أضفت عمليات تهيئة كبرى عرفها المدار السياحي لعين أسردون طيلة فترة الحجر الصحي بهاء ورونقا على فضاءاته وحدائقه الغناء المزدانة بسحر شلالاته العذبة،.
وتحتضن هذا المدار السياحي البديع ، الذي تم تصنيفه تراثا وطنيا سنة 1947 ، عين جارية من جبال الأطلس تنبع شلالا قويا يقطع حدائق ورود وأشجار من الصفصاف والزيتون والبرتقال، ليواصل تدفقه في مجاري متشعبة على امتداد مسار يخترق وسط مدينة بني ملال التي اعتادت ساكنتها أن تلوذ به خاصة في صيفها القائظ ، مبتهجة بسحر المكان وسكون الطبيعة وطراوة الهواء ولحظات السكينة والترفيه والترويح عن النفس ، ودورات التنزه وممارسة الرياضة.
وقد شملت الأشغال ، التي توالت على مدار الشهرين الأخيرين بإشراف وتتبع حثيث من والي الجهة الخطيب الهبيل الذي حرص على القيام بزيارات متتالية وتتبع دقيق للأشغال، عمليات ترميم للأسوار وإصلاح للسقايات ومجاري الماء، ثم تهئية الحدائق الكبيرة التي تمتد على أزيد من 20 هكتارا.
كما شملت عملية التهيئة غرس شتلات جديدة من الأشجار والورود والأغراس مختلفة الأنواع مع تصميم فضاءات جديدة لجلوس الأسر واقتناء منتجات ومواد غذائية مع مراعاة الحفاظ على البيئة والوسط الطبيعي المتميز لهذا المدار السياحي.
وتم تعزيز بنيات المدار السياحي لعين أسردون بإقامة مركز للأمن الوطني وآخر للسلطة المحلية والقوات المساعدة من أجل استدامة الفضاء، بما في ذلك حمايته من عبث العابثين، والحفاظ على أمن وطمأنينة زواره الذين يبلغون الآلاف يوميا باعتباره أبرز متنفس طبيعي لساكنة مدينة بني ملال على الخصوص، وفضاء للاستجمام في بيئة نظيفة.
منذ الساعات الأولى من الخميس بدأت مدينة بني ملال تستعيد تدريجيا حركيتها المعهودة وإيقاع حياتها الطبيعية كعاصمة للجهة بعد فترة حجر صحي قاتم طالها على مدى ثلاثة أشهر.
فمنذ صدور البلاغ المشترك لوزارتي الداخلية والصحة بشأن تنزيل مخطط التخفيف التدريجي لتدابير الحجر الصحي الذي أدرج أقاليم جهة بني ملال ضمن منطقة التخفيف رقم 1 المؤهلة أكثر إلى العودة إلى الحياة الطبيعية واستئناف الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية بها وفق معايير دقيقة ومتكاملة، ابتهجت ساكنة الجهة عموما وبني ملال على وجه الخصوص بهذه الخبر السار والعودة الميمونة المرتقبة إلى الوضع الطبيعي، وهو ما انعكس جليا على مظاهر الحركة بمختلف الشوارع والأحياء ، وبدا قبل ذلك على صفحات التواصل الاجتماعي والتقارير الصحفية الأولية لوسائل إعلام محلية وجهوية.
ولئن كانت ساكنة هذا الإقليم على غرار مثيلاتها بمختلف ربوع المملكة، قد عانت الأمرين وتحملت أعباء الحالة الوبائية التي دخلها المغرب منذ ثلاثة أشهر منذ إقرار حالة الطوارئ الصحية والحجر الصحي ، فقد كان لقرار السلطات العمومية الجديد هذا مفعولا وأثرا نفسيا قويا بدت أولى معالمه على وجوه وردود أفعال هذه الساكنة ، التي أعربت عن فرحة عارمة وبهجة غامرة بالعودة إلى إطار الحياة العادية، واستعادة حرية تم تقييدها لضرورات مصيرية تهم الأمن الصحي للبلد ومواطنيه.
