أعلنت مديرية علم الأوبئة لوزارة الصحة، عن تخوفها من تفاقم حالات العدوى بفيروس كورونا بثلاث جهات بالمغرب ، وارتفاع أعداد المصابين بمجموعة من البؤر المهنية والصناعية، بجهة الدار البيضاء وجهة مراكش وجهة طنجة تطوان، بعدما سجلت التطورات المبيانية غياب مؤشر نقصان الحالات، فيما تمكنت عدد من الجهات من تسجيل صفر حالة خلال الأيام الماضية، ودعا ت المديرية الى التوجه نحو فرض مزيد من الإجراءات الاحترازية وتشديد حالة الطوارئ.
و تواصل عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد الارتفاع في بلدنا، ولم يعد يفصلنا عن 20 ماي تاريخ انتهاء مدة حالة الطوارئ الصحية سوى أسبوعين، لكن في الوقت نفسه يواصل المؤشر المرتبط بحالات الشفاء المسجل يوميا الارتفاع، أما مؤشرا معدل الفتك، ونقل العدوى انخفضا في الفترة الراهنة بالمقارنة مع الفترة التي بدأ فيها الوباء الانتشار في بلدنا.
و أكد الطبيب الاختصاصي في علم الأوبئة بالمركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني، وأستاذ بكلية الطب بفاس نبيل تشفوتي، الذي حل ضيفا على قناة ميدي 1 تيفي مؤخرا، أن التمظهر الوبائي ببلدنا أصبح إيجابيا على الرغم من ارتفاع عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا.
وزاد تشفوتي موضحا أن العدد المسجل يوميا لحالات الإصابة بالفيروس يتجه نحو التثبيت، أي في اتجاه التسطيح، مضيفا أن هذا المنحى كان يتجه نحو التسطيح في نهاية الأسبوع الأول من شهر أبريل لكن بعدما عرف المغرب عددا من بؤر الوباء، أعطت ارتفاعات تسمى في علم الوبائيات بموجات تدريجية أو تصاعدية، أدت إلى موجة تصاعدية في المنحنى الخاص بعدد الإصابات، وخلفت ارتدادات في الأيام التي تلتها.
وخلص تشفوتي بهذا الخصوص، إلى أنه كلما “قضينا على البؤر كلما اتجهنا نحو التسطيح في أفق بداية النزول، وكلما ظهرت بؤر جديدة، كلما تلتها موجات تدريجية أو تصاعدية في المنحنى المذكور.
واشترط الطبيب الاختصاصي في علم الأوبئة، أنه لكي نحافظ في بلدنا على تسطيح هذا المنحنى، التزام عموم المغاربة بشكل صارم وحازم بضوابط الحجر الصحي وباقي الإجراءات الاحترازية التي أقرتها السلطات العمومية.
وبخصوص معدل الحالات التي تتماثل للشفاء في المغرب اليوم، قال المتحدث ذاته إنه جد إيجابي حيث وصل إلى 33 في المائة، مفيدا أنه أكبر من المعدل العالمي الذي يتراوح ما بين 31,5 و 31,6 في المائة، مع العلم أن الوباء عندنا بدا “معطل بزاف” مقارنة بعدد من الدول، ورغم ذلك وصلنا بسرعة الى تحقيق هذه المعدلات التي كان الوصول إليها يحتاج إلى وقت طويل، يضيف تشفوتي.
وأكد الأستاذ بكلية الطب بفاس، أن المغرب نجح في ترجمة حزمة الإجراءات والتدابير التي اتخذها، منذ وسط شهر مارس بشكل فعال، قائلا “نحن الآن نجني ثمار هذه الإجراءات”، مضيفا إننا استطعنا أن نؤخر الوصول إلى الذروة، لأنه حين نقارن مثلا المدة التي استغرقتها كل من دولتي المغرب وإسبانيا في الانتقال من 100 إصابة إلى 5000 إصابة، نجد أن هذه المدة تبلغ في المغرب شهر ونصف، في حين لم تتجاوز 15 يوما في إسبانيا، “مما يعني أنه كان لدينا المتسع من الوقت” لكي تتأقلم منظومتنا الصحية مع الوضعية الوبائية، حيث تمكنت من الرفع من قدرات الرصد، والعلاج والتكفل بالمرضى، والتشخيص، “وهذا ما أدى إلى كون 85 في المائة من الحالات التي يتم تشخصيها اليوم بدون أعراض”.
وبالنسبة لمؤشر نقل العدوى الذي يتراوح اليوم في المغرب ما بين 1,04 و 1,07، قال تشفوتي إنه في بداية الوباء في المغرب كان هذا المؤشر يساوي 2، وهذا يعني أن المريض يستطيع أن يصيب شخصين في المتوسط، وهو ما جعل المنحى في البداية تصاعديا، وتتدخل في هذا المؤشر ثلاثة عوامل، وهي المدة التي يستطيع فيها الإنسان نشر العدوى، ثانيا احتمال انتقال العدوى من شخص مريض إلى شخص غير مريض، والعامل الثالث هو عدد المخالطين للمصاب.
