علمتنا “كورونا” أن اقتصاد الندرة أهم من اقتصاد الوفرة بالنسبة للبلدان قليلة الموارد. ويقتضي هذا المفهوم ضبط معنى الحاجات. الخروج من الأزمة وبداية حياة جديدة يعني بداية دورة اقتصادية جديدة. وبداية دورة جديدة يحتاج عدة مختلفة.
في تبرير تخفيف تدابير الحجر الصحي نقرأ عنوانا جيدا “من أجل إنعاش الاقتصاد الوطني”. لكن العنوان قد يكون مغلوطا. قد تعثر على العنوان لكن لما تدخل الدار تفترسك الكائنات الغريبة. وقد يكون العنوان مجرد مصيدة لجرك إلى حتفك. في حالتنا قد يكون مجرد “دعوة” للباطل في صفة الحق.
لا جدال حول دور الاقتصاد في حياة أي مجتمع. ولا يمكن أن نبقى طوال الوقت حبيسي البيوت. فكثير من الناس لا عهد لهم بالشبع قبل كورونا ناهيك عن زمن كورونا. إذن كان يلزم أن نخرج لكي نعيش.
لكن الخروج العشوائي قد يكون مضرا ليس فقط بالمواطن ولكن بالدورة الاقتصادية نفسها. لا أزعم أني أفهم في هذا المجال. ولكن في الحد الأدنى ينبغي الموازنة بمنطق لا ضرر ولا ضرار.
لا يمكن الإبقاء على الإغلاق. فالمقاولة تتضرر ويتضرر معها العامل. وتتضرر معها كثير من المصالح. فدورة الاقتصاد هي إنتاج ومعاملات. تنتج قيمة ما. والميزانية العامة يتم تمويلها من هذه العملية. هناك سوق وسلع تباع وأناس مرتبطون بهذه العجلة. بمعنى هناك منتوج لفائدة الدولة والمجتمع.
لكن المشكل أين يكمن؟
بؤرة واحدة أعطتنا أكثر من ألف مصاب بفيروس كورونا..وما زال العداد مفتوحا..كل هذه المصيبة كي يجني صاحب الفراولة محصوله. في مراكش خرّجت لنا بؤرة صناعة الثوب العشرات..أحد المناضلين أتعب نفسه من الصياح والضراخ اليومي قبل انفجار البؤرة..نامت السلطة وهي ترى هؤلاء لا ينتجون الثروة، التي يمكن أن يصل خيرها إلى الجميع..بؤر لا تصنع القيمة، ولكن قيمتها في الاستهتار بالقانون.
الصور والفيدويهات المسربة من أحد البؤر تقول إن الوضع لا يعجب. وضع لا ينبغي قبوله في الزمن العادي بله أن يتم قبوله في زمن كورونا. ازدحام العاملات بشكل مهين.
هذه الحركة الاقتصادية ضرورية للحياة لأنه تنتج الثروة. لكن ما فائدة الثروة إن كانت ستقوم بتفريخ هذه البؤر؟
وحدات إنتاجية تقوم بصناعة منتوج الذي يعود على الخزينة العامة في النهاية بمردود مالي، غن لم يكن منضبطا بالمعايير ستخسر خزينة الدولة أكبر من ذلك بكثير من أجل علاج المصابين.
الدخان يعتبر من أهم القطاعات مردودية، سواء بالنسبة للشركات أو بالمسبة للميزانية العامة في أغلب البلدان. لكن الخسائر التي يخلفها أكبر من ذلك بكثير. فعلاج المصابين يحتاج تحليلات تساوي مبالغ مالية معروفة اليوم في السوق الدولية ناهيك عن تكاليف علاجهم اليومي، وكل ذلك يستخلص من الميزانية العامة، وبالتالي سنؤدي نحن دافعي الضرائب أضعاف ما قدمه صاخب المعمل.
لهذا هناك الدورة الاقتصادية التي تنطلق من الأزمة نحو آفاق الإنتاج وهناك الدورة في الفراغ.