نبهت دراسة للمندوبية السامية للتخطيط، من تطور الوضع الوبائي بالمغرب في حال رفع الحجر الصحي، والوصول إلى إصابة 17 مليون مغربي بفيروس كورونا، وتهالك المنظومة الصحية بالمغرب، و تفجر كارثة إنسانية، ضمن ما توقعته المندوبية في السيناريو الأول لرفع الحجر الصحي الكلي والعام.
وحذرت مندوبية الحليمي، من السيناريو الثاني القائم على الرفع الواسع مع اعتماد إجراءات خاصة، والسقوط في إصابة 844 ألف حالة خلال 100 يوم الأولى فقط من تاريخ الرفع، فيما توقعت في السيناريو الثالث، أن يكون رفع الحجر بشكل “مقيد”، السبيل إلى إصابة حوالي 18.720 حالة خلال المدة ذاتها.
ونشرت المندوبية، دراستها الحديثة تحت عنوان “جائحة كورونا في السياق الوطني: الوضع والسيناريوهات”، كاشفة عن السيناريوهات الثلاث اعتمادا على بيانات مرتبطة بفيروس كورونا، والمعطيات الخاصة بالوضعية الوبائية في المغرب، مع تأكيدها على كون هذه السيناريوهات “مؤشرات بسيطة، تبقى مفيدة لتنبيه الرأي العام والباحثين وتنوير مراكز صنع القرار، دون الادعاء بالكفاءة الحصرية أو الشمولية الموضوعية، أو شرعية مؤسساتية معينة”.
و أفادت الدراسة، أن سيناريو رفع الحجر الصحي العام، يتوخى رفع الحجر الصحي على جميع السكان الذين تقل أعمارهم عن 65 سنة ولا يعانون من مرض مزمن (27,5 مليون نسمة)، وافتراض تسجيل 2000 حالة مصابة نشطة حين تطبيقه، وكنتيجة لذلك سيرتفع الاتصال في اليوم بـ64 في المائة، وسيصل معدل الانتشار “R0” إلى 1,248 بافتراض الحفاظ على تدابير المباعدة الاجتماعية.
ويتوقع السيناريو، أنه سيؤدي إلى إصابة 8 في المائة من السكان في ظرف مائة يوم، وسيغرق النظام الصحي خلال 62 يوماً، مع معدل استشفاء في حدود 10 في المائة فقط من الحالات النشطة.
وأشارت التوقعات أنه في حالة تطبيق تدابير الحماية الذاتية في هذا السيناريو، سيصل العدد التراكمي للإصابات بعد مائة يوم إلى 50 في المائة من السكان، أي حوالي 17 مليون نسمة، وسيغرق النظام الصحي في غضون 28 يوماً مع معدل استشفاء في حدود 10 في المائة من الإصابات النشطة.
ونبهت الى أن سيناريو رفع الحجر الصحي الواسع، يتجه إلى رفع الحجر الصحي عن السكان النشطين العاملين فقط الذين تقل أعمارهم عن 65 سنة، وأقل من 15 عاماً ولا يعانون من أمراض مزمن، الذين يقدر بـ16,7 مليون نسمة، بهدف إعادة فتح الاقتصاد موازاة مع عودة تدريجية للأنشطة الاجتماعية، ويفترض هذا السيناريو وجود 2000 حالة مصابة نشطة في وقت تطبيقه.
وينتج عن الرفع ، زيادة في عدد الاتصالات في اليوم بنسبة 24 في المائة وبالتالي ارتفاع عدد الإصابات بمعدل انتشار يصل إلى 0,94 في حالة الحفاظ على تدابير الوقاية الذاتية. وتؤدي محاكاة هذا السيناريو ستنتج عنه 31663 حالة إيجابية مؤكدة في مائة يوم، مع ذروة 3200 حالة إصابة نشطة، وهذا سينتج عنه حاجة قصوى إلى 3200 سرير، و160 سرير إنعاش، وهو ما سيؤدي إلى 1266 حالة وفاة.
وفي حال تطبيق هذا السيناريو بدون تدابير الوقاية الذاتية، سيصل عدد المصابين في غضون مائة يوم إلى 844 ألف حالة، وبهذه الوتيرة ستملأ القدرة الوطنية للإنعاش في غضون 50 يوماً، وسيغرق النظام الصحي، الذي سيتمكن من استشفاء 7 في المائة من الحالات النشطة.
ويتجه سيناريو رفع الحجر الصحي محدد، الى رفع الحجر الصحي عن الساكنة النشيطة، التي تقل أعمارها عن 65 سنة، إضافة إلى غير المصابين بمرض مزمن، حيث يقدر عددهم بـ7,9 ملايين نسمة. ويضع هذا السيناريو هدف، فتح الاقتصاد دون المساس بالسكان الذين هم عرضة لخطر الإصابة بمضاعفات هذا المرض، ويفترض هذا السيناريو وجود 2000 حالة مصابة في وقت تطبيقه.
و كشفت الدراسة، على أنه في ظل هذا السيناريو، سيزداد عدد التواصل بين هؤلاء مع الأشخاص المصابين بنسبة 13 في المائة، وبذلك يصل معدل الانتشار R0 إلى 0,864، وبالتالي زيادة عدد الإصابات إلى 18,720 حالة في ظرف مائة يوم، وهذا من شأنه أن يولد حاجة قصوى إلى 3200 سرير في المستشفيات، و160 سرير إنعاش، ووفاة 748 شخصا.
وتوقعت الدراسة، إلى أنه في حالة تطبيق هذا السيناريو بدون تدابير الوقاية الشخصية، سيعطي بعد مائة يوم عدداً تراكمياً من الأشخاص المصابين يصل إلى 155.920 حالة، وبذلك ستصل الاستراتيجية الوطنية للاستشفاء، في غضون 75 يوماً.
و تؤكد دراسة المندوبية السامية للتخطيط، على أن الحجر الصحي لا يمكن أن يستمر دائماً مهما كانت فعاليته الوقائية. ولذلك، فإن رفعه أمر حتمي تمليه الحاجة إلى سياسة لما بعد كورونا، تهم مرونة الاقتصاد والاستقرار الاجتماعي وتخفيف المناخ النفسي للبلاد.
وترى المندوبية أن تطبيق رفع الحجر الصحي ووتيرته يجب أن يعتمدا بالضرورة على المتطلبات القطاعية لإعادة التوازن لأساسيات الاقتصاد الوطني، كما يتطلب أيضاً تدبيراً منسقاً للتداعيات الاجتماعية والنفسية للوباء.
وخلصت المندوبية إلى “ان الدرس الكبير الذي تكشفه هذه السيناريوهات يتمثل أساساً في الأهمية الحيوية للمجهود الذي يتعين على كل مواطن أن يقوم به من خلال الاحترام الدقيق لممارسات التباعد الجسدي والتدابير الحاجزية وارتداء الكمامة، وجميع المقتضيات الشخصية والجماعية الوقائية، لكي يتحمل كل شخص مسؤولية في حماية الأمة”.
وأكدت الدراسة أنه بدون “هذا الانضباط الفردي من طرف كل منا، يُمكن للوباء في أقل من مائة يوم أن يرفع بثماني مرات حالات الإصابة بالعدوى، ويضاعف الحاجة إلى أسرّة الإنعاش، وبالتالي فشل السياسة الوطنية للاستشفاء الخاصة بالحالات النشطة، وهذا يكشف حجم مسؤولية كل منا تجاه أنفسنا وعائلتنا والأمة التي نحمل هويتها”.