محمد فارس
صدقَ من قال منذ زمان: دوامُ الحال من قبيل الـمُحال.. ذاك المثَل يَنطبق على دُعاة الانفصال.. لقدِ انتصر الحقّ، وزهقَ الباطل، فإلى أين المآل يا أصحابَ المكر والاحتيال.. مضى زمنُ شهادة الزّور، وقُطِعَت كلّ الجُسور بيْن أعداء وحدتِنا التّرابية وبيْن من كان يزوّدهم بمال موفور للاستمرار في مسار الخيانة والعار.. قلنا لهم: يا هؤلاء، عفا الله عمّا سلف، وإنّ الوطن غفورٌ رحيم، ويا له من قولٍ حكيم.. لكنّهم تعنّتوا، فكان مآلهم الذُّلَّ والشّنار، مع اللّعب بالنّار، وبدلاً من الحكمة، اختاروا الاستمرار، فتعثّرتْ مساعيهم، وساء الاختيار.. فأين تذهبون معاشِر الخائنين، وقد أصبحتم قابَ قوسيْن أو أدنى من النّهاية الـمُرّة، وخابَ ما كنتم به حالمين.. فَحبْلُ الكذب قصير، مَهْما استطال حبلُه عبْر السّنين..
سُجِنتْ جمهوريتكُم الوهمية في رفوف المنتظم الدّولي، حيث ظلّ كلّ (حَوْلي) (مشْري) يَهيم في الظّلام، وكان اللّيلُ يَسْري حتى طلعَ النّهار، وانكشَفَ الرّاشي والـمُرْتشي، وزهقَ الباطلُ وصار الحقُّ منتصِبَ القامة يَمشي.. وفي الأمم المتّحدة، انتهى عهدُ الافتراء والسّجال، وطُرِحَتِ القضيةُ في الواقع على الرّمال، وتكفّل بها جيشُ الرّجال، وهناك خاب سَعْيُ المرتزقة الأندال، وفي (الکرکرات) تبدّدتِ الآمال.. لم يَبْقَ أمام المحتال، غيْر العَرقلة، والأبرياءُ في مخيّمات (تندوف) بلا استحياء معتقلَة.. صارَ الأغبياءُ يلعبون لعبة (القَمّارة)، وأبواقٌ لهُمْ تَنعَقُ في (العيون، والداخلة، وسمارة)، عساهم يُعَطّلون وتيرةَ التنمية، حتى صارتْ فضائحُهم وأكاذيبُهم عبْر العالم مُدوّية.. كان أبطال الأكاذيب مُنافقِين بعمائم مَلْوِيَة، وأَنْفُس على الغِشّ والمكر والافتراء مَطْوية.. وكيف يُشْفى من وَسَمتِ الخيانةُ قلبَه وعقلَه، وفشى مِكْروبُها في كلّ الأوعية..
مضى زمنُ الشّيكات المنثورة، على مذْبَح الهِمَم المنْحُورة.. مضى زمنُ مساندة (كاسترو) المدْحُورة.. مضى زمنُ مساعدة الشّيوعية المسعورة.. مضى زمَنُ (مساعدات) مالية تُصْرف على سِياج المعتقلات حيث النّاس محصورة.. مضى زمن الأسطورة، والجمهورية السّريالية (المنْكُورة).. خرست الألسنةُ الـمَجرورة، وباءت بالفشلِ آمالُ الأنفُس الشّريرة المسعورة.. فلوِ اطّلّعْتَ اليوم على خريطة العالم، لما وجدتَ جمهوريتهم الوهمية مذكورة.. لو سألتَ جغرافيًا عن الجمهورية الوهمية، لما دلَّكَ عليها في جغرافية المعمورة.. فطوبى لكلّ من ناصر الحقّ، واحتفظتْ له ذاكرةُ التاريخ بأيادٍ بيضاءَ مشْكورة.. فهذه صحراؤُنا مغربية، وستبقى على مدى الدّهر كما خلقَها الله ربُّ البشَرية.. ذاك ما اعترفتْ به بلدان العالم، وما صدحتْ به الأكثريةُ غيْر المشريَة كما تُشْتَرى عادةً الدّوابُ وسائر الماشية.. فكفاكم يا مرتزقة تعنّتًا ومُناطحةً للحقّ، كفاكم تظاهرًا بالعَنْتَرية.. لقد رأيتُمُ النّصر الباهِر، والتّنمية، وما اعترفتْ به بياناتٌ دولية.. لقد رأيتم كيف ينقلبُ السِّحر على السّاحر، وكيف ذلّ الـمُرتزِقُ الماكر، رغم بهلوانياتِه الـمُلتوية.. فما عاد أحدٌ يصْغي له في [أوروبّا]، و[آسيا]، وفي كافّة البلدان الإفريقية..
اتّقوا الله يا دُعاةَ الانفصال.. اتّقوا الله يا عباقرة الارتزاق، كفاكم ما أبدعتموه من الكذب، والزّور، والنّفاق.. عودوا إلى جحوركم، فما عادتْ سمومُكم حيّة، وقد كنتم بمثابة أَفاعٍ خرجتْ من الأنفاق.. لكن كم دفعوا لكم في كل ذِقْنٍ (منْتُوف)؟ كمْ هو ثمنُكم في (کورْنَة) [تندوف]؟ سبحان الله، أنتم مسلمون، ولا تَسْتحيون، رغمَ صلواتكم، لكن لا عَليْكم، فإذا طالتْ لِحَاكُم، فسوف نَحْلقُها لكم بالحقّ، لكن بدون ماءٍ ولا صابون.. ذاك مآلكم.. ذاك مصيركُم.. ذاك ما كنتم به توعَدون.. فأينَ تَذْهبون! فلا جزائر قد تنفعكم، ولا طبّالة في القنوات ستساندكم، ولا كذَبة يمنّونكم بإقامة جمهورية لا وجودَ لها إلاّ في خيالكم.. تغيَّر العالم، وأنتم ما زالتم متشبّثين بوَهْمٍ عفا عليه الزّمن ونام، وأنتم تحلمون بجمهورية على الرّمال وتحت الخيام، تردّدون شعارات جوفاء، وترفعونَ الأعلام، لدولةٍ لا وجودَ لها إلاّ في الأحلام.. اِنْهضوا من نومكم، وإنْ عزّ القِيام.. عودوا إلى يقظتكم، وتقبّلوا الحقَّ، ذاك ما حتَّمَه الزّمَن وجادتْ به الأيّامُ..
صَحراؤُنا يا هؤلاء أفضل جُزء * مِن جبالِ السَّرارةِ وبقية الصّحراءِ
رمالُها لا تُقاسُ بأخرى * وهواءُ الجنوبِ خيْرُ هواءِ
زَرْعُها يملأُ البيادِرَ حَبّا * أُقيمت له سدودُ الماءِ
تَمْرُها رطْبُ لـمْسًا ولوْنًا * ومن البُـنِّ خَمْرةُ العُقلاءِ
وهُنا في صحرائنا أشياءُ أخرى * مثل تلك المعادن السّوداءِ
صحراؤُنا عادتْ مُحرَّرةً فيَا * لَـهَا من أرضٍ وباركَها الله من صحراءِ