بطلب من رئيس الحكومة سعد الدين العثماني استقبل الكاتب العام لرئاسة الحكومة وأعضاء ديوان رئيس الحكومة، وفدا عن حكومة الشباب الموازية، من أجل تقديم وثيقة حكومة الشباب الموازية حول مغرب ما بعد جائحة كورونا.
في بداية اللقاء عبر مستشارو رئيس الحكومة، الدكتور سعد الدين العثماني عن الاهتمام الجيد الذي يوليه رئيس الحكومة لمبادرة حكومة الشباب الموازية حيث نوه بالعمل المهم الذي تقوم به خصوصا خلال فترة الحجر الصحي التي ساهمت بشكل كبير من خلال تأطير الشباب المغربي عبر مجموعة من المبادرات.
من جانبهم قدم وفد حكومة الشباب الموازية مذكرة حول مغرب ما بعد كوفيد 19، والتي تضم عشرة محاور رئيسية تهم التدابير الاقتصادية الاجتماعية والبيئية الضرورية التي ينبغي تبنيها من أجل بناء مغرب جديد لما بعد الجائحة، وهي مذكرة على شكل أقتراحات إجرائية بعنوان : مغرب ما بعد كوفيد-19:إعطاء نفس جديد للسياسات العمومية من أجل اشعاع سوسيواقتصادي مستدام و مندمج.
مذكرة حكومة الشباب الموازية، المقدمة للسيد رئيس الحكومة، تسجل تأثر قطاع التشغيل والإدماج المهني في المغرب بشدة في زمن جائحة كرونا- كوفيد 19 –وذلك بعد اتخاذ عدة إجراءات لاحتواء تفشي الوباء وسط المقاولات . وقد أعلنت أكثر من 142000 شركة أنها أوقفت أنشطتها بشكل دائم أو مؤقت في شهر أبريل المنصرم حسب تقريرأعدته المندوبية السامية للتخطيط. انطلاقا من هذا الوضع الصعب للمستخدمين وكذا المقاولات على حد سواء، أعطت حكومة الشباب الموازية أولية كبرى لملف التشغيل والإدماج المهني من خلال تقرير شامل يضم عدد من المقترحات تروم النهوض بالقطاع في مرحلة ما بعد كوفيد 19. وقد قدمت مقترحات من سبيل تعزيز وتقوية دور الوساطة والتفاوض بين المستخدمين والمقاولات، تطوير ودعم “العمل عن بعد” ، التمويل عبر القروض الصغرى لفائدة الشباب العاطل.
حكومة الشباب الموازية تؤكد تؤكد في مذكرتها على ضرورة إعادة الدفع بعجلة الاقتصاد الوطني التي باتت تشكل تحديا كبيرا مع بداية السيطرة جزئيا على انشار الفيروس،لذلك وأمام هذا الوضع الاستثنائي، تقول الوثيقة ، ينبغي عمل جرد وتقييم لمجموعة من العناصر.ولعل أبرز ما يوضح ذلك هو عدم قدرة تحمل الشركات الصغرى والمتوسطة للأوضاع الاقتصادية الصعبة التي فرضتها الجائحة لتنهار في مدة لا تتجاوز الخمسة عشر يوما معلنة عجزها التام الشئ الذي وضع على المحك نجاعة نسيجنا الاقتصادي.
وارتباطا بهذا السياق، حسب ما جاء في الوثيقة، ” لم نسجل أي قيمة مضافة من قطاع صناعة السيارات و الطائرات الذي يشكل بالأساس ركيزة “صناعتنا الوطنية”، وبالتالي فإنأيةرؤية وإستراتيجية لإنعاش اقتصادنا الصناعي لا يمكن أن تنجح دون أنتأخذ بعين الاعتبار الخصوصية الوطنية وسلوك المستهلك المغربي والفرص المتاحةإلى جانب القيود التي قد تعيق أي نسق ممكن للتعاف”.
