رغم مرور أكثر من عقد على صدور قانون يمنح المقاولات الصغرى والمتوسطة حقها في 20 في المئة من الصفقات العمومية، لا تزال هذه النسبة حبراً على ورق، في ظل غياب المراسيم التطبيقية التي يفترض أن تُخرج النص من جمود التشريع إلى حيز التنفيذ.
على أرض الواقع، تسير الأمور في الاتجاه المعاكس لروح القانون. آلاف المقاولات تغلق أبوابها كل عام، بعدما استنزفتها الديون، والضرائب، ومتأخرات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
وتُظهر الأرقام حجم النزيف: من 10 آلاف و500 مقاولة أفلست في 2021، إلى 14 ألفاً في 2023، وصولاً إلى 16 ألفاً في 2024، مع معطيات أخرى تتحدث عن 33 ألف مقاولة مغربية أعلنت إفلاسها خلال السنة نفسها، في انتظار ما هو أسوأ خلال 2025، حيث قد يتجاوز العدد 40 ألفاً.
عبد الله الفركي، رئيس الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغرى والمتوسطة، لا يُخفي خيبة الأمل. يقول إن حجم الاستثمارات العمومية بلغ هذا العام 340 مليار درهم، دون أن تستفيد هذه الفئة من المقاولات من حصتها القانونية.
ويُحمّل المسؤولية لتأخر إصدار المراسيم، رغم كل الاجتماعات مع وزارة الاقتصاد والمالية، والوعود المتكررة التي لم تُترجم إلى أفعال.
“ناضلنا منذ سنة 1995، واستطعنا سنة 2013 أن ننتزع قانوناً يُنصف المقاولات الصغرى، لكننا ما زلنا ننتظر، بعد 12 سنة، أن يُفعّل هذا القانون. جيلاً كاملاً من المقاولات ضاع بسبب التأجيل المستمر، بينما تحتكر الشركات الكبرى الكعكة كاملة”، يقول الفركي بأسى.
ولا يقف الأمر عند غياب التفعيل فقط، بل يتعداه إلى ما وصفه بـ”التحايل المحتمل”، من خلال محاولة التنصيص على النسبة في قانون المالية، ما قد يُحوّلها من مكسب قانوني مستقر إلى نسبة متغيرة حسب مزاج الحكومات.
في ظل هذا الوضع، تتزايد المخاوف داخل أوساط المهنيين من أن يُسدل الستار على قانون 2013 دون أن يرى النور فعلياً. أما المقاولات الصغرى والمتوسطة، التي تمثل أكثر من 97% من النسيج الاقتصادي الوطني، فهي عالقة في دائرة مفرغة من الانتظار، والمطالب، والخسائر المتراكمة.