تصريحات أشرف حكيمي الأخيرة ليست مجرد جمل بروتوكولية اعتاد اللاعبون ترديدها عند الحديث عن منتخباتهم، بل هي نصّ مُحمَّل بدلالات أعمق تكشف الكثير عن مسار المنتخب المغربي وتطلعاته في المرحلة القادمة.
منذ أن استدعاه المغرب وهو لاعب شاب في أكاديمية ريال مدريد، ربط حكيمي نفسه برواية الانتماء قبل الإنجاز. هذا البعد الهوياتي لا يمر مرور الكرام في زمن العولمة الكروية، حيث بات كثير من اللاعبين مزدوجي الجنسية يختارون الانتماء الرياضي بناءً على حسابات مهنية بحتة.
حكيمي، في المقابل، يضع البعد العائلي والثقافي في صدارة اختياره، وهو ما يمنحه شرعية وجدانية لدى الجماهير.
لكن الانتماء وحده لا يكفي. ما يميز حكيمي هو وعيه بأن المرحلة القادمة، وبالأخص كأس إفريقيا التي ستحتضنها المملكة، ليست مجرد بطولة، بل اختبار شامل لقدرة المغرب على التوفيق بين الطموح الجماهيري وضغط الاستضافة.
في كرة القدم، اللعب على أرضك يمنحك أفضلية جماهيرية، لكنه يضاعف سقف التوقعات، ويضع الفريق تحت ضغط ذهني هائل. تصريح حكيمي عن “التعامل مع الضغط” يكشف أنه يقرأ المشهد بعيون قائد، لا مجرد جناح سريع على الخط.
على المستوى الفني، وجوده ضمن قائمة الـ30 مرشحاً للكرة الذهبية يضعه في خانة النخبة العالمية، وهو اعتراف دولي بقدرته على المنافسة على أعلى المستويات. لكن الأهم هو تأثير هذا الاعتراف على صورة المنتخب نفسه.
فحين يملك فريقك لاعباً من هذا الصنف، تتغير طريقة تعامل الخصوم معك، وتصبح المسؤولية مضاعفة على المدرب في استثمار هذه القيمة الفنية والنفسية.
ثم هناك جانب آخر لا يقل أهمية: حكيمي يمثل حلقة وصل بين جيل الحلم المونديالي في قطر 2022، وجيل المستقبل الذي سيحمل لواء المنتخب بعده.
قدرته على نقل ثقافة الفوز والانضباط إلى اللاعبين الشباب ستكون حاسمة إذا أراد المغرب أن يحافظ على موقعه بين الصفوة الإفريقية والعالمية.
الخلاصة أن حكيمي ليس مجرد ركيزة في التشكيلة الأساسية، بل هو عنصر استراتيجي في مشروع المنتخب المغربي، تتقاطع فيه القيادة الميدانية، والقيمة الفنية، والرمزية الوطنية.
ولعل التحدي الأكبر أمامه الآن ليس الفوز بالبطولات فحسب، بل أن يترك إرثاً قائماً على مزيج من الأداء الرفيع والالتزام العميق، ليكون نموذجاً لما يجب أن يكون عليه اللاعب الدولي المغربي.