وفي هذا الصدد تقترح حكومة الشباب الموازية أن تتمركز صناعتنا أكثر فأكثر على المراحل الأولى من سلسلة التوريد و ذلك بالاعتماد على التحويل الصناعي والتصميم بحيث تكون هذه الأخيرةالأكثر جلبا للقيمة المضافة، كما تقترح إضفاء الطابع الصناعي على النشاط الفلاحي لاستغلاله بشكل جيد و كأمثلة على ذلك (إعادة استغلال النفايات، المعالجة الزراعية و الدفع إلى تطوير الخدمات اللوجستية..)، كما تدعو حكومة الشباب الموازية إلى ترشيد و استغلال الإنفاق لتجنب الضياع و الخسارة وفق عمليات و تحليلات رياضية و علمية محظة مدروسة لوضع الإستثمار في مكانه الأنجع.
من جهة أخرى وبعد تفشي جائحة كوفيد 19، سارعت معظم بلدان العالم الى إغلاق الحدود مما يحيلنا الى اشكالية الأمن الطاقي. بالرغم منان القطاع لم يعاني كثيرا الا ان حكومة الشباب نقترح الرفع من نسبة الطاقات المتجددة داخل”المجموع الطاقي”و هيكلة و تجويد قطاع النجاعة الطاقية من أجل تحقيق خطة الانتقال الطاقي كأساس للانتقال الايكولوجي عبر تطوير صناعة الطاقات النظيفة و الخالية من الكربون و كذا تحفيز الصناعات الأكثر استهلاكا للطاقة على انتاج طاقتها (الالواح الشمسية، الطاقة الريحية،..). في نفس الصدد تحث حكومة الشباب الموازية أيضا على تعديل قانون الماء رقم 15-36 وادراج عدادات بالابار مع نسب مئوية لضخ المياه من اجل التحكم في الاستهلاك مع انشاء محطات تحلية المياه.
بالاضافة الى التسريع بانشاء و تطبيق مبدأ “الملوث يدفع”طبيقا لإعلان ريو دي جانيرو (1992) الذي صادق عليه المغرب، علما أن تلوث البيئة يكلفنا قرابة 3,5% من الناتج المحلي الاجمالي و يساهم بشكل غير مباشر في تفشي الفيروسات مع ارتفاع درجات الحرارة و ذوبان الجليد. و أخيرا فان حكومة الشباب تطرقت أيضا الى مشكل النفايات و تدويرها و الذي يجب أن يكون من أول أولويات التنمية البيئية بالمغرب اذ لا يعقل أن لا تتجاوزنسبة التدوير%10 من النفايات بيد أن هذه الأخيرة تضاعف حجمها بين 2014 و 2020 ليصل الى 12 مليون طن.
نظام التخطيط الحضري بالمغرب وإعطائه نفسا جديدا من أجل بناء مجالات مستدامة و مرنة و آمنة و مندمجة، شكل جزءا كبيرا من مذكرة حكومة الشباب الموازية، وفي هذا الصدد تقترح المذكرة ضرورة إرساء إطار قانوني يتميز بالمرونة و ذلك عن طريق تعزيز التعمير التفاوضي عوض التعمير التنظيمي و ذلك من أجل تعمير مرن و متجدد و فتح المجال أمام المبادرة الاستثمارية و إدراج الأسس و الطابع القانوني لمفاهيم جديدة في التعمير العملي كضم الأراضي في المجال الحضري. كما تقترح المذكرة الشبابية في هذا الاطار تشجيع الابتكار في ميدان البناء و استثمار التقنيات الجديدة BIMو تعزيز البحث العلمي لتطوير مواد البناء تأخذ بعين الاعتبار الخصائص المناخية والطاقية للسكن بأقل تكلفة. وتقترح أيضا ابداع مرحلة البحث العلني عبر إطلاق مشروع “MY 3DCITY-MODELBUILDER” تطوير تطبيق محاكاة المدينة ثلاثية الأبعاد لتقديم الاسقاطات التعميرية المبرمجة من خلال زيارة وهمية لتقريب سيناريو التهيئة للعموم في مرحلة البحث العلني ليستطيعوا أن يروا كيف سيصبح مجال عيشهم في العشر سنوات القادمة لضمان مقاربات واقعية و أكثر نجاعة في الرؤية الإستشرافية وذلك في إطار تعزيز التعمير الرقمي كأداة للتنمية الاقتصادية و التنميةالفردية و تمكين الفرد من التفاعل و تزيل تطلعاته استنادا على مكتبة أشياء ثلاثية الأبعاد معدة سابقا.
