للفساد تكلفة باهظة تتأثر بها جميع المجالات، كما أن نتائج النزاهة تظهر للعيان ولا تحتاج إلى من يستخرجها، لأن الفساد ينعكس على المجتمع وعلى الاقتصاد وتضر ممارسته بالعلاقات العامة، بينما النزاهة تساهم في تطور الإنتاج وتقدم البلاد، وأي بلد يعشش فيه الفساد لن يتقدم قيد أنملة، لأنه كابح كبير للمنافسة الشريفة التي هي أساس تقدم الأمم.
الحكومة المغربية، التي يترأسها عزيز أخنوش منذ أربع سنوات وزيادة، اختارت التعامل السلبي مع مؤسسات الحكامة، التي أقرها الدستور، فعلى عكس باقي الحكومات، التي لا نزكي تصرفها وممارستها ولكن لم تطعن في نتائج المؤسسات الدستورية، وهي ترى في كل التقارير التي تصدر عن الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، وعن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان ومؤسسات أخرى، (ترى فيها) خصما.
فهذه المؤسسات كما هو معروف للغادي والبادي لا تمارس السياسة ولا تخدم جهة سياسية بعينيها، ولكنها مؤسسات دستورية تقدم خدمة كبيرة للحكومة لو كان رئيسها ووزراؤها يعلمون، لأن من أهدى إليك عيبك ساعدك على الاستقامة، ام من يصفق لك على الباطل فهو يريد أن تستمر في التيه والضلال.
في تقديم الخطة أو الاستراتيجية الخماسية لمحاربة الفساد أعلنت الهيئة أنها مستعدة للتعاون مع جميع الجهات الملتزمة بمحاربة الفساد. الهيئة قالت إن عملها يستند إلى معايير قانونية دقيقة تُحدّد مفهوم الفساد كما ورد في المادة الثالثة من القانون المنظم، وإلى المرجعية الدولية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
يتفق المعنيون في هذه البلاد أن الفساد يكلّف المغرب ثمناً باهظاً على مستوى التنمية، وأنّ المعايير المعتمدة دوليا، من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والبنك الإفريقي للتنمية والبرلمان الأوروبي، تؤكد حجم هذه التكلفة، رغم اختلاف التقديرات الرقمية بين الجهات الدولية.
ولهذا ترى الهيئة أن مكافحة الفساد تتطلب ترسانة قانونية متكاملة، وهذا الأمر ليس اختياريا بل إلزاميا بالنظر إلى إلى أن الاتفاقية الأممية حدّدت بشكل واضح الالتزامات الضرورية والتكميلية التي يتعيّن على الدول اعتماده، وليس أمام الحكومة من فرصة للفرار في أي اتجاه لأن المغرب كما هو معروف ملتزم بتطبيق كل التزاماته الدولية.
وما زال المغرب بحاجة إلى استكمال بعض التشريعات الأساسية، وعلى رأسها تجريم الإثراء غير المشروع، وإخراج قانون تضارب المصالح، فضلاً عن إصدار منظومة حديثة لحماية المبلّغين، وتحيين قانون التصريح بالممتلكات لجعله أكثر فعالية في الكشف عن حالات الإثراء غير المشروع.
فالترافع الواجب اليوم من قبل الأحزاب السياسية والهيئات المنتخبة والبرلمانيين والحقوقيين وحتى رجال المال والاقتصاد الوطنيين، هو الترافع من أجل تشريعات تجرم الإثراء غير المشروع لأنه يخفي خلفه مرضا خطيرا اسمه الفساد يتجلى في هذا العنوان ومن غير حرب على هذا النوع من الإثراء لن تتقدم البلاد أية خطوة إلى الأمام في زمن ينبغي تشجيع التنافس لصناعة الثروة.