وتابع تشفوتي، أن الإجراءات التي اتخذها المغرب لمحاصرة هذا الفيروس، تروم التحكم في هذا المؤشر انطلاقا من هذه المحددات، لذلك ينبغي على المواطن أن يقوم بدوره من جهته في التحكم في هذا المؤشر بالالتزام الصارم بالإجراءات التي أقرتها السلطات العمومية، خصوصا الإجراءات الحاجزية.
وأضاف تشفوتي أن هذا المؤشر انتقل من 2 في منتصف شهر مارس، ووصل 1,2 في منتصف أبريل، بفضل التدابير الاحترازية التي اتخذها المغرب، قبل أن يرتفع بشكل طفيف بعد ذلك، مشيرا إلى أن هذا المؤشر يقترب من 1، ولكن أي إخلال مهما كان بسيطا بالإجراءات المذكورة قد يعيدنا الى ما كنا عليه في البداية.
و أكد منشور حديث لمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد تحت عنوان ” استراتيجية المغرب لمواجهة (كوفيد-19)” أن تصدي المغرب للجائحة طبعه الوضوح، كما أن استجاباته جاءت في مستوى الرهانات التي تطرحها هذه الأزمة الصحية.
وأبرز أصحاب المقال أنه تم وضع خطة للعمل للحد من تداعيات فيروس كورونا المستجد ترتكز على ثلاثة محاور أساسية، تتمثل في الصحة والاقتصاد والنظام الاجتماعي، مشيرا إلى أن مساهمة المؤسسات العمومية، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني في كل مجال من هذه المجالات مكنت من الحد من الأضرار وتحقيق نوع من السيطرة على الوباء إلى حد الآن.
وأوضحوا أن المغرب اتخذ، على صعيد الاستجابة الصحية، إجراءات سريعة للغاية تهم الحد من نطاق انتشار عدوى الوباء، حيث تم إنشاء مراكز قيادة لتتبع الحالة الوبائية على مستويات ترابية ملائمة قصد ضمان المراقبة والتنسيق مع المصالح الصحية التي تعمل على تشخيص الوباء وتحديد موقعه.
وذكر المصدر نفسه بأن إجراءات من قبيل إغلاق الحدود، وحظر التجمعات، وإغلاق المدارس، وكذا اتخاذ تدابير صارمة تشجع على الحجر الصحي الطوعي ثم الإلزامي، عززت هذه المبادرة.
و عملت الدولة على زيادة وتطوير قدرات المستشفيات وتحسين ظروف استقبال المرضى في مدن المغرب المختلفة، لا سيما المدن ذات الكثافة السكانية العالية الأكثر عرضة للإصابة.
وأوضح المقال أنه تمت الاستعانة بمستشفيات ميدانية عسكرية تمت إقامتها في المدن أو في ضواحيها قصد تعزيز المنظومة الطبية المدنية من حيث عدد الأسرة ومعدات العناية المركزة، مردفا أنه تم استيراد مجموعات من المعدات الطبية والصحية على وجه السرعة، وتم تعميمها تدريجيا على المؤسسات الصحية، كما تم توفير مخزون من الأدوية، لا سيما عقار “الكلوروكين” الذي تنتجه مجموعة لصناعة الأدوية تتخذ من المغرب مقر لها.
و تمت الاستعانة بالمقاولات المغربية المتخصصة في صناعة المعدات الطبية (أجهزة التنفس الاصطناعي ومعدات المستشفيات) عن طريق اعتماد إجراءات مسرعة، في حين تمكنت المقاولات الصناعية من تكييف خط إنتاجها بهدف إنتاج أجهزة تنفس اصطناعي وتأمين إنتاج الكمامات.
واعتبر كاتبو المقال أن التكفل بالمرضى، وإشراك الفاعلين في المجتمع المدني، وسياسة التواصل الملائمة للظرفية، كلها عناصر مكنت المغرب، من وجهة نظر صحية، من الحد من تأثير الجائحة.
أما على الصعيد الاقتصادي، فقد ارتكزت استجابة المغرب على إنشاء صندوق خاص، بمبادرة من جلالة الملك محمد السادس، خصصت له عشرة ملايير درهم، بهدف مواجهة تداعيات كورونا. وقد تم، إلى غاية 9 أبريل المنصرم، جمع ما يقرب من 34 مليار درهم من المساهمات قدمتها مؤسسات عمومية وخاصة، فضلا عن المبادرات الشخصية للمواطنين.
وأبرز منشور مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد أن الصندوق الخاص يروم تعزيز قدرات المنظومة الصحية وتغطية التكاليف الصحية الناجمة عن الوباء، مشيرا إلى أن الصندوق سيدعم كذلك الاقتصاد في مواجهة الركود الاقتصادي المحتمل، علاوة على الحفاظ على الوظائف وتخفيف التداعيات الاجتماعية للأزمة من خلال الدعم المباشر للفئات المتضررة.
و دعت السلطات العمومية جميع الإدارات والمقاولات والمؤسسات العمومية إلى ترشيد النفقات، باستثناء قطاعات الصحة والتعليم والأمن الوطني.