من المضحكات المبكيات أوامر سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، للوزراء والمسؤولين بعدم السفر خلال عطلة الصيف. لم يبق لهم سوى السفر بعد أن عملوا كل شيء. وقال المغاربة قديما وحديثا “الناس فالناس والقرعة فمشيط الراس”، ويقول الفقهاء والأصوليون، مادام رئيس الحكومة يعتبر نفسه فقيها، “إذا انتفى العنوان سقط الحكم”. بمعنى ما قيمة الأمر بقضاء العطلة في المغرب والسفر خارجه ممنوع على الجميع؟
عندما تكون الحكومة في قمة العبث يكون رئيسها لاهيا عابثا هو الأول. هل نحن في معالجة “القرع” أم في “مشيط الراس”؟
حكومات العالم اليوم تبحث عن مخارج اقتصادية واجتماعية للآثار المترتبة عن جائحة فيروس كورونا المستجد، وتبحث عن تقليل الخسائر، التي بدأت تتكاثر اليوم، فأغلب بلدان العالم تتخوف من موجة جديدة للفيروس أكثر فتكا من سابقاتها. يبدو أن العثماني لا يكلم وزيره في الصحة ولا يحدثه ولا يستمع إليه، فقد قال: إن المغرب عرف في الأيام الماضية ارتفاعا في الحالات الحرجة وارتفاعا في الوفيات بسبب كوفيد 19، مما يجعل المغرب اليوم في وضع حرج.
كان متوقعا من رئيس الحكومة أن يأخذ الأمر بجد ويجمع حكومته على عجل للنظر فيما يمكن عمله لتفادي الوضع الكارثي، الذي قد ينتج عن أي تطورات للجائحة، خصوصا وأن المؤشر هذه الأيام مرتفع جدا، لكن السيد الرئيس فضّل أن يهرب إلى الجبل ويعلن الحرب على سفر الوزراء، وهم ممنوعون كأفراد من مغادرة التراب الوطني بحكم قانون الطوارئ الصحية، والرحلات اليوم استثنائية ولا ندري هل يشمل الاستثناء أعضاء الحكومة والمسؤولين الكبار.
هل يعتقد رئيس الحكومة ووزراءه أنهم عالقون هنا في المغرب ولهذا فإنهم مشمولون بالاشتثناء؟
الغريب أنه حتى لو كان السفر متاحا لا يمكن لحكومة تحترم نفسها أن تفكر في العطلة أصلا. وباستثناء بضعة وزارات مثل الصحة والمالية والداخلية والخارجية، ما هو العمل الذي قام به باقي الوزراء؟ هناك وزراء لم يتجاوز عملهم توقيع بعض المستندات.
بعد تخفيف شروط الحجر الصحي يمكن القول عن استئناف عمل بعض الوزراء، وبالتالي التفكير في العطلة أصلا خبل وقلة حياء ودليل على أنها حكومة مستهترة، فهل يتحدث أحد عن العطلة زمن الطوارئ؟ للأسف الشديد فالحكومة هي المشرفة على الطوارئ الصحية ولا نفهم كيف ستتمكن من الحصول على عطلة صيفية؟ وهل ستشمل العطلة وزراء الداخلية والصحة والمالية مثلا؟
لقد طرحت الجائحة العديد من الأسئلة التي تحتاج أجوبة، وكثير من القضايا ينبغي التفكير فيها حالا والآن وليس غدا، فكيف ستتعامل الحكومة مع قضايا محرجة مثل فقدان الشغل، ومثل اتساع رقعة الإصابات في المعامل والوحدات الإنتاجية، التي أصبحت مشتلا لتفريخ المرضى بكورونا، وكيف ستتعامل الحكومة مع ارتفاع عدد الحالات المؤكدة خصوصا مع ارتفاع الحالات الحرجة وهل هيأت الظروف لذلك؟