اثار غياب أكثر من 600 دواء أساسي في المغرب، استنفار مصالح الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية هذه المعطيات، معتبرة أن الأرقام المذكورة لو كانت صحيحة لكان لها أثر مباشر وخطير على المنظومة الصحية الوطنية، وهو ما لا يعكسه الواقع، وفق تأكيدها. وأوضحت الوكالة، بصفتها السلطة الوطنية المختصة بتنظيم ومراقبة القطاع الدوائي، أن انقطاع بعض الأدوية قد يحدث بين الفينة والأخرى، وهي ظاهرة عالمية ناجمة عن تحديات مرتبطة بسلاسل التموين الدولية، والمواد الأولية، وتقلبات الأسواق العالمية، مشيرة إلى أن المغرب يتعامل مع هذه الوضعية بمرونة وفعالية لضمان استمرارية العلاج.
وأكدت الوكالة أن مصلحة اليقظة وتتبع السوق الدوائي، التي تُعنى برصد وتحليل العرض الدوائي وطنياً والكشف المبكر عن أي توتر محتمل في التزويد، أثبتت نجاعتها في التدخل ومعالجة أي نقص قبل أن يتفاقم. كما أبرزت أن استراتيجيتها منذ إنشائها تقوم على تعزيز التصنيع المحلي للأدوية والمنتجات الصحية بهدف تحقيق السيادة الدوائية الوطنية، وهو ما ساهم في ارتفاع نسبة تغطية الاحتياجات الوطنية وتقليص الاعتماد على الاستيراد، وبالتالي ضمان استقرار السوق. ولفتت إلى أنها تعمل على كسر الاحتكار في بعض الأدوية عبر تسجيل أدوية جنيسة مماثلة لضمان المنافسة وتوفير بدائل علاجية بأسعار مناسبة للمرضى، إضافة إلى التخطيط الاستباقي، وتنويع مصادر التموين، وتخزين احتياطيات استراتيجية من الأدوية الأساسية.
غير أن معطيات ميدانية وتقارير جمعيات مهنية تشير إلى صورة مختلفة؛ إذ تؤكد الفيدرالية المغربية لحقوق المستهلك أن أكثر من 600 دواء أساسي يعرف نقصاً في الأسواق، تشمل علاجات لمرضى السكري وارتفاع الضغط وأمراض القلب والأعصاب والسرطان، في حين كشف تقرير آخر أن ما يقارب 1,200 دواء من أصل 6,211 مرجعاً مسجلاً كان في حالة انقطاع خلال مارس 2024، أي بنسبة تقارب 19.3%، وهو ما يعكس ضغطاً حقيقياً على الإمداد الوطني خاصة مع توسع التغطية الصحية. وأفاد صيادلة بأن النقص قد يستمر لأشهر مع تقلب في التوفر، وأن الاعتماد على الأدوية الجنيسة بات خياراً ضرورياً، بينما أرجعت بعض الهيئات المهنية جزءاً من الأزمة إلى ضعف الجدوى الاقتصادية لتصنيع بعض الأدوية نتيجة الأسعار المنخفضة، ما يدفع بعض الشركات إلى وقف إنتاجها.
وبينما تؤكد الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية أن الوضع تحت السيطرة وصحة المواطن هي أولويتها القصوى، تكشف المؤشرات الميدانية عن فجوة بين الخطاب الرسمي والواقع اليومي للمواطنين، الأمر الذي يجعل من تعزيز التخزين الاستراتيجي، ودعم الصناعة المحلية، ومراجعة السياسة السعرية، ضرورة عاجلة لضمان حق المرضى في الحصول على الأدوية بانتظام.