القطاع الصحي تناولته مذكرة حكومة الشباب الموازية، لما يعانيه من مشاكل عدة ظل يتخبط فيها لعقود من الزمن تتمحور بالأساس حول كل من إشكالية تعميم التغطية الصحيةالأولية و تحسين جودة الخدمات ورفعها إلى مستوى يرقى إلى احترام مبادئ الحق في الصحة الأساسية: الولوجية،التوافر، المقبولية و الجودة.
وبالرغم من كل المجهودات المبذولة، فإنها تبقى، حسب مذكرة حكومة الشباب الموازية، غير كافية لاستيعاب الطلب المتزايد على خدمات الرعاية الصحية في ظل ضعف البنيات التحتية و التجهيزات و غياب الصيانة من جهة و قلة الموارد البشرية وغياب آليات التقييم و ربط المسؤولية بالمحاسبة من جهة أخرى.
و يبقى تفضيل سياسة الوقاية و تبنيها، ووضع خارطة طريق محددة و دائمة، و توسيع قاعدة التغطية و تشجيع الشراكة بين القطاعين العام و الخاص، إضافة إلى وضع ترسانة قانونية لتنظيم المهنة و محاربة الفساد من جملة السبل الكفيلة بترميم لبنات الصحة و استرجاع الثقة في المستشفى و الطبيب المغربي، مقترحات مع أخرى دققتها مذكرة حكومة الشباب.
قطاع البنية التحتية، تقترح مذكرة حكومة الشباب تبني برنامج محمد السادس الوطني للبنى التحتية والإنشاءات المستدامةهدف هذا البرنامج إحياء قطاع البنية التحتية على المستويين الوطني والأفريقي وفقاً للخطة المحددة في الوثيقة والمقدمة لرئيس الحكومة ، ويتضمن توصيات في جميع المراحل الاستراتيجية والتخطيط والتمويل والأشغال، حتى مراحل برمجة الصيانة ( التفاصيل بشكل أدق في المذكرة)، حيث سيمكن هذا البرنامجمن تسريع النمو الوطنيمن خلال الاستثمار فيالسوقالافريقية والتي تستثمر ما بين 81 و 181 مليار دولار سنويًا في البنية التحتية ، وستسمح للدول المستفيدة بتحقيق معدل نمو 2.6٪ إضافية من الناتج المحلي الإجمالي السنوي .
كوفيد-19، جاء حسب مذكرة حكومة الشباب الموازية، كطارئ ظرفي استلزم إعادة النظر في سياسة ومناهج عملنا، ومن تمَّ مراجعة وتحسين ميدان التعليم والتكوين والبحث العلمي، والعمل على إعادة هيكلتهم وفق متطلبات حضارة العصر. مما يستوجب طرح عدة حلول وأفكار لتشكيل خارطة طريق جيدة للنهوض بهذا القطاع، خاصة وأن الاستثمار في هذين الميدانين يعدان من اللبنات الأساسية لازدهار البلدان المتقدمة عالميا. الشيء الذي خول لها التكيف بسهولة مع وباء كوفيد -19 وتداعياته،
لذلك أصبح من الضروري، تقول المذكرة، بالنسبة لبلدنا (وليس من باب الترف) الرفع من شأن البحث العلمي وزيادة الميزانية المخصصة له وتشجيع الشراكة بين القطاعين العام والخاص وإحداث تناغم علمي وعملي بينهما. كل هده الأمور تستوجب التخلي عن الأساليب القديمة وتبني الانفتاح على المعارف الحيوية والتكنولوجيا الرقمية الحديثة بموارد بشرية ذات خبرة وكفاءة عالية، يتم تشجيعها عبر تحفيزات مادية ومعنوية (تحيين التدريبات والتكوينات الجيدة، والتعليم المستمر، اللغات الحية واعتماد رواتب معقولة)
الفلاحة بدورها شملها تقرير المذكرة، حيث أكد الشباب أن قطاع الفلاحة يعتبر أحدى أهم القطاعات الإستراتيجية في المغرب،والتي من خلالها استقرارا اجتماعيا واقتصاديا كبيرا في البلاد، حيث حقق المغرب الاكتفاء الذاتي بحوالي 100٪ في فروع الفاكهة والخضر ، و 100٪ من شركات اللحوم التابعة و 50٪ من الحبوب ، وقد مكّن هذا الاكتفاء الذاتي المغرب من إكمال معركته، لحد الآن، بنجاح ضد كوفيد 19. وبالتالي تؤكد المذكرة الحاجة إلى الابتكار في مجال الفلاحة على جميع المستويات (مجموعة جديدة من النباتات والآلات والمواد والمعدات الزراعية ، وما إلى ذلك) لهذا نوصي بإنشاء مركز للابتكار الزراعي المستقل، كما تلح المذكرة على ضرورة تشجيع المؤسسات ورأس المال على رعاية أفكار الباحثين المغاربة ، دون نسيان إبلاء أهمية خاصة لهذا النشاط في قوانين المالية.
