اختلطت على الأحزاب السياسية المعركة ضد فيروس كورونا المستجد بالانتخابات التي أصبحت على الأبواب، وهكذا هي الحكومة باعتبارها مشكلة من الأحزاب السياسية. فهي تتخذ القرارات، التي تظهر للشعب ارتجالية، ولا تريد أن تتحمل مسؤوليتها بالنتيجة. فالعثماني هو رئيس الحكومة وهو الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، يروج عبر أتباعه وأشايعه ومن والاه أن الحكومة لم تتخذ هذا القرار وأن جهات أخرى هي من اتخذته.
كنا على عهد بنكيران نسمع بالتماسيح والعفاريت، وهي الجهة الغامضة التي ألصق بها بنكيران كل شيء، وعندما يقال له تحمل مسؤوليتك في اتخاذ القرارات من خلال الصلاحيات التي منحك إياها الدستور يقول “إلى بغيتو رئيس حكومة يصطدم مع الملك راه ماشي أنا”، وهي كلها عناوين كان يعلق عليها الرئيس المعزول فشله في تدبير الشأن العام، وتعلم منه خلفه العثماني قصة تعليق فشله على جهات غامضة، غير أنه اختار أن يقولها عبر الكتائب.
اتخذت الحكومة مساء أول أمس قرار إغلاق ثماني مدن مغربية، وبما أن القرار كان من نتيجته الازدحام على الطرقات، وارتفاع أسعار السفر بشكل كبير، ولسنا ممن يرفض القرار على إطلاقه أو يقبله على إطلاقه، خصوصا وأن القرارات أحيانا ترتبط بمعطيات ومعلومات غير متكاملة عند من يحلل المشهد.
من الناحية القانونية لا يمكن إنكار قانونية هذا القرار ما دامت الحكومة بيدها قانون الطوارئ الصحية، المستمر إلى غاية 10 غشت المقبل، لكن هناك بعض الأمور المحيطة به مثل الصياغة التي جاء بها حيث تم تحميل المسؤولية كاملة للمواطن، بينما يقتسمها الجميع، الحكومة والباطرونا والمواطن أيضا، رغم أن المسؤولية الكبيرة هي على عاتق الحكومة باعتبارها مسؤولة عن إنفاذ القانون وتطبيقه، سواء تعلق الأمر بالمواطن، الذي لم يلتزم قانون الطوارئ الصحية والحجر الصحي أو الوحدات الانتاجية التي لم تلتزم بقواعد السلامة الصحية وتحولت إلى بؤر تنتج المصابين بفيروس كورونا المستجد.
لكن العدالة والتنمية الذي يريد أن يتخلص من المسؤولية باعتباره هو من يقود الحكومة، ويريد إلصاقها في جهات مجهولة، يمارس التغليط بل يمارس أبشع السلوكات التي تنزع الثقة عن المؤسسات. عمليا وقانونيا ودستوريا الحكومة هي المسؤولة عن تدبير الشأن العام، والبيان الصادر بإغلاق ثماني مدن، وقعه وزير الداخلية ووزير الصحة، ومعروف أن وزارة الصحة هي التي تأمر بالإغلاق أو الفتح لأنها هي من يحدد الوضعية الوبائية ووزارة الداخلية توقع لأنها منفذ للقانون، ومن الأدوات التي وضعها الدستور رهن إشارة الحكومة، ولا نعتقد أن وزير الداخلية، لم يستشر رئيسه المباشر أي رئيس الحكومة، وهذا الأخير نفسه عبّر أكثر من مرة عن أنه هو من يتولى تدبير أمور كورونا.
الحكومة كيان معنوي ورئيسها هو منسق عملها، وبالتالي القرارات التي يوقعها وزير الداخلية ووزير الصحة هي قرارات الحكومة والعثماني يتحمل كامل المسؤولية فيها، وأحيانا تكون القرارات قاسية لكنها ضرورية، وهنا وقف حمار الانتخابات في العقبة الأحزاب لا تريد القرارات القاسية لأنها تحرجها مع المواطن، الذي ترى فيه صوتا انتخابيا.