أعطت توجيهات جلالة الملك محمد السادس بالمجلس الوزاري الجديد، نفسا جديدا لمرحلة العمل السياسي ما بعد “كورونا”، وكشف المجلس الوزاري عن العودة القوية لجلالة الملك في تنزيل إصلاحات وتوجيهات تنعش الإقتصاد الوطني وتنقذ القطاعات المتضررة وتضخ دماء جديدة في الحياة السياسية والإقتصادية والإجتماعية، وأظهر الحرص الملكي السامي على مباشرة جلالة الملك للعمل بعد فترة نقاهة صحية، على الإلتزام السامي لجلالة الملك تجاه المغاربة، في الوقوف على جميع الإجراءات والقرارات التي تهم الصالح الوطني، والإشراف الشخصي على توجهات الدولة، للخروج من أزمة “كورونا” نحو النماء والتطور الذي ينشده جلالة الملك للمغاربة.
وجاء ترأس جلالة الملك محمد السادس، محفوفا بصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، أول أمس الإثنين بالقصر الملكي بالرباط، للمجلس الوزاري للتداول في التوجهات العامة لمشروع قانون المالية المعدل لسنة 2020، والمصادقة على عدد من مشاريع القوانين، لمعالجة وضعية الإقتصاد الوطني والحفاظ وحماية مناصب الشغل، ودعم المقاولات الصغيرة المتضررة من “كورونا” ودعم القطاع الخاص.
وحرص جلالة الملك، على أن يتضمن قانون المالية التعديلي، الحفاظ على مناصب الشغل في القطاع الخاص، من خلال تخصيص موارد الصندوق الخاص بتدبير جائحة كورونا، إلى غاية نهاية السنة الجارية، للاستمرار في المواكبة الاجتماعية والاقتصادية للقطاعات التي ستعرف صعوبات حتى بعد رفع الحجر الصحي، و تفعيل المواكبة الخاصة لمختلف القطاعات، في إطار تعاقدي، مع الفاعلين الاقتصاديين المعنيين، مع ربط الاستفادة من الدعم المخصص لاستئناف النشاط الاقتصادي، بالحفاظ على أكثر من 80% من الأجراء المسجلين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والتسوية السريعة لوضعية المستخدمين غير المصرح بهم.
وحرص جلالة الملك محمد السادس، على إستفسار وزير الصحة عن تطور الحالة الوبائية بالمغرب، حيث سأل جلالته وزير الصحة حول تطور الوضعية الوبائية، خاصة بعد تخفيف إجراءات الحجر الصحي، حيث أكد وزير الصحة أن الحالة الوبائية مستقرة مع درجة يقظة مرتفعة، وأن أغلب المصابين هم بدون أعراض. كما أوضح أنه رغم تخفيف الحجر الصحي، فإن نسبة الوفيات بقيت منخفضة، وعدد الحالات الحرجة قليل، وأن ارتفاع عدد المصابين في الفترة الأخيرة، يرجع بالأساس إلى توسيع دائرة الكشف الجماعي المبكر، والقيام بفحوصات مكثفة، وتتبع المخالطين. وأضاف أن لجنة علمية وطنية تواكب تطور هذا الوباء، وتقوم بإخراج وصفات وبروتوكولات العلاج اللازمة.
و قدم وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة عرضا أمام جلالة الملك حول التوجهات العامة لمشروع قانون المالية التعديلي، حيث تطرق لمعطيات السياقين الدولي والوطني، الناجمة أساسا عن جائحة كوفيد-19، والتي فرضت اللجوء إلى أول مشروع قانون مالية معدل في ظل القانون التنظيمي الجديد لقانون المالية، حيث تم تقديم المرتكزات الرئيسية التي تستند إليها التوجهات العامة لمشروع قانون المالية المعدل لسنة 2020، عبر مواكبة الاستئناف التدريجي للنشاط الاقتصادي، و الحفاظ على مناصب الشغل، و تسريع تنزيل الإصلاحات الإدارية، و مواكبة الاستئناف التدريجي للنشاط الاقتصادي، من خلال ، تنزيل تدابير تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات كل قطاع على حدة، في ارتباط بحجم الضرر الذي تكبده جراء الأزمة، والفترة اللازمة لاستعادة نشاطه. وسيتم ذلك في إطار اتفاقيات قطاعية، و رصد الاعتمادات اللازمة لتغطية مخاطر القروض المضمونة لفائدة كل أصناف الشركات بما في ذلك المقاولات العمومية، حيث سيتم تطبيق شروط تفضيلية من خلال سعر فائدة أقصى لا يتعدى 3,5%، ومدة سداد تعادل 7 سنوات، مع فترة إعفاء لمدة سنتين وضمان من طرف الدولة يتراوح بين 80% و90%، ويصل إلى 95% بالنسبة للمقاولات الصغيرة جدا، و دعم الاستثمار العمومي بما يمكن من تسريع استعادة الاقتصاد الوطني لديناميته.
وعلى مستوى المحور الثاني للمشروع، الذي يهم الحفاظ على مناصب الشغل في القطاع الخاص، فيما المحور الثالث جاء لتسريع تنزيل الإصلاحات الإدارية، الحرص على تفعيل مقتضيات القانون المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية خاصة فيما يتعلق باحترام الآجال القصوى لرد الإدارة على الطلبات المتعلقة بالاستثمار ، و تسريع تنزيل ميثاق المرافق العمومية ، و تكريس الشفافية والفعالية في تقديم الخدمات للمواطنين والمستثمرين، من خلال دعم التحول الرقمي للإدارة، وتعميم الخدمات الرقمية ، و تسريع تفعيل الاستراتيجية الوطنية للإدماج المالي، وخاصة عبر تشجيع وتعميم الأداء بالهاتف النقال.
و تطرق الوزير إلى فرضيات مشروع قانون المالية المعدل لسنة 2020، حيث من المتوقع أن يعرف الناتج الداخلي الخام، خلال سنة 2020، تراجعا بـ %5، كما سيصل عجز الميزانية إلى – %7,5، و تم التأكيد على أن جميع توجهات هذا المشروع تهدف بالأساس إلى التجاوز السريع لآثار الأزمة المرتبطة بجائحة كوفيد 19 على المستويين الاقتصادي والاجتماعي.