ما كنا نتوقع أن تخصص لوموند ديبلوماتيك صفحتين للمغرب في زمن كورونا، وكنا نعتقد أن ميولها اليسارية ستدفعها للبحث عن مخارج لأزمة الرأسمالية العالمية بدل التحرش ببلد يقاوم بشجاعة نادرة فيروس كورونا، فمن غير المفهوم أن تخصص صحيفة اتخذت طابعا يجمع بين الصحافة والتوجه شبه الأكاديمي كل هذا الحيز لبلد لا يتصدر الأخبار اليوم فيما يتعلق بالجائحة.
لو خصصت الصحيفة الشهرية هذا الحيز للصين أو إيران أو أمريكا اليوم، التي تتربع على عرش المصابين بفيروس كورونا، أو فنلندا التي لم تسجل أي حالة لحد الآن، لكان الأمر مفهوما ومستساغا، وبالتالي يبقى السؤال معلقا: من دفعها لهذا الفعل؟ بل من دفع لها من أجل هذا الفعل؟ نطرح هذه الأسئلة لمجرد الإحراج لأننا نعرف أنها تتلقى حدبا سخيا من “جمهورية الكمون”.
لا يمكن منطقيا التحرش ببلد استطاع المزاوجة، ولو في الحد الأدنى، بين قانون الطوارئ الصحية والحجر الصحي، واحترام حقوق الإنسان، إذ لم يتم التساهل مع الحالات النادرة من رجال الأمن والسلطة التي تعاملت بسوء مع المواطنين أثناء تنفيذ حالة الحجر الصحي وبقاء الناس في بيوتهم.
لقد ظلت الدولة المغربية حريصة على التعامل مع من يخرق قانون الطوارئ الصحية بالقوانين الجاري بها العمل، ولم يتم اللجوء إلى وسائل خارج ما يحدده القانون، احتراما لدولة المؤسسات التي رسّخها المغرب ومستمر في تركيزها وتطعيمها.
لقد اتخذ المغرب مجموعة من الإجراءات الصارمة منذ بداية انتشار الفيروس القاتل، الذي حيّر دول العالم بمن فيها تلك التي كانت تتبجّح بتوفرها على منظومة صحية متطورة، والمغرب لا يدعي شيئا غير ما يملك ولم يزعم أحد أن منظومتنا الصحية لم تكن تعرف بعض الاختلالات.
لكن في التعامل مع كورونا لم يكن هناك أي تقصير في أي مجال من المجالات. من البداية أمر جلالة الملك الحكومة بالاستعداد لأي مرحلة جديدة إن اقتضى الحال ذلك، وتم إنشاء صندوق مكافحة جائحة كورونا، وساهم فيه متبرعون كبارا وصغارا، وتم تجهيز منظومة صحية متفاعلة مع تطور فيروس كورونا وحالات الإصابة المؤكدة.
ظهرت في هذا الواقع بعض الأصوات النشاز، وتم بث فيديوهات يزعم أصحابها أن الوضع التطبيبي لضحايا فيروس كورونا مزري، وتبين فيما بعد أن الأمر يتعلق بآلاعيب وأكاذيب، خصوصا وأن سيدة من سطات كانت سجلت فيديو من قسم المستعجلات مدعية أنه مكان الحجر الصحي لمرضى فيروس كورونا، قائلة إنه لا يوجد حجر صحي وأنه لا توجد تغذية، وعادت في فيديو آخر لتعتذر للمغاربة وتقول إنها ليست مريضة أصلا فقط شكت وجاءت للمستشفى الذي توجد فيه صديقتها المصابة.
دون أن ننسى الفرنسي، الذي تعافى بمراكش، والفرنسية التي سجلت فيديو حيث تعافت بأكادير، وشكرت الطاقم الطبي، وقالت إن ظروف العلاج هنا بمستشفى الحسن الثاني بأكادير مشابهة لما يوجد عندنا هناك بفرنسا، وهذه نماذج من بلد “لوموند ديبلوماتيك”.
هذه الفيديوهات نسختها فيديوهات أخرى لمرضى يعالجون وآخرون تم تعافيهم يفضحون هذه الادعاءات، حيث يتلقى المرضى عناية كبيرة يضاف إليها اليوم تكليف جلالة الملك للممون شهير بالتغذية لهؤلاء. لكن بي بي سي وقنوات أخرى وصحف لا يعجبها الحال، مثلما فعلت لوموند ديبلوماتيك، التي للأسف الشديد اعتمدت على تصريح سيدة، لا نعرف مدى حقيقته، تقول إن الإدراة فاسدة. نحن نعرف أكثر من غيرنا أنه توجد حالات من هذا النوع، لكن التحقيق لا يلتقط حالة من الشارع ويبني عليها موقفا.
يبقى أن الصحيفة قالت إن السلطة تتعامل مع المغاربة كحشرات، وبما أننا لا نقبل على أنفسنا هذا الوصف نطلب ممن يعنيهم الأمر من سلطة وقضاء ومجتمع مدني رفع دعاوى قضائية ضد هذه الصحيفة.