بعد فترة طويلة من الحجر الصحي امتدت لحوالي ثلاثة أشهر، بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، هبت رياح من الارتياح والتفاؤل لتعم أرجاء الصويرة ومحيطها، مع عودة “شبه عادية” للحياة في حاضرة الرياح واستبشار من ساكنتها وضيوفها، نتيجة الشروع في تنزيل المرحلة الأولى من خطط تخفيف القيود من أجل رفع تدريجي ومشروط للحجر الصحي.
وأبان الصويريون، رغم الأسابيع الطويلة من الانتظار والقلق والصبر المقرونة بإكراهات ذات طبيعة مادية ونفسية لبعض الشرائح المجتمعية المحلية، عن صمود وحس عال من الالتزام الجماعي، واحترام صارم للتدابير الوقائية والصحية التي وضعتها السلطات العمومية.
وقطف إقليم الصويرة ثمار هذا السلوك الحضاري والمثالي المدعوم بتضافر جهود المتدخلين الآخرين (سلطات عمومية ومصالح أمنية بكل فئاتها والصحة المدنية والعسكرية والمجتمع المدني وغيرها)، ليلتحق بالأقاليم التي صنفت ضمن المنطقة الأولى، حيث تم الشروع ابتداء من أول أمس الخميس في تخفيف الحجر الصحي والرفع الجزئي لبعض القيود المفروضة في إطار حالة الطوارئ الصحية، مع السهر على التقيد الصارم بالتدابير الوقائية.
واستبشرت ساكنة الصويرة ومحيطها وتنفست الصعداء عقب تخفيف الحجر الصحي، الذي مكنها، مع اقتراب فصل الصيف، من استعادة حياة “شبه عادية”، والتي ستأخذ بعض الوقت حتى تسترجع شكلها القديم، في انتظار أيام أفضل يزول معها الفيروس إلى الأبد.
وهكذا، بدأ سكان الصويرة، ممن يعشقون رياضة المشي أو ركوب الدراجات الهوائية، بعد أسابيع قضوها داخل منازلهم، في ممارسة هواياتهم المفضلة من جديد بمحاذاة شاطئ المدينة، وذلك تحت الأعين الحارسة لقوات الأمن التي تسهر على معاينة مدى تقيد الساكنة بالسلوكيات الوقائية كارتداء الكمامات الواقية واحترام التباعد الجسدي والتنظيف المستمر لليدين بالسائل المعقم.
وبالمناسبة، عبر بعض من ساكنة المدينة، في تصريحات استقتها وكالة المغرب العربي للأنباء، عن سعادتهم الكبيرة بالخروج مجددا وممارسة الرياضة في الهواء الطلق، بعد أسابيع طويلة من الحجر الصحي، داعين إلى “اليقظة” والمسؤولية الفردية والجماعية من أجل تفادي أي ظهور جديد لكوفيد-19 بالإقليم، الذي لم يسجل سوى خمس إصابات مؤكدة بالفيروس (أربع حالات شفاء وحالة وفاة واحدة)، وذلك بفضل المقاربة الاستباقية للحكومة تحت القيادة المستنيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس والجهود الدؤوبة للسلطات المحلية.
واستبشرت فئات أخرى من الساكنة، آباء وأمهات رفقة أبنائهم أو مسنين، بتدابير تخفيف الحجر الصحي، وقاموا بجولة بكورنيش المدينة أو بعض حدائقها، قصد الاستفادة من أشعة الشمس التي غابوا عنها خلال فترة الحجر الصحي.
وسجل عدد من الآباء ارتياحهم وعبروا عن أملهم وتفاؤلهم إزاء هذا القرار، خاصة بعد فترة حساسة وطويلة خلفت آثارا اقتصادية واجتماعية ونفسية، لاسيما على الأطفال الذين وجدوا صعوبات في التكيف مع هذه الوضعية الاستثنائية، عندما حرموا من الخروج أو اللعب بكل حرية كما كان الأمر أشهرا قبل ذلك.
وفي نفس المنحى، لم يخف مسنون ، سرورهم إزاء الرفع الجزئي للحجر الصحي، مع حث مجموع المواطنين على اليقظة والصبر والحذر لاستعادة سريعة للحياة في شكلها العادي قبل (كوفيد-19).
وبالنسبة للشباب، فقد أكدوا في تصريحات مماثلة، أن بداية رفع الحجر الصحي يشكل “نفسا جديدا” على درب العودة لحياة عادية ولا يمثل في أي حال من الأحوال تراخيا أو تهاونا، مشددين على أهمية مواصلة اليقظة والتقيد خلال هذه الفترة “الانتقالية” بالسلوكات الحاجزية “لضمان صحتنا وصحة الآخرين”.
وأشادوا في هذا السياق، بإمكانية الخروج مجددا للترويح عن النفس والاستفادة من أيام الصويرة المشمسة عادة، مع مواصلة التعليم عن بعد، وتحضير وإعداد البعض منهم، لاختبارات البكالوريا المزمع تنظيمها في يوليوز المقبل.
من جانبهم، نوه مواطنون أجانب مستقرون بمدينة الصويرة، بتخفيف تدابير الحجر الصحي، بعد فترة طويلة من العزل الصحي، مشيدين بالسلطات المغربية وتفانيها وإخلاصها وبذلها لتضحيات يومية، قصد السهر على صحة وأمن كل مواطن مغربي أو أجنبي في هذا الجزء من التراب الوطني.
وتميزت أول أيام تخفيف الحجر الصحي بحاضرة الرياح بعودة تدريجية للحركة المرورية مع رفع للسدود القضائية الموضوعة ضمن مختلف النقاط المحورية للمدينة، واستئناف النقل العمومي الحضري بنسبة 50 في المئة، وكذا إعادة افتتاح متاجر القرب وبعض المقاهي والمطاعم التي عملت بخدمة الطلبات المحمولة والتوصيل.
وفي نفس السياق، استأنف أصحاب المهن الحرة والمهن المماثلة أنشطتهم بعد توقف “قسري” لحوالي ثلاثة أشهر، مما أثر بشكل قوي على مورد رزقهم في ظل هذه الظرفية الاستئنائية الناجمة عن فيروس كورونا.
ويرى العاملون أن استئناف الأنشطة ولو على “استحياء”، الذي يجري في احترام لقواعد السلامة الصحية والوقاية، سيمكنهم من تأمين حاجيات أسرهم، مشددين على ضرورة احترام التوجيهات وتدابير السلامة الصحية التي تشكل حاليا أفضل حاجز للانتصار على الفيروس.
وإذا كانت أولى بوادر العودة التدريجية للحياة الطبيعية قد حلت بحاضرة الرياح ومحطيها، فإن مكونات المجتمع الصويري تظل واعية بأهمية الحذر واليقظة القصوى والاتزام الفردي والجماعي، في القادم من الأيام والأسابيع، قصد المضي قدما في المعركة المستميتة ضد الوباء والانتصار عليه.