كشف يونس السكوري، وزير الإدماج الاجتماعي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، عن رقم ينبغي أن يتوقف الجميع عنده، بل أن تتوقف مؤسسات البلاد برمتها للنظر في خطورته، ويتعلق بوجود أكثر من 900 عاطل مغربي في صفوف الشباب لا يمتلكون أي شهادة أو ديبلوم يخولهم ولوج سوق الشغل.
وهذا لا ينبغي أن ينسينا أن مؤسسة رسمية كشفت في وقت سابق أن حوالي خمسة ملايين و650 ألف مواطن مغربي بين 15 و34 سنة، يوجدون خارج منظومات التعليم والتكوين والشغل، وهي كارثة بكل المقاييس، لأن ثروة كبيرة بيد المغرب لا يستغلها، وسوف تنقلب عما قليل لتصبح خارج دائرة الشباب وبالتالي خارج بوابة الإنتاج لتدخل منطقة “العالة” على المجتمع.
العاطل الذي يحمل شهادة أو دبلوما ينتظر حظه في العثور على عمل مهما كان تصنيفه، لكن غير الحامل للشهادة أو الدبلوم لا يمكن أن يشتغل سوى في “الحمل” وهي مهنة شبه منقرضة بعد أن توفرت الأدوات التي تقوم بهذا العمل، وبالتالي فإن هذا المليون من المغاربة لا أمل لهم في شغل كريم يحفظ مواطنتهم ويحميهم من التعسف، حيث يمكن استغلالهم في أشغال لا تليق بمواطن كامل المواطنة.
البرامج الحكومية فشلت في معالجة الجذور العميقة لهذه الأزمة. وهذا باعتراف الوزير نفسه. هذا الاعتراف الحكومي، ولو جاء متأخراً، يعكس حجم التراكمات التي جعلت سوق الشغل المغربي يواجه واحدة من أعقد مراحله منذ عقود، في ظل تحولات اقتصادية سريعة وضعف الفرص وغياب سياسات عمومية ناجعة في استهداف الفئات الأكثر هشاشة.
المشكل لم يكن فقط في ضعف التمويلات أو غياب التنسيق، بل أساساً في غياب مقاربات عملية تستجيب لواقع شباب لا يتوفرون على شهادات، ولا يملكون خبرة مهنية تسمح لهم بولوج سوق الشغل. وحسب السكوري، فإن الفئة الأكثر هشاشة، أي الشباب المنقطعين عن الدراسة أو الذين خرجوا مبكراً من المدرسة دون تكوين، كانت دائماً خارج دائرة الاهتمام، بالرغم من أنها تمثل اليوم أكثر من 900 ألف شاب “من المستحيل تقريباً أن يجدوا فرصة عمل أولى” بدون برامج فعّالة وقابلة للتنفيذ.
وهل البرامج التي سبقت والمتعلقة بالتكوينات استنفدت دورها ولم تؤد إلى أهدافها؟
ولو كانت هذه التكوينات تفيد لأفادت المدرسة أولا. ولماذا يوجد كل هذا الكم من العاطلين الحاملين للشهادات أو غير الحاملين؟
قد يكون الجواب عن وجود عاطلين هو الظروف والأزمة الاقتصادية وغيرها من الأسباب، لكن ما السبب في وجود حوالي مليون عاطل دون شهادة؟ إذا قبلنا مبررات وجود عاطلين فكيف نقبل وجود عاطلين دون شهادات؟
كيف تدخل الحكومة منظومة ما يسمى مدرسة الريادة وهي لم تتمكن لحد الآن من توفير تعليم منهجي يقدم تعليما جيدا وخبرات للمغاربة بدل كل هذا التخبط بين المناهج والبرامج وخصوصا تلك المرتبطة بمشاريع تجارية.






