كشف مشروع قانون المالية التعديلي الجديد، عن توجيهات ملكية تشدد على ضرورة مواكبة الاستئناف التدريجي للنشاط الاقتصادي، والحفاظ على مناصب الشغل، وتسريع تنزيل الإصلاحات الإدارية، و تخصيص 5 ملايير درهم لمواكبة تفعيل آليات الضمان، لفائدة كل أصناف الشركات بما في ذلك المقاولات العمومية، حيث ستستفيد هذه المقاولات من شروط تفضيلية تتمثل في سعر فائدة أقصى لا يتعدى 3.5 في المائة، ومدة سداد تعادل 7 سنوات، مع فترة إعفاء لمدة سنتين وضمان من طرف الدولة يتراوح بين 80 في المائة و90 في المائة، ويصل إلى 95 في المائة بالنسبة للمقاولات الصغيرة جدا.
وشددت التوجيهات الملكية، على الاستمرار في المواكبة الاجتماعية والاقتصادية للقطاعات التي ستعرف صعوبات، و تفعيل المواكبة الخاصة لمختلف القطاعات، في إطار تعاقدي، مع الفاعلين الاقتصاديين المعنيين، مع ربط الاستفادة من الدعم المخصص لاستئناف النشاط الاقتصادي، بالحفاظ على 80 في المائة من الأجراء المسجلين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والتسوية السريعة لوضعية المستخدمين غير المصرح بهم.
وأكد الناطق الرسمي باسم الحكومة، على أنه تم التركيز على ضرورة الاستئناف التدريجي للنشاط الاقتصادي من خلال تنزيل تدابير تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات كل قطاع على حدة، في ارتباط بحجم الضرر الذي تكبده جراء الأزمة، والفترة اللازمة لاستعادة نشاطه، مشيرا الى أن ذلك سيتم في إطار اتفاقيات قطاعية.
ويتجه مشروع قانون المالية التعديلي لسنة 2020، الى إطلاق إصلاح مؤسساتي لصندوق الضمان المركزي، عبر تعديل القانون المؤطر لهذا الصندوق لملاءمته مع أفضل الممارسات على المستوى الدولي، وتحسين حكامته، وتحديث التدبير المالي لالتزاماته، وتكييف هيئاته الإدارية والتدبيرية والرقابية، علاوة على تخصيص 15 مليار درهم، مما سيمكن من رفع استثمارات الميزانية العامة للدولة لتبلغ 86 مليار درهم، وذلك لتسريع استعادة الاقتصاد الوطني لديناميته.
ويشدد مشروع القانون، الذي ناقشه اليرلمان بمجلسي مساء أمس، على تسريع تنزيل الاصلاحات الادارية فيهم تقوية مناخ الأعمال عبر تسريع ورش تبسيط المساطر ورقمنتها، وتسريع اعتماد وتنزيل ميثاق المرافق العمومية، وتعزيز الإدماج المالي بتعميم الأداء عبر الوسائل الالكترونية.
حيث أكد النطاق الرسمي باسم الحكومة، على أن مشروع قانون المالية المعدل للسنة المالية 2020 ، من المتوقع أن يعرف الناتج الداخلي الخام، خلال سنة 2020، تراجعا بـنسبة 5 في المائة، كما سيصل عجز الميزانية إلى ناقص 7.5 في المائة.
و صادق مجلس الحكومة، يوم الثلاثاء، على مشروع قانون المالية المعدل رقم 35.20 للسنة المالية 2020، وذلك بعد تقديم توجهاته العامة، طبقا لمقتضيات الفصل 49 من الدستور، خلال المجلس الوزاري الذي ترأسه صاحب الجلالة الملك محمد السادس بالقصر الملكي بالرباط، يوم الاثنين 14 ذو القعدة 1441، الموافق لـ 6 يوليوز 2020، حيث أوضح وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، الناطق الرسمي باسم الحكومة، أنه تمت المصادقة على هذا المشروع، بعد مناقشة العرض الذي قدمه وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة بهذا الخصوص، حيث تطرق لمعطيات السياقين الدولي والوطني، الناجمة أساسا عن جائحة كوفيد-19، والتي فرضت اللجوء إلى أول مشروع قانون مالية م ع د ل في ظل القانون التنظيمي الجديد لقانون المالية.
من جهته اعتبر الأستاذ الباحث بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس، عبد الرزاق الهيري، أن مشروع قانون المالية المعدل يعكس “السياسة الإرادية للدولة” لتجاوز آثار جائحة كوفيد-19 ، من خلال الدعم الموجه للأنشطة الاقتصادية، وأوضح الهيري أن مشروع قانون المالية المعدل يترجم أيضا الاهتمام الكبير الذي أولته الدولة للقطاعات ذات الأولوية، خاصة الصحة والتعليم والتكوين والأمن والتحول الرقمي.
و يرى الاستاذ الجامعي، أن الآثار الاقتصادية كانت لها تداعيات سلبية على المالية العامة وأطاحت بالفرضيات التي بني عليها تحضير قانون المالية 2020 خصوصا في ما يتعلق بالنمو الاقتصادي ومستوى عجز الميزانية.
وشدد على أن التغيير الجذري في الظرفية الاقتصادية و دور عوامل الاستقرار التلقائي جعل من الضروري وضع قانون مالي معدل، مشيرا إلى أن هذه العملية تعتبر ليس فقط بمثابة آلية تروم احتواء آثار الأزمة وضمان استقرار الماكرو-اقتصادي بل أيضا وسيلة لإنعاش النشاط الاقتصادي، وأضاف أن بلوغ الأهداف المحددة من قبل مشروع القانون هذا يتطلب حتما مضاعفة الجهد في مجال الاستثمار العمومي من قبل الدولة والمؤسسات والجماعات من أجل تعزيز الطلب الشامل والحفاظ على مناصب الشغل في القطاع الخاص.
وحسب الهيري فإنه “يتعين ألا نتجاهل الفكرة القائلة بأن قانون المالية المعدل ليس سوى آلية سياسة للميزانية التي يجب أن تكون متناسقة من حيث القرارات المتخذة ومنسجمة مع مختلف جوانب السياسة العامة للدولة”.
واعتبر أن سياسة الميزانية يجب أن تكون “ذكية” مع احترام المبادئ التوجيهية، والمتمثلة أساسا في تعزيز النمو الاقتصادي عبر دعم المقاولات المنتجة، والإنتاجية والشغل، والحاجة إلى أن تكون عمليات تعزيز الميزانية لها آثار مضاعفة عالية، وكذلك الحيطة فيما يتعلق بتمويل عجز الميزانية، وقال إن “هذه الحيطة تبقى الضامن الوحيد ضد أي زيادة في حجم ديون الخزينة، وهو دين قد يضر بالأجيال المقبلة”.