يتجه المغاربة الى الخروج من الحجر الصحي المشدد، للتعايش مع فيروس “كورونا”، واستئناف أنشطة الحياة اليومية، من خلال إجراءات جديدة بمختلف القطاعات ومناحي الحياة، إنطلاقا من قطاعات العمل الى الفضاءات التجارية والخدمات، و التشديد في الإلتزام بقانونية إجبارية ارتداء “الكمامة” و الحفاظ على التباعد الإجتماعي وتعقيم اليدين، كما تحرص السلطات على منع التجمعات والإزدحام، وتنظيم حركة التنقلات ومنع التنقلات الجماعية، للتصدي للعدوى وانتشار الفيروس من جديد، ومنع تفاقم البؤر الوبائية.
ويواكب استئناف الأنشطة التجارية والولوج على المتاجر و الفضاءات التجارية، والشواطئ وقاعات الرياضة وقاعات التجميل و الحلاقة، إجراءات جديدة تحرص السلطات المحلية على مراقبتها، ومراقبة توفير المعقمات وأساليب التباعد الاجتماعي، تفعيلا للمرحلة الجديدة في التعايش مع فيروس “كورونا” والوقاية منه.
وشدد الناطق الرسمي باسم الحكومة ، على أن المعادلة الأساسية لإنجاح الرفع التدريجي للحجر الصحي تتمثل في ضمان صحة المواطنين واستئناف الأنشطة الاقتصادية، مؤكدا أن الأمر يتعلق بمسؤولية فردية وجماعية في الآن نفسه، وأكد أمزازي ، خلال توضيح كل ما يتعلق بإجراءات التخفيف المعلن عنها، في سياق مواجهة جائحة كورونا المستجد “كوفيد-19″، على “اننا مقبلون على التعايش مع الفيروس، والرهان اليوم هو استعداد عدد من القطاعات الانتاجية لاسترجاع أنشطتها الاقتصادية وأيضا ضمان صحة المواطنين”.
و نوه المسؤول الحكومي بروح مسؤولية المواطنات والمواطنين في الالتزام بتدابير الحجر الصحي، “إذ بفضل الانضباط لتدابيره على مدى ثلاثة أشهر، استطعنا التحكم في الوضعية الوبائية”، شدد على ضرورة الالتزام بالتدابير الاحترازية الموضوعة من قبيل التباعد الاجتماعي واحترام إجبارية ارتداء الكمامة الواقية والحرص على النظافة الشخصية وتعقيم فضاءات العمل، إلى جانب تحميل تطبيق “وقايتنا” كآلية أساسية تمكن ، من جهة ، من تتبع الحالات النشطة، والكشف عن المخالطين من جهة ثانية.
وأشار إلى أن مواصلة عملية التخفيف التدريجي للحجر الصحي تروم إنعاش الاقتصاد الوطني، مسجلا أنه لم يعد هناك فرق كبير بين منطقتي التخفيف 1 و2 في ما يتعلق بالأنشطة المتاحة، باستثناء التنقل بين الجهات حيث يتعين على مواطني المنطقة 2 التوفر على ترخيص استثنائي، والسياحة الداخلية، وأيضا الذهاب إلى الشواطئ. وفي الاتجاه ذاته، يوضح الوزير، فإن الحكومة تعمل اليوم على ضمان الاستباقية من خلال توسيع الكشف المخبري، وإجراء التحاليل المخبرية في الأماكن المحتمل وجود الفيروس بها.
كما تعمل الحكومة على تجميع الحالات النشطة في مؤسستين متخصصتين بابن سليمان وبنجرير للحد من انتشار الفيروس وتمكين المستشفيات من علاج أنواع أخرى من الأمراض، وتسريع الرفع التدريجي للحجر الصحي من أجل إنعاش الأنشطة الاقتصادية.
وذكر الوزير بأن المغرب كان من البلدان القليلة التي نجحت في تدبير الجائحة، والتحكم فيها بشكل كبير بفضل القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، والتدابير التي اتخذتها الحكومة ، تنفيذا للتعليمات الملكية السامية ، والتي كانت محط إشادة من طرف العديد من الهيئات الدولية، بفضل التحكم في الوضعية الوبائية.
وسجل أن المغرب نهج مقاربة جديدة تتمثل في التخفيف التدريجي للحجر الصحي، معتبرا أن هذا الأخير مكن المغرب من التحكم في الوضعية وتحسين المؤشرات الوبائية، وأيضا التخفيف من الضغط الذي كان من الممكن أن تشهده المؤسسات الاستشفائية ووحدات الإنعاش، وأضاف بالقول “يمكن أن نفتخر لكون المؤشرات الوبائية اتخذت منحى إيجابيا، سواء بالنسبة لمعدل الحالات الإيجابية، أو نسبة الإماتة أو معدل التكاثر والانتشار”.
واستعرض امزازي ، التراجع الكبير لكل من عدد المصابين الوافدين على المستشفيات، وعدد الحالات الصعبة والحرجة وأيضا عدد الوفيات، مبرزا أن المغرب استطاع تحقيق تراجع في هذه المؤشرات، وأن المؤشر الأساسي المرتبط بنسبة الشفاء والتي تترواح اليوم بين 83 و90 بالمائة، يعد هاما بالقياس مع المعدل الدولي الذي يبلغ 53 بالمائة.