ومع إشراقة هذا الجديد، بدأت مدينة بني ملال بشكل تدريجي في استعادة التوازن وإيقاع الحياة الطبيعية بمظاهرها المختلفة على مستوى الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية ، وتجديد أواصر اللقاء الإنساني بين أفرادها ، وذلك فور الشروع في تنزيل مخطط التخفيف من تدابير الحجر الصحي بجهة بني ملال-خنيفرة حسب الحالة الوبائية التي تتميز إلى حدود الساعة بخلو أربعة أقاليم بها من هذا الفيروس الفتاك.
ويمكن القول أن مناخ الارتياح هذا الذي عم أرجاء أقاليم الجهة فور الإعلان عن مقتضيات تخفيف القيود المتعلقة بوباء كورونا بعد فترة عصيبة من الحجر الصحي، سبقه جو مماثل من الاعتزاز والفخر بما تحقق من نتائج كبيرة على مستوى التحكم النسبي في هذا الوباء الفتاك بسبب روح التضامن المجتمعي التي سادت خلال هذه الفترة الصعبة ، وتضافر جهود مختلف السلطات العمومية والقوى المجتمعية، وفي مقدمتهم الأطر الطبية ورجال الأمن والجيش والدرك والقوات المساعدة والمجتمع المدني والمواطنين، الذين أبانوا عن روح وطنية عالية وحس مواطنة راسخة.
في المقابل يستشعر المواطنون أن دخول أقاليمهم بالجهة فترة جديدة في إطار مخطط التخفيف من تدابير الحجر الصحي، لا يعني بتاتا أن مخاطر هذا الوباء لم تعد مطروحة، معتبرين أن الانتقال إلى مرحلة متقدمة أخرى يتطلب تجندا متواصلا ومسؤولية أكبر، حيث سيخضع أي تطور في هذا المجال مسبقا لعملية تقييم الإجراءات الواجب تنفيذها والشروط اللازم توفرها على مستوى كل عمالة وإقليم ، وذلك من طرف لجان اليقظة والتتبع.
في هذا السياق أعربت عينة من ساكنة المدينة في شهادات استقتها وكالة المغرب العربي للأنباء عن مواصلة تجندها وانخراطها الدائم في جهود مواجهة وباء كورونا المستجد، والالتزام والتقيد الصارم بكافة القيود الاحترازية والإجراءات الصحية المعمول بها (ارتداء الكمامات، التباعد الصحي، …إلخ ، وإصرارهم على ضمان إنجاح مخطط التخفيف من تدابير الحجر الصحي .
وكما انخرطت هذه الساكنة ، منذ دخول حالة الطوارئ الصحية في المملكة حيز التطبيق، بوعي وإرادة صادقة في جهود مواجهة فيروس كورونا استجابة لنداء الواجب الوطني وتفاعلا مع التوجيهات التي أصدرتها السلطات العمومية بهذا الخصوص، هاهي من جديد تجدد التعبير عن نفس الوعي الوطني والشعور بالمسؤولية اتجاه مستلزمات مواصلة هذه المعركة المصيرية.
لقد جسد المواطنون بهذه الجهة في فترة الحجر الصحي أسمى مظاهر حس المسؤولية وروح التضامن الوطني وتفاعلوا بإيجابية مع المبادرات الإنسانية التضامنية الواسعة التي انخرطت فيها السلطات والفاعلين المدنيين من أجل التخفيف من معاناة الفئات المعوزة والفئات الهشة خلال فترة الحجر الصحي، وها هم يؤكدون اعتزازهم بالمكاسب الكبيرة التي حققتها المملكة بفضل جهودها الذاتية وتضحيات مختلف مؤسساتها وعزيمة وصلابة إرادة مواطنيها وعبقرية وإبداع علمائها وأطبائها الخلاق، في معركة مواجهة فيروس كورونا المستجد.
و تدرك غالبية ساكنة بني ملال والجهة عموما أن مواصلة مواجهة “كورونا” ، تستلزم التسلح بوعي حضاري وسلوك تضامني جماعي وانخراط شامل ومتجدد قوامه الانضباط للتدابير التي أقرتها السلطات العمومية من أجل أن تظل هذه الفترة العصيبة مجرد ذكرى أبان خلالها المغاربة قاطبة أنهم جديرون بهذا الوطن الأبي المعطاء.