قبل أيام وبمناسبة عيد العرش المجيد، قال جلالة الملك محمد إنه من غير المقبول أن يسير المغرب بسرعتين، ففي الوقت الذي يعرف المغرب منجزات كبيرة ومشاريع ضخمة تعيش مناطق خطيرة خارج مجال التنمية، واليوم نخلد ذكرى ثورة الملك والشعب، التي تذكرنا بضرورة أن يسير المغرب بسرعة واحدة، تنسجم مع الشروط الذاتية والموضوعية، وتنسجم مع تطلعات المغاربة بقيادة جلالة الملك.
لقد كانت ثورة الملك والشعب قدرا مغربيا، التقت فيه القاعدة الشعبية مع القيادة الوطنية في رسم مسار الحرية والتحرير، وهكذا كان جلالة الملك المغفور له محمد الخامس بطل الوحدة والاستقلال، ولعل المغرب من البلدان القليلة التي توحدت فيها إرادة السلطان (القائد) بإرادة الشعب (المقاومة) في سياق التخلص من الاستعمار، الذي جثم على صدر الأمة فترة من الزمن.
لقد تحقق الاستقلال بفضل السير بسرعة واحدة موحدة، وهي السرعة التي كان مفروضا أن يسير فيها المغرب وفق منظور المغفور له محمد الخامس، الذي قال حين العودة من المنفى “لقد عدنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر”، بمعنى أنه لا قيمة للاستقلال إن لم يكن مصحوبا ببناء الوطن وبالتنمية وبناء الدولة الحديثة والاقتصاد الوطني المستقل.
ثورة الملك والشعب هي ثورة “معية”، أي ثورة الملك مع الشعب وثورة الشعب مع الملك، فلا عطف في هذه الثورة، أي أنها لا يمكن أن تنفصل. وهذا ما تجسد في تاريخ المغرب. حيث اجتمع المغاربة قاطبة وراء المغفور له الملك الحسن الثاني عندما أعلن عن المسيرة الخضراء لتحرير ما تبقى من أراض مغربية تحت نير الاحتلال الاسباني. وسار وراءه المؤيد والمعارض في صف واحد.
واستكمالا لمسيرة البناء تم تتويج ثورة الملك بثورة ثانية هي ثورة الملك والشعب سنة 2011 بالإعلان يوم التاسع من مارس عن تحولات دستورية كبيرة.
تمثل أحداث هذه السنة التعبير الكبير لثورة الملك والشعب، حيث ارتفعت مطالب الشباب، التي استجابت لها المؤسسة الملكية بأقصى سرعة ممكنة، ولم تترك فرصة ليتم استغلالها من قبل شيوخ السياسة والإيديولوجية، وجاءت بدستور “ثوري”، ما زال إلى حد الآن في حاجة إلى نخب سياسية من أجل تنزيله بالكامل على أرض الواقع.
وهكذا يمكن إجمال الكلام في أن ثورة الملك والشعب تعني في تجليات ما تعنيه “السير بسرعة واحدة”، وبما أنها “ثورة” فالسرعة تعني هنا السير الحثيث نحو التقدم، وهو ما تجسد أساسا في العناصر التي وضعها جلالة الملك في خطاب العرش من صياغتها كبرنامج تنفيذي عنوانه “التنمية والعدالة المجالية”.
تصادف ذكرى ثورة الملك ذكرى عيد الشباب. عنوان واحد للتقدم. السير بسرعة واحدة وتمكين الشباب من مصادر القوة ومصادر القرار وقيام شيوخ السياسة بترك المواقع لهذه الفئة القادرة على الإنتاج والعمل السريع والمتكامل.