بعد أن صدر قرار السلطات العمومية بتخفيف شروط الحجر الصحي عن عموم المدن المغربية، وفتح الأماكن العمومية مع اتخاذ التدابير الاحترازية، والتمييز بين المنطقة واحد والمنطقة الثانية، ارتفعت مجموعة من الأصوات منددة بقرار استمرار غلق المساجد، وذهب البعض إلى الحديث عن المؤامرة.
لماذا لا نستطيع النقاش بهدوء؟ تبقى بالنتيجة المساجد أيضا من الفضاءات العامة. وهي ضرورة للعبادة باعتبارها تضمن الجماعة والجمعة. ولا يمكن الجدال في ذلك بتاتا..وإذا كنا لا نجادل في ضرورة فتح المسارح والمتاحف وغيرها من الأماكن العمومية، التي تؤدي وظيفتها في المجتمع فكيف يمكن لمعترض أن يعترض على المساجد..لكن “للضرورة أحكام” كما تنص على ذلك كل الشرائع. والعرف حاكم أيضا، والعرف بتعبيرنا المعاصر هو السوسيولوجيا.
طبعا ليس بالخبز وحده يعيش الإنسان، ولكن يعيش أيضا بالرموز، والمساجد بأبعادها الروحية أهم رموز البلد. لكن هناك نقاش مغلوط حول فتحها أو استمرار إغلاقها؟
استشكل البعض قائلا: لماذا تم فتح المقاهي والمطاعم وغيرها ولم يتم فتح المساجد وهي أقل ضررا؟ وذهبوا إلى أن الإصابة في هذه الأماكن أكثر منها في المساجد.
نحن هنا لدينا نقطتين لا ثالث لهما سنحتج بهما على من يريد فتح المساجد قبيل أن يتحدث أهل الاختصاص في الموضوع.
الإشكال الأول: هو أن صاحب المقهى أو المطعم أو أي مكان عمومي مسموح له بفتح أبوابه ابتداء من الخميس المقبل، مفروض فيه أن يوفر شروط الوقاية الصحية لزبنائه، وللمكان والفضاء. بينما مفروض في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أن تعقم المساجد خمس مرات في اليوم. لا يمكن أن يسجد إثنان في مكان واحد، وبالتالي ستكون الكلفة مضاعفة. نحتاج الملايين من أجل التعقيم.
لنفترض أن الوزارة تكلفت بذلك وكما قال البعض إنها ميزانية عامة وبالتالي من الواجب عليها أن تقوم بهذه المهمة..لا غبار في ذلك ومن واجب الوزارة التكلف بتدبير شؤون بيوت الله.
لكن كيف نضمن التباعد الجسدي في المسجد؟ فرغم وجود بعض الفتاوى لدى المالكية التي تبيح التباعد أثناء صلاة الجماعة، إلا أنه هنا سيطرح إشكال آخر.
إذا كانت هناك وسيلة لضبط عدد زبناء المقهى أو المطعم أو مكان الحلاقة المسموح لهم بالدخول، هل بمستطاع أحد أن يمنع واحدا من خلق من دخول المسجد؟ لا يمكن فرض عدد محدد لدخول بيوت الله، ولا توجد وسيلة لضبط ذلك، وبالتالي سيكون الأمر مرعبا فحتى المسجد الذي يتسع لعدد معين قد يتجاوزه.
لماذا يخاف الناس من الرخصة التي وهبها الله للمسلمين؟ وتأكد أنه في العهد الإسلامي الأول وزمن القرب من الرسالة وقعت جوائح وتم إغلاق المساجد خوفا من الموت. فحفظ النفس أولى الأولويات وأم المقاصد كلها وأرقاها ودونها لا يمكن قيام دين ولا دنيا..فلماذا كل هذا اللغظ على أمر يحتاج الفتوى التي تبرئ غير العالم ويبقى تقليدها على الفقيه؟