تحتاج الفلاحة أيضا، حسب المذكرة، إلى صناعة معالجة قوية ، لتعزيز منتجاتنا الزراعية وهو ما نحتاج من خلاله إلى إنشاء مصانع معالجة بالآلات الصناعية المبتكرة في المغرب (Made Morocco)، ومن أجل تحقيق التوازن التجاري مع الدول المصدرة للسوق المغربي (نستورد ضعف ما نصدره)، تقترح حكومة الشباب الموازية تشجيع المستثمرين على زيادة الاستثمار في الفلاحة والأغذية الزراعية الوطنية. كما شددت المذكرة على أن الوقت مناسب لتطوير الزراعة المستدامة ، والزراعة الإيكولوجية والزراعة الدقيقة. هذا النوع من الزراعة أقل استهلاكًا للطاقة مقارنة بالزراعة الحالية ذات العائد الأفضل والجودة الأضعف.
أما الجانب السياسي والمؤسساتي أكدت المذكرة أن الأزمة الحالية أبانت عن الحاجة الملحة إلى دولة إجتماعية قوية بمؤسساتها، وما التعامل بحزم وجدية خلال أزمة كورونا من طرف أجهزة الدولة، لدليل صريح على أن المغرب حصن قواعد الدولة الحديثة والمتضامنة، وبالتالي، ف، حسب وثيقة لبشباب المقدمة لرئيس الحكومة، أصبح من الضروري العمل بكل مسؤولية من أجل تفعيل التوجهات السياسية للدولة بالتوفر على أرضية سياسية قوية، وبأدوار واضحة و صارمة، من أجل التأسيس لشراكة فاعلة بين الفاعلين الأساسيين في برامج التنمية و مجتمع مدني مواكب ومنتج ومساهم. وهو ما تقترح المذكرة من خلال ضرورة تأهيل الممارسة السياسية والمدنية و تطوير مهام وصلاحيات المؤسسات السياسية المنتخبة وطنيا وترابيا، وإعادة النظر في النظام الإنتخابي المغربي بشكل مستعجل، حتى يتلاءم مع التصور الجديد للممارسة السياسية في المغرب، التي تتوخى الكفاءة في إختيار المسؤولين عوض الريع الإنتخابي. مع مراجعة التقطيع الإنتخابي بما يلائم إرادة الناخبين و إحترام إرادة الصناديق. وهنا تقترح حكومة الشباب الموازية تخصيص لوائح وطنية وجهوية ووإقليمية ومحلية للكفاءات والأطر السياسية تضم الثلت لكي يتمكن البرلمان والمجالس المنتخبة من التوفر على كفاءات سياسية قادرة على التشريع وتتبع السياسات العمومية وتقديم مقترحات. كما تؤكد المذكرة ذاتها على ضرورة إضفاء فعالية على العمل الحكومي عبر سن سياسات إلتقائية دامجة لجميع الفئات الاجتماعية، وتسريع وتأهيل الإدارة وعقلنة تدبيرها، ليكون لها أثرعلى المرفق العام.