*محمد عفري
تشد أنظارنا يوميا الأرقام الصادرة عن وزارة الصحة ومديريتها للأوبئة بين مطمئنة ومخيبة للآمال. نشد على قلوبنا متحسسين الطير فوق رؤوسنا ، ولا نعبأ بما يفعله ” السفهاء” و المتهورون من السائقين على الطرقات من تقتيل . الحصيلة الأخيرة لحوادث السير خلال الأسبوع الماضي شاهد على شدة الفتك بغير سبب كورونا المستجد.
بعد خروجنا تحت طائلة مخطط تخفيف الحجر الصحي في انتظار الرفع النهائي لحالة الطوارئ الصحية وتحت ضرورة إعادة الحركة الاقتصادية إلى الدوران، باستئناف الأنشطة الاقتصادية والخدماتية ، أصبحنا نترقب على من الدور في الإصابة بالعدوى لا قدر الله ، وعلى من الدور منا أومن أقاربنا وأصدقائنا من ذوي المناعة المنخفضة أوالمنعدمة ، في الرحيل بسبب الفيروس المستجد الفتاك . وسط كل هذا الهول والفوبيا ، تعودنا أن نستقبل يوميا أيضا ،من كبار المسؤولين عن الصحة والمسؤولين عن تدبير الشأن العام ، غلاظ عبارات التطمين وكلمات السكينة إلى النفوس لتهدئة الروع . الخلاصة من “الكلام المعسول” هي أن الوضعية الوبائية بالمغرب متحكم فيها بقبضة من حديد والسيطرة على الوضع محكمة على الرغم من البؤر المهنية والصناعية والبؤر الاجتماعية وحتى البؤر “شبه الاجتماعية”، بحسب القاموس الجديد لرئيس الحكومة دكتور الأمراض النفسية سعد الدين العثماني.لكن لا أحد طمأننا عن التخفيف من حوادث السير المميتة حتى في ذروة كورونا المستجد.
أمسينا أول أمس السبت على تصريح رئيسة مصلحة الأمراض الوبائية بمديرية علم الأوبئة ومكافحة الأمراض بوزارة الصحة تفيدنا فيه تسجيل 238 حالة شفاء جديدة خلال 24 ساعة الأخيرة ، ليرتفع إجمالي المتعافين إلى أكثر من إثنى عشر حالة شفاء وبالضبط(12 ألف و65 حالة)، أي ما يعادل نسبة 77,6 في المائة. لكن التصريح ذاته أربكنا خوفا حين تضمن تسجيل 214 إصابة جديدة بفيروس كورونا، ليصل إجمالي حالات الإصابة المؤكدة بالمملكة إلى 15 ألف و542 حالة.
لتهدئة النفوس ، أصبحنا ملزمين على اجترار لازمة من الطبيعي تسجيل ارتفاع نسبي في حالات الإصابة بالفيروس ، مادامت الأنشطة الاقتصادية والخدماتية قد عادت إلى الحياة الطبيعية ومادات دائرة الكشوفات المخبرية قد اتسعت باتساع دائرة المخالطين جراء البؤر المهنية والصناعية ودائرة الذين تشملهم البحوث والتحليلات والتتبع من المغاربة العائدين من الخارج ، ومادام الرفع من الحجر الصحي دخل مرحلة حاسمة قوامها تحمل المواطنين مسؤوليتهم في التعايش مع بعضهم في الحياة العامة بكل مرافقها ، أولا، بالالتزام الصارم بقيود الوقاية من تباعد اجتماعي واجتناب للاكتظاظ ، وفي التعايش مع الفيروس الخطير الفتاك ثانيا بالتصدي له بشروط النظافة والتعقيم واحترام مسافة الأمان وما إلى ذلك.
لكن روعنا ، لا ولن يعرف طريقا إلى التهدئة مادامت تصريحات مصلحة الأمراض الوبائية بمديرية علم الأوبئة ومكافحة الأمراض بوزارة الصحة أفادتنا وتفيدنا في الأيام الأخيرة بارتفاع حالات الوفاة بمعدل وفاتين في اليوم تقريبا ، إذ بحالتي الوفاة اللتين تم إعلانهما أول أمس السبت ارتفع إجمالي المتوفين إلى 245 حالة وفاة بنسبة إماتة بكورونا المستجد تناهز 1,6 في المائة.
الحالة تدعو إلى القلق طبعا ، لكنه ليس بمستوى القلق الذي يؤكده ارتفاع حالات الوفيات عبر حوادث السير، حين نعلم أن حصيلة الوفيات جراء هذه الحوادث داخل المدار الحضري فقط ، قد أودت بحياة أحد عشر مواطنا وإصابة و1766 جريحا ، ما يعني أن خروجنا مباشرة مع بداية التخفيف التدريجي للحجر الصحي ، واصلنا حربنا على الطرقات بإزهاق أرواح بعضنا غير أبهين بما يفعله “السفيه ” كورونا بنا من رعب وعدوى وفتك.
أتساءل إن كان عدد ضحايا هذه الحوادت بلغ أحد عشر ضحية في أسبوع داخل المدار الحضري ، فما عسى أن يكون العدد حينما ” تنفتح” مختلف الطرقات والطرق السيارة مشرعة في وجه حافلات نقل المسافرين وسيارات النقل المزدوج وباقي المركبات ، مع ارتفاع حركة الأسفار في الأسابيع القلية القريبة المقبلة مع اقتراب عيد الأضحى.
نتساءل هكذا، والأسباب وراء الحوادث التي أودت بحياة أحد عشر ضحية الأسبوع الماضي تعود بالضبط إلى عدم احترام السائقين بدرجة أولى ثم الراجلين لكل قواعد السلامة الطرقية المتحكمة في السير والجولان .
في عز كورونا، في تفسير له عن خطورة ونسبة الفتك بسبب كورونا المستجد ، كان أحد خبراء الأوبئة ،قال إذا كانت نسبة الفتك بالزكام لا تتعدى واحدا في المائة فإن نسبة الإماتة بكورونا المستجد لا تتعدى نسبة اثنين في المائة فلا داعي للتهويل ..
في عز كورونا الفتاك الذي لازال بيننا، ينشر العدوى ويميت بالأعداد المعددة ،لم يتبق إلا الدعوة للرفق يبعضنا البعض على الطرقات ، فبالتهور وعدم احترام قوانين السير والجولان يبقى الطريق أشد فتكا من الفيروس..