إغلاق الحدود المشتركة حتى داخل الفضاء الواحد ، سباق محموم لاقتناء المعدات الطبية ووسائل الحماية وإن اقتضى الأمر الدوس على قواعد التجارة الدولية وأسس المعاملات، اعتماد سياسات مالية واقتصادية أحادية موجهها الرئيس المصلحة القطرية الصرفة . هكذا ترتسم ملامح تعاطي البلدان الأكثر “تقدما” في العالم مع جائحة كورونا، واضعة على المحك، مقولات “التضامن الدولي” والعمل الانساني المشترك” لاسيما في زمن الجوائح والكوارث الكبرى.
ويستمد التساؤل حول آليات التضامن التي أوجدها المنتظم الدولي ، لاسيما في هذه الظرفية الاستثنائية التي تجتازها البشرية، مشروعيته من طبيعة ردود الفعل التي غلبت المصالح الوطنية الضيقة والحلول الأحادية محجمة في الوقت ذاته عن مد العون لبلدان اجتاحها الوباء والأدهى من ذلك سد الأبواب في وجهها وتضييق الخناق عليها.
ولعل ما جرى ويجري في إيطاليا يقدم مثالا صارخا على هذا السلوك المستهجن الذي جعل شرائح واسعة من الإيطاليين تعيد النظر ،جراء المرارة التي تجرعتها، في قناعاتها بخصوص الانتماء إلى الفضاء الأوربي “المشترك”.
وإذا كان هذا هو واقع الحال بالنسبة لبلد عضوا في الاتحاد الأوروبي وجد نفسه وحيدا في مواجهة الوباء الفتاك ، ولازال يصارع من أجل إصدار “سندات اليورو” لتوفير التمويل اللازم لمواجهة تداعياته ، فإن التساؤل يبدو أكثر إلحاحا بالنسبة للبلدان النامية والفقيرة التي تعاني أصلا من هشاشة منظومتها الصحية وبينتها الاقتصادية فضلا عن افتقارها لوسائل التصدي للجائحة.
وفي هذا السياق،أكد التقرير الفصلي الأخير حول آفاق الاقتصاد العالمي الذي صدر أمس الثلاثاء في واشنطن على هامش الاجتماعات الربيعية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي التي تعقد هذه السنة “افتراضيا” بسبب جائحة كورونا، أن التعاون متعدد الأطراف يعد ضروريا للتصدي للأزمة المركبة الناجمة عن الوباء إذ بالإضافة إلى تبادل المعدات والخبرة المتخصصة لتعزيز نظم الرعاية الصحية حول العالم، يجب القيام بجهد عالمي يضمن للبلدان الغنية والفقيرة على السواء الحصول على الأدوية واللقاحات المطلوبة لفيروس كوفيد-19 فور التوصل إليها.
وأبرز التقرير أن المجتمع الدولي مدعو، في ضوء الازمة الراهنة، إلى تكثيف المساعدات المالية لكثير من اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية والنظر في تأجيل سداد الدين وإعادة هيكلته بالنسبة للبلدان التي تواجه مدفوعات كبيرة لسداد ديونها.
ودعا إلى التفكير في إجراءات يمكن اعتمادها لمنع تكرار أحداث كهذه الجائحة من قبيل تعزيز أمن الصحة العامة والاقتصاد العالمي معا من خلال تحسينات في البنية التحتية للصحة العامة العالمية و زيادة تبادل المعلومات عن الأمراض المعدية غير المعتادة وتعزيز الطابع التلقائي لهذا التبادل، والتبكير في إجراء اختبارات الكشف عن الفيروس وتوسيع نطاقها، وبناء مخزون عالمي من معدات الوقاية الشخصية، ووضع بروتوكولات تحظر القيود على التجارة في المستلزمات الضرورية.
وحذر تقرير مماثل أصدره صندوق النقد الدولي حول “الاستقرار المالي العالمي” على خلفية أزمة كوفيد-19 من أن اقتصادات الأسواق الصاعدة والواعدة تواجه “ما يشبه العاصفة المكتملة”، حيث تعرضت لأعتى موجة خروج لتدفقات الحافظة على الإطلاق، سواء بالدولار أو كنسبة من إجمالي ناتجها المحلي.
ورجح التقرير أن يؤدي فقدان التمويل الخارجي للديون