مثلما يسير المغرب بسرعتين في مجالات التنمية وغيرها فإنه في الديمقراطية أيضا يسير بسرعتين.
لقد وصل الباروميتر العربي للديمقراطية إلى خلاصة مفادها أن الديمقراطية في المغرب ما زالت تحظى بالدعم الشعبي.
“رغم تآكل الثقة بالمؤسسات السياسية وانهيار الآمال التي كانت معقودة على الربيع العربي، لا يزال أغلب مواطني منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يعبّرون عن دعم قويّ للديمقراطية. ففي تونس، حيث أقال الرئيس قيس سعيد رئيس الوزراء وجمّد عمل البرلمان قبل أن يحلّه لاحقاً، رأى ثمانية من أصل كلّ عشرة مشاركين في الاستطلاع أنّ الديمقراطية أفضل أشكال الحكم. وينسحب هذا الرأي على دول أخرى مثل الكويت والأردن والمغرب وموريتانيا والعراق وفلسطين. حتّى في لبنان الذي يواجه أزمات سياسية واقتصادية خانقة، لا تزال شريحة واسعة من السكّان متمسّكة بالحكم الديمقراطي، رغم تراجع طفيف في الدعم له في السنوات الماضية”.
هذه الفقرة التي قدم بها المحققان تقريرهما دالة على المعايير المعتمدة.
نعم لقد تقدم المغرب نقطا كثيرة في هذا المجال، وهو يسير بسرعة مقدرة ومحترمة دوليا. هذا المغرب نفسه تأخر في أحد عناوين الديمقراطية، ألا وهو الممارسة الحكومية.
لقد سلك المغرب مسارا متصاعدا، تم تتويجه بدستور 2011، الذي يعتبر دستورا “ثوريا” جاء معززا للديمقراطية، التي اتخذ منها المغرب عنوانا منذ الاستقلال، لكن بعد هذا التاريخ أصبحت الديمقراطية من الخيارات الثابتة التي لا محيد عنها، ولا يمكن التراجع عنها، حتى ذهب الأمر بالبعض مذهبا لتأكيد على أنها ثابت رابع بعد الثوابت الثلاثة “الله، الوطن، الملك”.
وهذا التتويج جاء تجسيدا للاستجابة الملكية السريعة لمطالب الشباب، فيما أصبح يعرف بثورة الملك والشعب الثانية، وهو قدر المغرب أن يسير دائما بهذه الثنائية، وهو ما لاحظناه أيضا خلال الحراك الشبابي المعروف بـ”جيل زيد”، حيث تعاملت معه الحكومة بسخرية وزرائها، بينما جاء المجلس الوزاري برئاسة جلالة الملك ليقدم إجابات عملية عن مطالب الشارع، التي تنكرت لها الحكومة.
وتأكيدا على تعزيز الديمقراطية، فإن المجلس الوزاري وبعد أن قدم اقتراحات لحل مشاكل الصحة والتعليم، منح فرصة للشباب للانخراط في العملية السياسية عبر دعم ولوج العملية الانتخابية كأحد أسس الديمقراطية، وما فتئ جلالة الملك يؤكد على أن أساس العمل السياسي في المغرب هو الديمقراطية، لهذا ليس غريبا أن يصنف هذا التقرير المغاربة ضمن الشعوب الداعمة للديمقراطية والمتمسكة بها.
لكن في السرعة الأخرى هناك تراجع خطير، فالحكومة تمثل حاليا العنوان الأبرز للنكوص الديمقراطي، ففي الوقت الذي تقوم الدولة ببناء مسارات الديمقراطية بالمنطق التشاركي، فإن الحكومة للأسف الشديد انتهكت حرمات الديمقراطية من خلال المنطق الإقصائي وعدم إشراك أي فاعل في كل ما تقدم على إنتاجه من قوانين وتشريعات.






