استقبل وزير الثقافة والشباب والرياضة عثمان الفردوس، الاسبوع الماضي بمقر وزارة الثقافة، وفدا عن المكتب الوطني للاتحاد المغربي لمهن الدراما، مكونا : من رئيس الاتحاد الفنان عبد الكبير الركاكنة بالإضافة إلى الفنانة نعيمة إلياس والفنان عبد الرحيم المنياري،الدكتور عبد المجيد شكير، والدكتور عبد اللطيف نذير.
وقد تمحور اللقاء، الذي جاء استجابة لطلب الاتحاد، حول مجموعة من القضايا المرتبطة بقطاع الفنون الدرامية وفي مقدمتها مبادرة الوزير بإطلاق دعم استثنائي لفائدة الفنانين المغاربة وما صاحب الإعلان عنه من ردود أفعال عبَّر الاتحاد عن مجملها في بلاغ رسمي بتاريخ 18 يونيو 2020، وقدَّم فيها رسالة مفصلة للسيد الوزير، تضمَّنت ملاحظاته الجوهرية واقتراحاته العملية لتصويب صيغة الدعم المذكور وتعديل شروطه بما يتناسب مع الظرفية الحالية الموسومة بالحجر الصحي وتداعياته الاقتصادية والاجتماعية التي تضررت معها ملايين المغاربة العاملين في الاقتصاد غير المهيكل وفي مقدمتهم مهنيو الفنون الدرامية. وقد عبر الوزير عن استجابته لمطالب الاتحاد الوجيهة معربا عن انكباب مصالح وزارته على معالجة صيغة الدعم المذكور وتعديل شروطه ومعايير إنفاذه حتى يستجيب لتطلعات المسرحيين المغاربة، والإعلان عن التعديل المرتقب في أقرب الآجال، مع تمديد أمد وضع الملفات لتمكين المرشحين من تدارك زمن الانتظار ما بين تاريخ الإعلان عن الصيغة الأولى وتاريخ الإعلان عن الصيغة المعدلة.
وتمهيدا لإقرار برنامج تشاركي بين وزارة الثقافة والشباب والرياضة والاتحاد المغربي لمهن الدراما، باعتباره منظمة ترافعية وقوة اقتراحية، وباعتباره إطاراً تمثيلياً لمهنيي فنون الدراما بالمغرب، حول مختلف أوراش إصلاح المنظومة التي فتحها الاتحاد مع الوزارة في عهد الوزيرين السابقين، قدَّم الوفد المنتدب مذكرة للسيد الوزير بمثابة أرضية لبرنامج العمل المشترك، مؤَطَّرة بمنهجية اشتغال تقوم على مقاربة تشاركية وبناء أدوار تكاملية على أساس الحكامة والخبرة وصيانة المكتسبات.
وقد ارتكزت المذكرة التي بلورها الاتحاد من خلال أجهزته التنظيمية ولقاءات أطره الوطنية، على سبعة محاور أساسية:
1- الدعم المسرحي وتبنَّي مقاربات جديدة تقتضي مراجعة القرار المشترك المؤطر للدعم، وإعمال آليات أكثر حكامة وديموقراطية للولج إليه (التحديد الدقيق لاختصاصات اللجنة وتمكينها من معايير مضبوطة – تبني المزيد من الآليات التقنية والإدارية لتتبع مراحله وخاصة أنشطة التوطين – تبني منهج تواصلي في التعاطي مع الفرق المسرحية وخاصة في مبدأ تعليل قرارات اللجنة). كما ركزت المذكرة في هذا الجانب على مطلبين مُلِحَّين أساسين:
* الرفع من سقف المبلغ المرصود للدعم المسرحي بأنواعه إلى 70 مليون درهم.
* الإفراج عن الدعم العادي للموسم 2020، بجميع أصنافه (الإنتاج والترويج، التوطين، الجولات المسرحية) في أقرب الآجال، من أجل إنقاذ الموسم المسرحي وتجاوز التعثر الذي خلفته فترة الحجر الصحي.
2- قانون الفنان والحاجة الملحة لتنزيل نصوصه التنظيمية الأساسية التي من شأنها أن تحمي القطاع من الهشاشة وسوء التدبير وهضم حقوق الفنانين- خاصة في الإنتاجات التلفزيونية – أو الوقوف على مكامن الخلل التي تحول دون تنزيل هذه النصوص ومراجعة القانون بما يضمن انسجامه مع مدونة الشغل المغربية.
