انطلقت جلسات الإستماع لشركات المحروقات بمقر مجلس المنافسة، والتحقيق في شكايات نقابات تتهم الشركات بوجود محتمل لممارسات منافية للمنافسة في سوق توزيع المحروقات في المغرب، والبحث حول قضية تلاعبات في أسعار بيع المحروقات بين الشركات، وخرق لضوابط وقوانين منظمة للمنافسة الحرة.
وتعقد الجلسات تحت سرية تامة، بحضور محامين ومستشارين قانونيين لشركات المحروقات، للدفاع عن التهم الموجهة الى الشركات بـ”تشكيل تحالفات” و”تبادل معلومات حساسة” بهدف التوافق على سعر البيع للعموم بشكل يُخالف وضع تحرير السوق.
كشف تقرير جديد، أن المغرب استورد في الشهور الخمسة الأولى من هذه السنة، ما يناهز 9.67 مليون طن من المحروقات والمشتقات النفطية بقيمة إجمالية بلغت 22.9 ملايير درهم، مقابل 10.3 ملايين طن في الفترة نفسها من العام الماضي، بقيمة فاقت 32.2 مليار درهم، مسجلة بذلك تراجعا من حيث القيمة بنحو 9.3 مليارات درهم.
وأفاد التقرير، أن الزيادة في واردات شركات المحروقات خلال الشهور الخمسة الأولى من العام الجاري، عرفت خلاله القيمة الإجمالية لهذه الواردات تراجعا بمستويات قياسية غير مسبوقة، فاقت نسبتها ناقص 30 في المائة.
ويستهلك المغرب حسب تقرير لمكتب الصرف، ما يعادل 91.2 مليون برميل من المحروقات سنويا، أي حوالي 12 مليون طن سجلت خلال العام 2016، بما يعادل 91.2 مليون برميل سنويا و250 ألف برميل يوميا، كما تشتغل أزيد من 20 شركة لتوزيع المواد البترولية السائلة، بينها شركات متعددة الجنسيات وشركات وطنية، في السوق المغربية.
ويَفتح القانون 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة إمكانية الطعن في قرارات مجلس المنافسة، حيث تنص المادة 44 منه على إمكانية ذلك داخل أجل ثلاثين يومياً من تاريخ تبليغ القرار، وذلك أمام محكمة الاستئناف بالرباط، لكن المادة 53 من القانون نفسه تُوضح أن هذا الطعن لا يوقف التنفيذ، غير أنه يجوز لمحكمة الاستئناف الأمر بوقف التنفيذ إذا ما كان من شأن التدابير التحفظية والقرارات الصادرة عن مجلس المنافسة أن تترتب عليها عواقب لا يمكن تداركها بالنسبة للمنشآت المعنية.
واعتبر التقرير، أن “سوق المحروقات تُعاني من أعطاب واختلالات تنافسية هيكلية لا تنفع معها الإجراءات المتخذة للتصدي لهذه الاختلالات بشكل دوري؛ إذ تبقى غير فعالة”.
وكان المجلس، نشر وثيقةً رسميةً تكشف وُجود هوامش ربح مرتفعة وممارسات غير قانونية في سوق المحروقات بالمغرب، بعد تحريرها نهاية 2015، حيث كان سعر البيع للعموم في السابق مُدعماً من طرف الدولة، وحسب الوثيقة، تخضع سياسة الأسعار المطبقة من قبل الفاعلين في قطاع المحروقات لتقارب كبير، وهو ما يؤشر على وجود ممارسات مخلة بالمنافسة، ما يجعل الأسعار المطبقة في المحطات مماثلة نسبياً وليست هناك فوارق مهمة محفزة للمستهلك لاقتناء مادتي الوقود والبنزين من محطة دون أخرى.
وكان الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين، طالب ضمن مقترح قانون له، بتنظيم أسعار المحروقات، منبها إلى “استمرار الفاعلين الأساسيين في التفاهم على الأسعار وتحقيق الأرباح المعتبرة كيفما كانت تقلبات السوق الدولية، واستغلال ظروف غياب المنافسة الشريفة في سوق المحروقات”.
واقترح الفريق الاشتراكي، أن “يحتسب السعر الأقصى للبيع للعموم على أساس متوسط السعر الدولي ومصاريف النقل والتخزين والتأمين وهامش الربح للفاعلين في التخزين والتوزيع بالجملة أو التقسيط”، مشددا على أنه “لا يجوز بيع المحروقات في محطات الخدمة بسعر يفوق السعر الأقصى المحدد للبيع للعموم ويمكن البيع بأقل منه”.
و يستثني مقترح القانون المحروقات من لائحة المواد المحررة أسعارها، ويعهد للسلطات المعنية بتنظيم أسعار المحروقات والمواد النفطية،حيث نص على أنه “يحدد السعر الأقصى لبيع المحروقات للعموم كل يوم اثنين في منتصف الليل”، مشيرا إلى أنه “يحدد بنص تنظيمي، شروط وآليات تدخل السلطات العمومية لدعم أسعار المحروقات في حال ارتفاعها بشكل مهول وغير متحمل”.
وأشار الفريق الاشتراكي، إلى التداعيات السلبية لتحرير سوق المحروقات في مطلع 2016، موضحا “غياب الشروط والآليات الضامنة للمنافسة بين الفاعلين في القطاع بغاية توفير الاحتياطات اللازمة للتموين الآمن للسوق الوطنية بالكميات والجودة والأسعار المتناسبة مع حقوق المستهلكين ومع مصالح الاقتصاد الوطني”.
وسجل مقترح القانون، أنه “يعهد إلى وزارة المالية والاقتصاد وإصلاح الإدارة بالتحديد أسبوعيا لأسعار المحروقات ومراقبة وزجر كل المخالفات لذلك”، منبها إلى أن الطلب يتزايد باستمرار حول استهلاك المواد النفطية، ولا سيما الغازوال والبنزين، مع الاستيراد الكامل لكل الحاجيات الوطنية في ظل تراقص أسعار النفط الخام وتعقد العوامل والمؤثرات في السوق الدولية للبترول والغاز.