هناك نموذج من الأشخاص يطلقون الكذبة وسط الناس كي يصدقوها، لكن أول من يصدقها هو من أطلقها ويقاوم نفسه على أنه على صواب، وحتى لما يتراجع الآخرون عن تصديقها يتشبث بها ويقسم بأغلظ الأيمان أنها الحقيقة. هذا ما ينطبق على منظمة العفو الدولية أو أمنستي إنترناشنال، التي أطلقت كذبة كبيرة حول المغرب، زاعمة أن المخابرات المغربية تقوم بالتجسس على ناشطين وصحفيين مغاربة عن طريق تطبيق تعود ملكيته لشركة إسرائيلية.
وكان المغرب رد بقوة على هذا الزعم، ووفق ما ذكرت مجلة جون أفريك التي اطلعت على معلومات دقيقة بهذا الخصوص، وتبين لها أن المغرب لا يتوفر على هذا النوع من التطبيقات ولا يستعملها لأي غرض كان، وأن الشركة المذكورة ليست لها معاملات بالمغرب، ورغم ذلك لم تستحي المنظمة المذكورة ولم تسكت بلها تتراجع وتعترف بخطئها، ولكنها ضاعفت من تحرشها ضد المغرب.
الضربة القاضية جاءتها من محكمة إسرائيلية، ونحن نتعامل مع معطيات لا مع مواقف. لا تهمنا طبيعة المحكمة وأنها تابعة لإسرائيل لأن هذا نقاش ليس هنا مكانه. ومواقفنا معروفة وهي نفسها المواقف التي يعبر عنها المغرب. لكن هذه محكمة تابعت ملف النزاع بين الشركة الإسرائيلية وبين منظمة العفو الدولية لأن الشركة تعتبر أن الأمر يتعلق بدعاية لفائدة شركة أخرى.
ما يهمنا هنا هو أن المحكمة طلبت من دفاع المنظمة تقديم أدلة على تورط الشركة في التجسس على النشطاء الحقوقيين، والمنظمة كانت تصف إسرائيل دائما بالدولة الديمقراطية بينما نعتبرها نحن غاصبة. لنفترض أنها غير ديمقراطية والأحكام ستكون لغير صالح المنظمة، لكن على الأقل كان عليها أن تقدم حججها من باب إقامة الحجة دون انتظار الحكم ونوعه، لكنها عجزت عن ذلك وقدمت فقط ما قاله النشطاء أنفسهم الذين يحتاجون بدورهم إلى دليل.
لعبة بئيسة تلعبها أمنستي، فمن جهة هي تروج لمغالطات ومزاعم بناء على ما قاله النشطاء إنهم تعرضوا للتجسس على هواتفهم، والنشطاء يعتمدون على تقرير المنظمة لتعزيز ما يقولون، وبالتالي نحن أمام عملية تدوير شبيهة بأكل الكلاب.
بعد أن تم فضحها من قبل المحكمة المذكورة وتناقلت وسائل الإعلام الدولية الحكم المذكور، لن ننتظر منها التراجع والاعتذار، ولكن ستخلق مزاعم جديدة للتغطية على المزاعم الأولى، وما ذلك بغريب عليها وقد تحولت إلى مشتل لتفريخ الأشواك ضد المغرب، الذي أصدرت في حقه أربعة بيانات في ستة أشهر و57 تقريرا في ثلاث سنوات ونصف بما في ذلك مرحلة محاربة كوفيد 19، الذي تجند له المغرب بكل قواه وتجندت أمنستي لتقول إن العام أسود وإن الواقع ضبابي وهي رؤية واحد بعين “موكة” بينما تنظر إلى الجزائر بعين “ميكة” كما يقول المغاربة، وليس ذلك لأجل الله أو لأجل القيم الإنسانية ومبادئ حقوق الإنسان ولكن لأجل الدولارات التي تتلقاها من قبل الجارة النفطية.