مع بداية النقاش حول مشروع قانون المالية بالبرلمان يعود النقاش حول الميزانيات والمشاريع، وما أنجز منها وما لم يتم إنجازه، وفي الغالب تتم المناقشات حول المشاريع المتوقفة دون سبب واضح.
وكان جلالة الملك محمد السادس، في أحد الخطابات الملكية، قال بأن الحل للخروج من هذه الوضعية هو القطع مع المشاريع المتقطعة، وان يصبح لأي مشروع نقطة بداية ونقطة نهاية، أي أن يكون محددا في فاصل زمني واضح، وليس متروكا للصدفة، فكم من مشاريع تنطلق وتتوقف في المنتصف وتستأنف تم تعود للركود من جديد وتبقى خرابا إلى أجل غير مسمى.
إذا لم يصبح للمشاريع نقطة بداية ونقطة نهاية، فإن مشاكل المغرب لن تنتهي أبدا، فالتماطل الذي يمارسه البعض، وعدم قيام آخرين بمهامهم كما ينبغي لهم، يعرقل تطور البلاد، التي تعرف مشاريع كبرى وأوراش ضخمة تضاهي ما هو موجود في بلدان متقدمة، لكن تأخير بعض المشاريع، يجعل المغرب يسير بسرعتين بتعبير جلالة الملك في خطاب العرش.
فأول انطلاقة للعمل الجدي هو القطع مع المشاريع المتقطعة، التي تعرقل السير الطبيعي لبلادنا، بل تجعل الأوراش الكبرى بدون قيمة، لأن بموازاة هذه الأوراش، والتي يتم إنجازها في وقتها وفي الزمان المحدد لها وداخل فاصل زمني واضح ومعروف، هناك أوراش أخرى يلزم القيام بها قصد التكامل لا ترى النور وإذا رأته لا تنتهي الأشغال فيها في الأوقات المحددة أبدا.
كما أنه لا يمكن التعميم على كل المشاريع، فهناك بعض المسؤولين يسهرون على القيام بالمشاريع في وقتها ووفق دفاتر التحملات، وهناك مسؤولون آخرون يعتبرون الاستثمارات العمومية مجرد فرصة لنهب ما يمكن نهبه مما يؤثر سلبا على دور المراقبة، الذي تضطلع به الإدارات العمومية.
عند مناقشة الميزانيات الفرعية تدور جدالات توحي لك بأن هناك اقتساما قسريا للمال العام، يريد كل واحد نصيبه منه، وواقع الحال أن الميزانيات تهم المغرب برمته، واي وزارة قامت بمشروع ناجح فهو للمغرب وهو محسوب للحكومة، فالإصرار على هذا الاقتسام يوحي بأن القضية يطبعا غياب “المعقول”.
فتركيز الميزانيات في القطاعات الأكثر حاجة أسلوب رائد، وهو وسيلة لحل الكثير من الأزمات، فبدل تشتيت الميزانيات بشكل لا يكفي لتدبير أي مشروع لا تجدي نفعا، والطريقة التي خرج بها المجلس الوزاري، برئاسة جلالة الملك محمد السادس، بخصوص رفع ميزانتي التعليم والصحة وتخصيصهما بنصيب وافر من مناصب الشغل، طريقة مثلى لمعالجة النقص في المجال.
لو أن كل سنة تم فيها تركيز الميزانية العمومية في قطاع أو قطاعين لتم حل الكثير من النقائص التي تعرفها بعض القطاعات.
لكن ينبغي التأكيد على أن بناء الأوطان لا يتم بالنوايا الحسنة ولكن بالقانون وتطبيقه بشكل صارم ومعاقبة كل من يفرط في مسؤوليته.