و قلل الناطق الرسمي باسم الحكومة ، من أهمية ظهور بؤر وبائية بين الفينة والأخرى بعد التخفيف من تدابير الحجر الصحي. معتبرا ذلك مسألة طبيعية بالنظر إلى تطور الفيروس، وأوضح أمزازي، أن هذه البؤر المعزولة، التي تظهر في ظرفية التخفيف التدريجي من الحجر الصحي أو رفعه “تعد حالة عادية وطبيعية”، وفق ما أقرت به منظمة الصحة العالمية في عدة مناسبات، “وهي وضعية تعيشها عدة دول في الوقت الحالي”.
وبعد أن استعرض أمزازي ظهور عدة بؤر في العديد من البلدان موازاة مع رفع الحجر الصحي “فرنسا، ايطاليا، المانيا…”، أكد استمرار وجود الفيروس “وسنضطر للتعايش معه، لذا يجب أخذ الحيطة والحذر والالتزام بالتدابير الوقائية الضرورية”، مشددا على أنه لا يجب الخوف من الوضع ولا التهاون في مواصلة التقيد بالتدابير الاحترازية، وموضحا أن الأمر يتعلق بمسؤولية فردية وجماعية لمواصل الرفع التدريجي للحجر الصحي.
وسجل أن البؤرة التي ظهرت بمنطقة الغرب ، مؤخرا ، وتعد حالة معزولة، همت وحدات متخصصة في تعليب الفواكه الحمراء، مشيرا إلى أن الأشخاص المصابين “لا يحملون أية أعراض للوباء”، وفور ظهور هذه البؤرة ، يقول الوزير ، التي تم اكتشافها في إطار التحاليل المخبرية المنجزة في جميع الوحدات الإنتاجية، اتخذت السلطات العمومية التدابير اللازمة، وشملت إغلاق الوحدات المعنية، والقيام بالتشخيص المخبري لجميع المصابين المحتملين وللمخالطين، إلى جانب نقل الحالات النشطة إلى المستشفى الميداني لسيدي يحيى الغرب.
وعرف المغرب تشديد القيود الاحترازية والإجراءات الوقائية ببعض الجماعات بأقاليم العرائش، وزان والقنيطرة وكذا مراقبة وإغلاق المنافذ المؤدية لهذه الجماعات من أجل تطويق رقعة انتشار الوباء والحد من انعكاساته السلبية، فضلا عن فتح تحقيق في هذا الشأن لتحديد المسؤوليات.
وأفاد أمزازي، ان التدابير “لا تعني بتاتا أننا عدنا إلى نقطة الصفر، لكن الهدف منها هو احتواء هذه البؤرة أو أي بؤرة أخرى محتملة”، مضيفا أنه “لم يتم القضاء على الفيروس بل على الوضعية الوبائية التي هي في طريقها إلى الاندثار”.
وذكر بأن العملية التقييمية التي سبق وأعلنت عنها الحكومة، والتي يتم إجراؤها كل أسبوع “مكنتنا من المرور إلى المرحلة الثانية” المتجلية في إعادة تصنيف جميع العمالات والأقاليم في المنطقة 1 باستثناء 4 منها وهي طنجة والعرائش والقنيطرة ومراكش، ومواصلة عملية التخفيف من أجل إعادة تحريك عجلة الاقتصاد الوطني عبر الترخيص والسماح ابتداء من يوم الخميس المقبل بمزاولة عدة أنشطة تجارية واجتماعية.
وأشار إلى أن الفرق بين المنطقتين 1 و2 أضحى يقتصر على عدم السماح بالتنقل بين الجهات إلا بالتوفر على ترخيص استثنائي والسياحة الداخلية والذهاب إلى الشواطئ بالنسبة للمنطقة 2، واستطرد الوزير بالقول إن بعض الأنشطة التي تؤدي إلى تجمع عدد كبير من المواطنين لازالت غير مسموح بها على المستوى الوطني، من قبيل ولوج المتاحف والسينما والمسارح والحفلات والجنائز والاحتفالات الكبرى والرياضات الجماعية، مفيدا بأن العودة إلى الحياة الطبيعية ، ومعها المرور إلى المرحلة الثالثة ، تتطلب التحكم أكثر في الوضعية الوبائية بالالتزام الفردي والجماعي بالتدابير الاحترازية التي وضعتها السلطات الصحية.
وأبرز أمزازي أن السلطات الصحية بالمملكة نجحت في تنبع الفيروس، وأن تجميع الحالات النشطة في مستشفيين “بنسليمان وبنجرير” كان بغرض تمكين المستشفيات الأخرى من مواكبة باقي الأمراض وخاصة المزمنة، وإنعاش الاقتصاد الوطني، وخلص إلى أنه لا يمكن أن يظل اقتصاد مدينة كبرى من قبيل الدار البيضاء رهينا بعدد حالات الإصابة المسجلة، وأن التجميع يمكن من رفع وتيرة التخفيف من الحجر الصحي.
يذكر أن بلاغا مشتركا لوزارتي الداخلية والصحة ووزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، أعلن ، في وقت سابق اليوم ، أنه بناء على القرار المتخذ من طرف السلطات العمومية، والمتعلق بالمرور إلى المرحلة الثانية من “مخطط تخفيف الحجر الصحي” ابتداء من 24 يونيو 2020 عند منتصف الليل، وأخذا بعين الاعتبار ضرورة تحقيق التوازن بين تطورات الوضعية الوبائية في المملكة ومتطلبات العودة التدريجية إلى الحياة الطبيعية وإعادة تحريك عجلة الاقتصاد الوطني، فقد تم إقرار مجموعة من الإجراءات والتدابير لتأطير هذه المرحلة.