أظهرت جائحة فيروس كورونا المستجد معادن المغاربة بصدق، وكانت فرصة سانحة لنا لنعرف من هو مع الوطن من هو مع مصلحته وعشيرته وحزبه وإخوانه وصاحبته، وجسّدت لنا الغربال الذي يصفي الخبيث من الطيب من الناس والأحزاب والتجمعات والجماعات، فهي المعيار لصدق القول الذي عرفناه اليوم بالتجربة الاجتماعية، التي “فرقعت الرمانة” وخرج الحب الفاسد والصالح وتم العزل بينهما، وكل واحد اليوم له علامته على جبينه يعرف بها، فمن كان يعبد المصلحة فإنها المصلحة فانية ومن كان يخدم الشعب والوطن فإنهما إلى أبد الدهر.
في المغرب نحمد الله أن رئيس الدولة هو جلالة الملك محمد السادس، الذي وصفته صحيفة الواشنطن بوست بأنه “ملك يحب شعبه أكثر من الاقتصاد”، وهي مقولة تجسدت في عديد من الإجراءات، التي رغم قساوتها، وآثارها الاجتماعية والاقتصادية، كانت لها نتائج صحية إيجابية، حيث تجنب المغرب الكوارث والسيناريوهات الخطيرة، التي قد تؤدي لا قدر الله، لوفيات بالآلاف، لكن بفضل الله وحنكة جلالته تمكنا من تجاوز المرحلة الخطيرة وتعلمنا الصمود والمقاومة.
ولم ينتظر جلالته اتساع رقعة الإصابات ليعلن عن الإجراءات الاحترازية بل في البداية وكنا يومها نعد بضعة أشخاص مصابين بكوفيد 19، ولكنها الرؤية الاستيباقية والمتقدمة لجلالته هي التي دعت إلى اتخاذ قرار الطوارئ الصحية، ومن أجل رفع العنت عن المواطنين تم إحداث صندوق محاربة الجائحة لمواجهة الآثار السلبية لكل القرارات، وتم بفضله تقديم الدعم لمئات آلاف الأسر المعوزة والتي فقدت دخلها نتيجة إغلاق المؤسسات والمقاولات واستفاد المسجلون في الضمان الاجتماعي والمقيدون في راميد وغير الموجودين في سجلاتهما.
ومنذ البداية اجتمع جلالة الملك مع المسؤولين المعنيين وأعطى الأوامر للتكلف والاعتناء بالمغاربة العالقين بالخارج نتيجة إغلاق، وتم بفعل حركة واسعة النطاق قامت بها وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، وتم التواصل مع جميع العالقين والتكلف ماديا ومعنويا بكل من يطلب ذلك، في غياب تام للوزير الوفي ورئيس مجلس الجالية محمد بوصوف.
وآخر تلك الإجراءات قرار تجميع المصابين في وحدتين صحيتين ببنسليمان وبنجرير، قصد تسريع العلاج بالنظر لتتخصصهما وتخفيف الضغط عن المستفيات وإخلاء المكان لمعالجة الأمراض العادية والجارية مدار فصول السنة، وبالتالي هو من يستحق الشكر أولا.
تم جهد الشعب تمثل في صبر نادر واحترام كبير لقواعد الحجر الصحي، ولا عبرة لعدد المخالفات، فهي مقارنة مع المخالفات التي تم ارتكابها في دول متقدمة ومسماة متحضرة تعتبر صغيرة جدا. فشكرا شعبنا الصابر المثابر المتوجه نحو الانتصار على كوفيد.
وإن كان من شكر ينبغي تقديمه وتهنئة وتبريك فهي لعناصر الأمن والقوات العمومية، الذين أباونوا عن حنكة ومقاومة شديدة وظهر منهم أبطال في الذاكرة الجماعية، وإن كان من شكر يتم تقديمه فهو لجيش الوزرات البيضاء الذين ضحوا طوال الأشهر الماضي لمواجهة الجائحة.
غير أن الحكومة لم تقدم شيئا ولهذا فإن ما جاء في بيان العدالة والتنمية “تحية الحكومة بقيادة جلالة الملك نصره الله وكل السلطات المغربية المعنية، على الجهود المقدرة التي بذلت من أجل متابعة وإنهاء وضعية المغاربة العالقين في الخارج”…فما هي إلا محاولة للسطو على جهد لم تبذله الحكومة المضطربة والمتناحرة.