاربة باقي الجرائم في وقت كانت تواصل ليل نهار تنفيذ قانون الطوارئ، فهناك من لا يغفل لحظة واحدة عن تتبع الإرهابيين أينما وجدوا، ومن هنا تعتبر العملية نوعية من حيث شكلها قبل مضمونها.
فلنستمع إذن جيدا إلى أنكون غوتيريس، الأمين العام للأمم المتحدة، وهو يفتتح أسبوع محاربة الإرهاب على الرغم من إحداث كوفيد-19 اضطرابات شديدة في النظم الصحية والاقتصادات والمجتمعات المحلية حول العالم، فمن السابق لأوانه إجراء تقييم كامل لآثار هذه الجائحة على المشهد الإرهابي، موضحا أن تنظيمي “داعش” و”القاعدة” وفروعهما الإقليمية يسعون لاستغلال الظرفية لتحقيق أهدافهم.
كما حاول تجار الأزمة استغلال جائحة كورونا لمراكمة الثروات حاولت الجماعات التكفيرية استغلال الجائحة من أجل تعزيز وجودها وخصوصا في المناطق المستهدفة بتجديد مشروعها بعد فشلها الذريع في سوريا والعراق. وظل المغرب في مرمى أهداف الجماعات التكفيرية خصوصا داعش بالنظر لموقعه أولا، لأنها لو وجدت لها مكانا هنا فسوف تتوسع بسهولة في كافة غرب إفريقيا، كما أنها تحمل حقدا دفينا لهذا البلد، الذي حاصر الدواعش قبل اتجاههم إلى بؤر التوتر ومحاكمة العائدين منهم.
لقد شكل تعديل قانون مكافحة الإرهاب سنة 2014، وإضافة بنود تتعلق بالإشادة وارتكاب أفعال إرهابية خارج أرض الوطن إلى الجرائم التي يعاقب عليها قانون مكافحة الإرهاب، ومنح الصفة الضبطية لمجموعة من عناصر مراقبة التراب الوطني، سهل مأمورية القائمين على مواجهة الخلايا الإرهابية والتكفيرية.
تفكيك خلية إرهابية في ظل المواجهة الشاملة التي أعلنها المغرب ضد تمدد فيروس كورونا المستجد، يعني أن الجماعات الإرهابية استغلت بشكل بشع الظرفية، بل ساعدها التأويل الخاطئ والمغرض للنصوص المقدسة وعلاقتها بالجوائح على الانتعاش، غير أن هذا ينبغي أن يعطينا مزيدا من الاعتزاز والفخر بمنظومتنا لمحاربة الإرهاب، التي تعتبر من أهم المنظومات المطمئنة، التي تحقق الأمن والأمان وتحارب على واجهات متعددة في لحظة واحدة، ولا تغفل زمن الأزمة عن التهديد الإرهابي.