دفعت تقارير الوضعية “المقلقة” للسلامة الصحية للأغذية بالمغرب، بمجلس الشامي الى المطالبة باستقلالية المكتب الوطني لسلامة الصحية للمنتجات الغذائية “أونسا” عن عزيز أخنوش وزير الفلاحة، ووضعها تحت إشراف رئاسة الحكومة، بعدما رصد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ” 8 مجازر فقط التي تتوفر على اعتماد قانوني أما محلات ذبح الدواجن المرخص لها لا تتعدى 27 محلا مقابل 15 ألفا محل بدون ترخيص”.
وشدد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في تقريره الأخير، على أنه “حان الوقت لاعتماد هيئة مستقلة تتوفر على الوسائل والموارد الكافية لإجراء عمليات مراقبة السلامة الصحية للمواطنين”، موضحا أن وجود العديد من المؤسسات التي لا تتوفر على تراخيص صحية وتعرض منتجاتها في الأسواق، يعرض صحة المستهلكين لمخاطر أكيدة وغير متحكم فيها، ودعا تقرير المجلس إلى ضرورة وضع نظام واضح للمسؤوليات، والمراقبة، وتوفير كل المعلومات الأساسية للمستهلك، كالمحتوى، وتركيبة، وجودة المنتجات الغذائية”.
وسجل مجلس الشامي، غياب المراقبة عن مجموعة من الأماكن التي تتضمن مواد غذائية أساسية كأسواق الجملة للفواكه، والخضر، والمذابح التقليدية للدواجن، موضحا ” أنه في سنة 2018، كانـت 8 مجـازر للحـوم فقـط هـي التـي تتوفر على اعتمـاد المكتب الوطنـي للسـلامة الصحيـة للمنتجـات الغذائيـة، وفيمـا يتعلـق بمحلات ذبـح الدواجـن، تـم الترخيـص فقـط ل 27 منهـا، مقابـل أكثـر مـن 15000 محـل غيـر مرخـص، موضحا، أن 8 بالمائة فقـط مـن لحـوم الدجـاج الموجهـة للاستهلاك يتـم توريدهـا مـن الوحـدات التـي تخضـع للمراقبة من أصل 570.000 طن تم انتاجها في 2018.
وأظهر المجلس، في تقريره على أن المدخلات الكيماويـة بمـا فيهـا مبيـدات الآفات، المسـتخدمة فـي المجـال الفلاحي، علــى أهميتهــا لحمايــة إنتاجيــة وجــدوة المحاصيــل، لا يتــم التحكــم فــي اســتعمالها بالقــدر الكافــي طبقــا للمعاييـر المعتمـدة، وبالتالـي تشـكل خطـرا مؤكـدا علـى الصحـة والبيئـة وتسـاهم فـي تدهـور المـوارد المائيـة والنظـم الإيكولوجية الطبيعيـة.
وأفاد المجلس، على أنه يمكن تفسير هذه الوضعية على وجه الخصوص بغياب سياسية عمومية متكاملة لسلامة الأغذية، مما يؤدي إلى العديد من الاختلالات فيما يتعلق بتعدد المتدخلين وتداخل الاختصاصات، وهيمنة القطاع غير المنظم، وانخفاض مستوى متطلبات المستهلكين، وكذا بمحدودية الأدوار المنوطة بالجمعيات المدافعة عن حقوق المستهلك.
ويهدف رأي المجلس ، إلى تحديد السبل الممكنة للنهوض الشامل بالسلامة الصحية للأغذية بالمغرب عن طريق اقتراح حلول واقعية ومستدامة، تتلائم والاكراهات التي تواجه المهنيين والسلطات المختصة المكلفة بالحكامة في هذا المجال، وعلى الصعيد الاقتصادي، من شأن هذه المقترحات ضمام دعم تنافسية الاقتصاد المغربي واندماجه في الاقتصاد العالمي والجهوي.
ودعا المجلس إلى اعتماد ثلاث توصيات استراتيجية من شأنها الارتقاء بالسلامة الصحية للمنتجات الغذائية بشكل كبير، أولها وهي اعتماد سياسة عمومية فعالة ومستدامة للسلامة الصحية للأغذية، والانتقال التدريجي من منظومة الحكامة الحالية القائمة على هيئات متعددة إلى منظومة مندمجة باعتماد بلادنا لوكالة وطنية للسلامة الصحية للأغذية تكون مستقلة وتحت إشراف رئيس الحكومة.
وأوصى المجلس، بأن تتوفر هذه الوكالة على صلاحيات موسعة للمراقبة والتفتيش والجزاء، وهو ما من شأنه تحقيق تحول جذري في اختصاصات وموقع المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية. كما دعا إلى الفصل بين تقييم المخاطر وتدبيرها، عن طريق إنشاء هيئة علمية مستقلة مهمتها الاساسية توفير رأي علمي من أجل ضمان استقلالية ونزاهة وحياد المعلومة المتعلقة بالسلامة الصحية للأغذية.
واقترح المجلس، إدماج أهداف السلامة الصحية للأغذية في عقود البرامج المبرمة بين الحكومة والمهنيين واشتراط منح المساعدات إلى المهنيين، باحترام دفاتر التحملات، وتحسين الشروط الصحية في القطاع غير المنظم في أفق إدماجه في القطاع المنظم، وتعزيز الآليات والوسائل التحفيزية لفائدة صغار المنتجين لمساعدتهم على الاندماج في سلاسل الانتاج الغذائية مع تشجيعهم على اعتماد مقاربة التصديق والمقايسة، فضلا عن التحكم في استخدام المدخات الكيماوية والأسمدة ومبيدات الآفات الزراعية للخد من تأثيرها على البيئة وعلى صحة المستهلكين، بالإضافة إلى تطوير الامكانات التي توفرها الرقمنة بشك كبير من أجل تحسين السلامة الصحية للأغذية.
و أوصى المجلس، بتفعيل الصندوق الوطني لحماية المستهلك، المنصوص عليه في القانون رقم 31.08، وتبسيط المساطر المتعلقة بتخويل صفة المنقعة العامة للجمعيات العاملة في مجال حماية المستهلك، وذلك لتسريع وتيرة تكتلها في إطار جامعة وطنية لحماية المستهلك.
ودعا مجلس الشامي، إلى تبسيط شروط الحصول على الإذن الخاص بالتقاضي، الواردة في المرسوم رقم 18.895، المطبقة على جمعيات حماية المستهلك غير المعترف لها بصفة المنفعة العامة، مؤكدا على أنه يجب إشراك جمعيات حماية المستهلك في الوساطة بين المستهلك ومقدي الخدمات أو السلع.