قال عبد العالي حامي الدين، القيادي في حزب العدالة والتنمية، على صفحته بفيسبوك إن “عبد اللطيف وهبي يحاول أن يبني شرعية جديدة لحزب الأصالة والمعاصرة الذي يجر وراءه خطيئة النشأة..” وعدّد حامي الدين كثيرا من الأخطاء أو الجرائم بتعبيره التي ارتكبها الحزب وعلى وهبي أن يصفيها كتركة تسم نشأة هذا الحزب.
ماذا يريد حامي الدين من إثبات خطيئة النشأة بحزب البام؟ يسعى إلى أن يجعل منها معيارا على أصالة نشأة العدالة والتنمية. وهذا خطأ. نحن لسنا في عملية رياضية تفيد حتما أن ضد “السلبي” إيجابي أو عكس الأسود أبيض..قد تختلف الألوان لكن في النشأة قد يكون هناك تشابه كبير.
يحاول أبناء العدالة والتنمية تصوير القصة أنها مرتبطة بالنشأة لا غير..بينما في نظري هي مرتبطة بالوظيفة. يقولون إن هذا الحزب أسسه صديق الملك وينسون أن حزبهم أسسه صديق الملوك الثلاثة، وبالتالي فإن تشابه النشأة يضعف حجة الخصمين في أي معاركة.
مرة قال عبد الإله بنكيران، الزعيم المعزول، إن الأحزاب التي خرجت من رحم الشعب أربعة: الاتحاد الاشتراكي والاستقلال والتقدم والاشتراكية والعدالة والتنمية. لم يرف له جفن وهو يقول ذلك بحضور العنصر، أمين عام الحركة الشعبية. إذا كانت الأحزاب الثلاثة نشأت فعلا وفق منطق التاريخ وارتبط ميلادها بحاجة مجتمعية وانبثاق نخب استطاعت أن تعبر عن وجهات نظر تعكس تطور المجتمع فالعدالة والتنمية له نشأة خاصة..حركة إسلامية، تنتمي للوهابية السرورية، قررت ممارسة العمل السياسي فتم إدماجها في حزب الدكتور الخطيب. وكرّر الكلام نفسه حامي الدين في مناسبة أخرى.
فهل كانت حاجة المجتمع إلى تدين وهابي سروري أم كانت حاجته حينها إلى الحرية والخبز؟
مفهوم “خطيئة النشأة” غامض ولا يمكن تطبيقه بشكل صارم وإلا سنضطر إلى إلغاء كثير من التشكيلات السياسية. هو دور يمكن أن يقوم به المراقب والمؤرخ والمشتغل بعلم الاجتماع السياسي لكن أن ترفعه الأحزاب في وجه بعضها فقد تنتهي كلها إلى أن كل واحدة منها لها نصيب من “خطيئة النشأة”.
من الصعب أن تجلس فوق كرسي لا تستحقه وتوزع الأحكام وتلقي الدروس..المحاسبة حول “خطيئة النشأة” تقتضي البدء أولا بأول.
ما يقوم به أبناء الحزب الإسلامي هو محاولة كتابة التاريخ من جديد. كتابة تاريخ يتوافق مع ما وصلوا إليه. تاريخ يصورهم أبطالا في الماضي. تاريخ لا يذكر أن بنكيران كان صديقا للضابط الخلطي وأن الرميد كان صديقا لوزير الداخلية الأقوى في تاريخ المغرب إدريس البصري. تاريخ لا يكون فيه حامي الدين متهما في جريمة قتل في حق مناضل ابن الشعب. تاريخ يقول فيه بنكيران “إنه لا يهمه رضى الملك” لكن يمحو منه أنه كان يخاف من “مقدم الحومة”.
لكن من سوء حظ أبناء الحزب الإسلامي أن هناك من يراقب عملهم ويتتبعه خطوة بخطوة ضمانا لوجود تاريخ مواز للتاريخ الذي يكتبونه اليوم.