حذر خبراء اقتصاديون بالمغرب، من تداعيات أزمة كورونا على الاقتصاد الوطني و القطاعات الحيوية للبلاد، وتزامن أزمة الوباء مع تداعيات الجفاف، موضحين أن جائحة كوفيد-19 تؤثر على الاقتصاديات الوطنية بطرق مباشرة، حيث إنها تبطئ الاستثمار والإنتاج والتشغيل وتبادل السلع والخدمات وتوزيع المداخيل، و تقلص من حجم النشاط الاقتصادي داخل حدود الدول.
وأفاد بحث اكاديمي، ان التأثيرات غير المباشرة للجائحة، تتمثل في التأثير سلباً على مُناخ الأعمال وسير المبادلات الخارجية وحركية الرأسمال الأجنبي المباشر، كما الرساميل في المحفظة على الصعيد العالمي، ومن ثمة فهي تعرقل نمو الاقتصاديات القومية في سياق يتسم بعولمة جامحة على كافة الأصعدة.
وكشف الدكتور إبراهيم منصوري، أستاذ العلوم الاقتصادية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية التابعة لجامعة القاضي عياض بمراكش، في ورقةً بحثيةً نشرت على موقع “Academia” رصد فيها تأثير الجفاف وكورونا على الاقتصاد المغربي، أن صُناع القرار في البلاد مطالبون بصياغة وتنفيذ إستراتيجيات عقلانية تروم امتصاص الصدمتين القويتين.
وأفاد الباحث، أن الاقتصاد المغربي كان يعرف ديناميكية لا بأس بها مع تزايد تنوعه وانفتاحه على الاقتصاد العالمي، خاصةً بفضل حزمة واسعة من الإصلاحات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والإستراتيجيات القطاعية التي تم تنفيذها منذ اعتلاء جلالة الملك محمد السادس عرش المملكة.
من جهتها نبهت رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين حكومة سعد الدين العثماني إلى اتخاذ تدابير استعجالية لحماية قطاع العقار من تداعيات أزمة كورونا، وذلك من خلال إنعاش الطلب ونشاط صناعة البناء، واتخاذ تدابير مُحددة للسكن الاجتماعي.
واشارت الرابطة، الى أن قطاع صناعة البناء يُعاني من تداعيات الحظر الصحي الحالي ويتطلب من الحكومة اعتماد مخطط استعجالي؛ لأن الأمر يتعلق بقطاع يُساهم بأكثر من 14 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي.
و يوظف قطاع صناعة البناء في المغرب، ويضم أنشطة الأشغال العمومية والإنعاش العقاري، أكثر من مليون شخص، ويستحوذ على حوالي 30 في المائة من الالتزامات المصرفية، و يواجه القطاع مخاطر كبيرة جراء توقف أزيد من 90 في المائة من المشاريع بسبب أزمة فيروس كورونا المستجد، وهو ما سيؤثر على الوضعية المالية للمقاولات العاملة بالقطاع، وعلى الوضعية الاجتماعية للعاملين والمستخدمين بهذه المقاولات.
و اقترحت الرابطة مخططاً استعجالياً يمتد حتى نهاية سنة 2021 تحت شعار “مُتضامنون لإنقاذ مناصب الشغل في قطاع العقار”، يهدف إلى إعادة تشغيل القطاع الذي يمكن أن يتم بسرعة كبيرة، عبر إحياء الطلب وصناعة البناء، واتخاذ تدابير واقعية لإنعاش السكن الاقتصادي والاجتماعي.
ويقتضي المخطط أولاً إحياء الطلب بإجراءات مستعجلة لفائدة المشترين للعقارات، من خلال تشجيع المنعشين العقاريين على منح تخفيضات في أسعار بيع المساكن بنسبة لا تقل عن 10 في المائة تطبق حتى نهاية عام 2021، وخاصة بالنسبة للسكن الاجتماعي والسكن المخصص للطبقة المتوسطة، وحثهم على الحفاظ على مناصب الشغل واستخدام مواد البناء المحلية.
ودعا خُبراء الرابطة، الى إطلاق تدابير ضريبية تحفيزية انتقالية إلى غاية نهاية سنة 2021، من بينها تخفيض نسبة ضرائب تسجيل العقارات ورسوم المحافظة العقارية بنسبة 50 في المائة للمشترين لأول مرة.
واقترحت الرابطة توفير شروط الأمن والسلامة الصحية داخل مواقع البناء، وتبسيط جميع الإجراءات والمساطر الإدارية من أجل إنعاش الإنتاج، وتعزيز الطلبيات العمومية في القطاع مع إعطاء الانطلاقة الفورية للمشاريع المرخصة والمتوقفة بسبب الحظر الصحي من طرف الحكومة، وتسهيل مهام الموثقين الملتزمين باستئناف نشاطهم خلال فترة الحظر الصحي.
و يرى خبراء الرابطة أن هناك ضرورةً لتحرير بيع المساكن ذات التكلفة المنخفضة، وإتاحة الفرصة للمنعشين العقاريين الذين وقعوا على اتفاقيات السكن الاجتماعي ولم يحصلوا بعد على التراخيص الضرورية للتراجع عن هذه الاتفاقيات، إضافة إلى إقرار تمديد لمدة ستة أشهر للآجال القانونية المحددة لتقديم رخصة البناء بعد التوقيع على اتفاقية السكن الاجتماعي.