اتهم محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، منتخبين معروفين بتأسيس شركات صورية لنهب المال العام عبر الفوز بصفقات عمومية ضخمة، ضمن برامج تنموية كبرى، مشيرًا إلى أنهم راكموا ثروات هائلة وتحولوا إلى شخصيات نافذة تبث الرعب في صفوف المواطنين، بل وتلجأ إلى تهديدهم بالسجن لثنيهم عن المطالبة بالعدالة أو كشف الحقائق.
وكشف الغلوسي أن مسؤولين إداريين وموظفين في مؤسسات عمومية انخرطوا في تواطؤ ممنهج مع بعض المنتخبين والمنعشين العقاريين، حيث تم التلاعب بالقانون في الخفاء لصنع وثائق ومحاضر وهمية تقاسَموا من خلالها “الكعكة”، ما أدى إلى تبديد واختلاس مبالغ مالية ضخمة كانت مخصصة لمشاريع تنموية.
ودعا رئيس الجمعية إلى فتح تحقيق قضائي شامل حول هذه التجاوزات الخطيرة التي تمس المال العام، ومتابعة كافة المتورطين في استغلال مواقع المسؤولية للإثراء غير المشروع، مطالبًا بضرورة تفعيل آليات المحاسبة الصارمة، والحجز على ممتلكات وأموال من ثبت تورطهم، واتخاذ أحكام قضائية رادعة ضدهم.
وضرب الغلوسي أمثلة صارخة على حجم الفساد المستشري، منها مشروع محطة طرقية جديدة أُنجزت منذ نحو عامين بكلفة ضخمة، لكنها ظلت مغلقة بسبب رفض المهنيين الانتقال إليها، واعتبروها صفقة مغشوشة تحيط بها شبهات فساد واضحة. كما أشار إلى تفويت معلمة ثقافية لفائدة نافذين حولوها إلى مطعم فاخر بثمن زهيد، يذر عليهم أرباحًا هائلة تُستغل لتبييض الأموال، فضلًا عن عقار مخصص لبناء مؤسسة تعليمية جرى تحويله إلى محطة وقود وباحة استراحة، قبل أن يعمد أحد المنتخبين إلى بيع حصته في الشركة المستفيدة بمبلغ خيالي بلغ خمسة ملايين درهم.
كما توقف الغلوسي عند ما وصفه بـ”فضيحة” مشروع “مدينة الفنون والإبداع”، الذي رُصدت له ميزانيات ضخمة، وانطلقت أشغاله قبل خمس سنوات، لكنه اليوم تحوّل إلى أطلال مهدورة. واعتبر أن هذا المشروع يعكس العقلية التي تُدبّر بها الشأن العام، حيث يتم تغليب منطق الربح الشخصي على المصلحة العامة، من طرف منتخبين ومسؤولين لا يهمهم سوى توسيع نفوذهم وبناء شبكات مصالح مدرّة للربح.
وختم رئيس الجمعية تصريحه بالتأكيد على ضرورة تدخل عاجل من الأجهزة الأمنية المختصة، معتبرا أن الوضع يتطلب تعبئة شاملة ضد “مصاصي المال العام” الذين وصفهم بالمجرمين المحترفين، الذين لا يتورعون عن تجفيف منابع التنمية والتلاعب بمصير المواطنين من أجل مصالحهم الخاصة.