ارتفعت القروض الاستهلاكية لدى الأسر المغربية بحوالي 8 في المائة، حسب تقرير رسمي للمندوبية السامية للتخطيط. ماذا تقول هذه الأرقام؟ هل تستطيع تفسير النمط الاستهلاكي الذي دخله المغاربة؟
ارتفاع القروض الاستهلاكية لا يعني نمو في الوعي السلوكي الاستهلاكي لدى المغاربة، ووعي بأهمية البنك ودورها في الاقتصاد الوطني، ولا يعني ارتفاع الثقافة البنكية لدى المواطن المغربي، ولكنه مؤشر على أزمة حقيقية يعيشها المغاربة حولتهم من مجتمع قادر إلى الادخار إلى مجتمع يقترض ما يستهلكه سلفا ويبقى يدور في دوامة لا تنتهي من القروض، حتى يجد نفسه مطوقا باقتطاعات لا نهاية لها.
الثقافة البنكية تعني فيما تعنيه القدرة على التعامل مع الأرقام والحسابات والقدرة على التعامل التقني مع المستجدات، لكن في إطار تدبير ما يحصل عليه المواطن، سواء أكان راتبا أو كان مدخولا من نشاط تجاري، ومن خلال تدبير الحسابات يستطيع توفير مبالغ مهمة يستطيع بواسطتها مواجهة المستجدات أو المناسبات الدورية كالأعياد الدينية (عيد الفطر وعيد الأضحى) والعطلة الصيفية والدخول المدرسي بمستلزماته، التي ارتفعت بشكل مخيف للغاية.
وإذا كانت هذه تدخل في إطار الحرية وفي علاقة المواطن بالبنك أي علاقة مستهلك بمصرف، ما الذي يدفعنا لتسميتها بأزمة؟
ارتفاع القروض الاستهلاكية دليل أزمة لسببين، الأول هو ضعف الإنتاجية وغياب فرص الشغل مما يجعل شخصا واحدا في العائلة يتحمل عبء الأسرة بكاملها، وهذا يثقل من الأزمة ويجعلها فوق التحمل، فمئات بل آلاف الأسر لديها أبناء في سن الشغل لا يشتغلون وبالتالي هم عالة على شخص واحد قد يكون امرأة او رجلا أبا أو أخا أو أختا.
تكلفة رعاية عائلة بكاملها من قبل شخص واحد نتيجتها هو الولوج السريع إلى القروض الاستهلاكية كحل مؤقت للأزمات، وهناك من لديه أمل أن يتم حلها بعد توفير الشغل.
السبب الثاني، هو ضعف البرامج الاجتماعية الموجهة للفئات الفقيرة. هذه البرامج يعتبرها رئيس الحكومة المعجزة الكبيرة لحل معضلات المغرب، وهي في الحقيقة مهمة لو لم يتم استغلالها سياسيا أو كعملية انتخابية.
ارتفاع القروض الاستهلاكية دليل فشل هذه البرامج الاجتماعية التي قدمتها الحكومة، وأن هذه العروض “مجرد مسرحيات” لذر الرماد في العيون، بعلة أنها لم تتمكن من الحد من الديون والاقتراض لدى الأسر.
كيف يمكن القول بنجاح البرامج الاجتماعية في وقت تتضاعف فيها القروض الاستهلاكية؟
يمكن أن تتظافر جهود الجميع في معالجة المشكل، انطلاقا من الحكومة، التي ينبغي أن تتجاوز قضية غياب التشغيل وتتخذ خطوات جدية غير استعراضية، تم إنجاز برامج اجتماعية ذات قيمة عملية تعود بالنفع على المواطن، حتى لا يلجأ إلى القروض إلا في حالات الضرورة.