3- بطاقة الفنان ومعالجة الاختلالات التي شابت أشغال اللجنة المكلفةّ، خاصة في الفنون الدرامية، ومراجعة تشكيلة هذه اللجنة وفق تمثيلية المنظمات الفاعلة، وتحري شروط النزاهة والمصداقية، مع ضرورة الإفراج عن الدفعة الثالثة للبطاقة. مع تأكيد جدوى هذه الوثيقة والمطالبة بضرورة الاشتغال على اتفاقيات الشراكة فيما بين القطاعات الحكومية، لتمكين الفنانين من الخدمات الاجتماعية والصحية، على غرار الاتفاقية التي أنجزت مع المكتب الوطني للسكك الحديدية في عهد الوزير الدكتور محمد الأعرج.
4- السمعي البصري وإنصاف المسرح المغربي إزاء برامج الشركة والوطنية للإذاعة والتلفزة وشركة صورياد 2M، إن على مستوى المبالغ الهزيلة المخصصة لاقتناء العروض المسرحية، أو العدد المجحف للأعمال المسرحية المبرمجة في كل سنة. في انتظار تنزيل النصين التنظيمين الخاصين بالتفاوض الجماعي، وبعقد الشغل النموذجي، لضمان تكافؤ الفرص أمام مهنيي الدراما وخاصة فناني الأداء والتقنيين.
5- حقوق المؤلف والحقوق المجاورة والمطالبة بالتعجيل بإخراج القانون المنظم للمكتب المغربي لحقوق المؤلف، والشروع في صرف مستحقات النسخة الخاصة على فناني الأداء، وفتح المجال أمام ذوي الحقوق المفترضين، للتسجيل عن بعد نظرا لظروف الحجر الصحي، على غرار المؤسسات الدولية المسؤولة عن هذا المجال (SACD) نموذجا.
6- الضريبة المهنية ومناشدة الوزير للتدخل لدى وزير الاقتصاد والمالية من أجل استثناء الجمعيات المسرحية من الضريبة المهنية ( إلغاء التعريف الموحد للمقاولة ICE )، مراعاة لخصوصيات النشاط المهني لهذه الجمعيات، المرتبط في مجمله بدعم وزارة الثقافة.
7- توثيق المسرح المغربي وأهمية التأطير السليم لهذا المشروع، لضمان تحقيق أهدافه المنشودة والرامية إلى حماية الموروث المسرحي وترميم ذاكرة المسرح المغربي، وذلك بالانفتاح على مختلف الفرقاء والحساسيات، والإشراف المباشر لوزارة الثقافة والشباب والرياضة على هذا المشروع، باعتبارها الوصي الحكومي المسؤول عن الذاكرة المسرحية، وعن تاريخ المسرح المغربي الذي يجب أن يكتب للأجيال اللاحقة ولخزانة المملكة وللذاكرة الجماعية للمغاربة، بكل تجرد وباستقلالية تامة تراعي سيادة الوطن على ذاكرته وتاريخه وتراثه اللامادي.
وختاما، فإن الظرفية الصعبة التي يعيشها قطاع الفنون الدرامية، والمشاكل التي تتخبط فيها ممارسة المهن الدرامية على مستويات عدة، والتي أبانت ظروف الحجر الصحي عن أعطابها السافرة، تحتم على فناني الدراما في المغرب ضرورة الانخراط الواعي والفعال في بلورة السياسات الثقافية لتطوير الممارسة وتحصين المكتسبات، والعمل وفق مقاربة تشاركية مع الوزارة الوصية لأجل خلق أسس متينة لهيكلة قطاع الفنون الدرامية. لذلك فالاتحاد المغربي لمهن الدراما، إنما يعبر عن استعداده اللامشروط لتقديم مشاريع وبرامج ومقترحات طموحة ومُعقلنة، مبنية على الخبرة والتجربة الطويلة، وذلك من أجل بلورة تصور واضح للتدبير التشاركي للقطاع، مبني على الثقة والمصداقية أولا، ثم على التحليل الرصين للواقع واستثمار الخبرة والتجربة الذاتية للفنانين المناضلين في المجال ثانيا.