تحل يومه الخميس الرابع عشر من غشت؛ الذكرى السادسة والأربعون لاسترجاع إقليم وادي الذهب من الاستعمار الإسباني، وهي ذكرى وطنية مجيدة يخلدها الشعب المغربي؛ تكريسا لملحمته الكبرى في محاربة الحماية والاستعمار وحصوله على استقلاله الكامل والتام لجميع ترابه الوطني.
وبقدر ما يشكل الاحتفال بهذه الذكرى لحظة تاريخية متميزة في مسار استكمال المغرب الوحدة الترابية للمملكة، فإن ذكرى استرجاع هذا الإقليم بحد ذاته يشكل كل معالم تكريس الإرتباط الوثيق بين العرش العلوي المجيد وسكان الأقاليم الجنوبية، وعلى رأسهم سكان إقليم واذي الذهب؛ إذ يسجل التاريخ أنه في مثل هذا اليوم العظيم، وقبل ست وأربعين سنة من الآن؛ عبّر شيوخ وأعيان قبائل وادي الذهب، خلال حفل رسمي بالعاصمة الرباط، عن تشبثهم بالإنتماء إلى الوطن الأم المغرب، وقدموا بيعتهم الصادقة للملك الراحل الحسن الثاني، ليشكل هذا الحدث الكبير دليلا قاطعا على وحدة الأرض والشعب، وعلى الإرادة الجماعية لكافة المغاربة بمن فيهم أبناء الأقاليم الجنوبية، في التصدي الكبير؛ ليس للإستعمار وتكريس السيادة الوطنية وحسب، وإنما لبعض المناوئين للوحدة الترابية الذين كان قد تم التغرير بهم، في إطار مغالطة واهية للتاريخ بالدعوة للانفصال، وخلق نزاع مفتعل حول الصحراء المغربية.
وإذا كان تقديم البيعة والولاء للعرش الملكي في هذا اليوم التاريخي من طرف أبناء الأقاليم الجنوبية دليلا ساطعا وقاطعا على ارتباط الصحراء المغربية وأبنائها بالمؤسسة الملكية وباقي توابث المملكة المغربية الشريفة ارتباطا جوهريا وتاريخيا وثقافيا، لاتزعزعه قيد أنملة؛ فإنهما بيعة وولاء تستمران إلى اليوم دون قيد أو شرط وتتكرسان لدى أبناء الأقاليم الجنوبية أبا عن جد وتكرسان بالتالي تلاحم أبناء الأقاليم الجنوبية قي إطار قضيتهم الوطنية الأولى ضد أعداء الوحدة الترابية في الخارج والجوار،كما في الداخل..
ومما لاشك فيه أن هذه الذكرى الغالية لدى المغاربة قاطبة لا تقتصر على دلالاتها الرمزية والوطنية فقط، بل تمثل تكريسا لاستمرار مسيرة النماء الشامل في منطقة وادي الذهب، التي كانت انطلقت حينها واستمرت إلى حدود اليوم في إطار مقاربة تنموية انطلقت من هذا الأقليم لتشمل كافة الأقاليم الجنوبية إلى أقصى شبر من الصحراء المغربية، وذلك ضمن رؤية ملكية شاملة تهدف إلى تحقيق العدالة المجالية ورفع مستوى عيش المواطن الصحراوي الذي هو جزء لا يتجزأ من باقي مواطني المملكة الشريفة قاطبة من طنجة إلى الكويرة،إذ يدمغ الواقع
أنه بفضل التوجيهات الملكية السامية، شهدت كافة الأقاليم الجنوبية للملكة الشريفة وضمنها أقاليم وادي الذهب، تحولات جذرية جعلت من أهم مدن الإقليم؛ مدينة الداخلة مثلا، قطبا اقتصاديا صاعدا على الصعيدين الوطني والإفريقي.
ولعل ميناء الداخلة الأطلسي كمشروع استراتيجي ضخم رصدت لع استثمارات تفوق 12 مليار درهم،ليساهم في تعزيز التجارة البحرية وربط المغرب بعمقه الإفريقي دليل قاطع على جعل الإقليم والصحراء المغربية كافة وجهة تنموية واستثمارية متميزة لفائدة أبناء الأقاليم الجنوبية.كما أن مشاريع الطاقة المتجددة لتطوير مزارع الطاقة الريحية والشمسية بالمنطقة لتلبية الطلب المحلي وتصدير الطاقة.دليل كبير على المكانة التي يحتلها إقليم واد الذهب والصحراء المغربية في صلب الاهتمامات التنموية الملكية للنهوض بالأقاليم الجنوبية وجعلها وجهة متميزة وطنيا وبوابة دولية تشرئب على العالم وتتشبث بجذورها.
ولا تستثني المشاريغ التنموية بالأقليم مجال الصيد البحري والثروة السمكية وإحداث وحدات صناعية لتثمين المنتجات البحرية وتصديرها، وبالتالي خلق آلاف مناصب الشغل. وذلك دون استثناء
شبكة الطرق والبنية التحتية، وعلى رأسها الطريق السريع تيزنيت–الداخلة، الذي يربط الجنوب المغربي بالشمال،بل يرببط المغرب بعمق إفريقيا.
وبذكر مسيرة النماء؛ يذكر تأهيل السياحة البيئية والبحرية، بدعم السياحة المستدامة من خلال مشاريع الإيواء، والرياضات البحرية، والمحميات الطبيعية.كما أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لعبت دورا محوريا في تحسين ظروف عيش الساكنة المحلية بأقاليم وادي الذهب،
سواء بدعم التمدرس ومحاربة الهدر المدرسي، ودعم النساء والشباب بتمويل مشاريع مدرة للدخل وتشجيع المقاولات الصغرى والتعاونيات المحلية..
وذلك كله وغيره جزء من مشاريع كبرى، تحققت ولا يسع المجال لذكرها هنا، وتستوجب الافتخار بمسيرة النماء التي يستحضرها المغاربة قاطبة وأبناء الأقاليم الجنوبية عند كل ذكرى لاسترجاع إقليم وادي الذهب..