مدير التحرير : عبد الحكيم بديع
جريدة النهار المغربية - Annahar Al Maghribia
  • الرئيسية
  • إفتتاحية
  • سياسة
  • إقتصاد
  • خارج الحدود
  • الصحة
  • ثقافة
  • رياضة
  • النهار PDF
Annahar
لا نتيجة
عرض جميع النتائج
جريدة النهار المغربية - Annahar Al Maghribia
لا نتيجة
عرض جميع النتائج
جريدة النهار المغربية - Annahar Al Maghribia
لا نتيجة
عرض جميع النتائج
الرئسية أخبار

فؤاد بوجبير: المغرب رسّخ مكانته كدولة ناشئة على المستوى الإقليمي و الإفريقي والعربي والدولي

إدريس الحمري بواسطة إدريس الحمري
6 أغسطس، 2025
في أخبار, سياسة
0
فؤاد بوجبير: المغرب رسّخ مكانته كدولة ناشئة على المستوى الإقليمي و الإفريقي والعربي والدولي
Share on FacebookShare on Twitter

لقاء صحفي مع السيد فؤاد بوجبير، خبير و باحث في علوم إدارة الاعمال ( التدبير العمومي)، له تجربة مهنية تفوق 25 سنة بالقطاعين الخاص و العام، تقلد مسؤوليات عديدة داخل القطاع العام، بصدد تهيئ دكتوراة في إدارة الاعمال(شعبة التدبير العمومي)، حاصل على الماستر في علوم التدبير المؤسساتي من جامعة كندية، و على دبلوم الدراسات العليا المتخصصة في تدبير الميدان المالي و كذلك على دبلوم الدراسات العليا في علوم التدبير، شعبة : المالية و التدقيق و مراقبة التدبير.
يهتم من خلال بحوثه و كتاباته بالسياسات العمومية في المجالات المرتبطة بالاصلاح الاداري، و اصلاح المالية العمومية، و كذلك كل ما يهم الجهوية المتقدمة و الاقتصاد الاجتماعي و التضامني بالمغرب.

مقالات دات صلة

الولايات المتحدة تُعيد ترتيب حضورها العسكري في إفريقيا.. والمغرب ضمن الخيارات المطروحة

23 امرأة عسكرية من 14 جنسية في دورة تكوينية باكادير

ترامب يهدد بفرض رسوم ضخمة على الأدوية المستوردة ويستهدف قطاع التكنولوجيا

في هذا الحوار، نود أن نستشف من خلال نقاشنا و أسئلتنا الموجهة للسيد فؤاد بوجبير أهمية الاقتصاد الاجتماعي و التضامني بالمغرب من أجل تماسك المجتمع في ظل اقتصاد ليبيرالي، بحيث يمثل بديلاً أو مكملاً لهذا الأخير، وتسعى من خلاله الدولة إلى تحقيق أهداف اجتماعية وبيئية إلى جانب الأهداف الاقتصادية التقليدية. يعتمد على التعاون والتضامن بين الأفراد والمجتمعات، ويسعى لدمقرطة الاقتصاد وتحقيق العدالة الاجتماعية و المجالية من أجل مستقبل آمن و أكثر شمولية

*السؤال الاول* :
كيف ترون الاقتصاد المغربي خلال هذه السنوات الأخيرة، و هل في نظركم لازالت هناك تحديات يجب العمل عليها ؟
*الجواب* :
بطبيعة الحال، شهد المغرب في السنوات الأخيرة نموًا اقتصاديًا مطردا وتحولًا اجتماعيًا ملحوظًا. وقد مكّنته هذه التطورات من ترسيخ مكانته كدولة ناشئة بامتياز، على المستوى الإقليمي و الإفريقي و العربي و الدولي.
فقد عرف المغرب، في عهد جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، إصلاحات اقتصادية هامة منذ سنوات عديدة، تستهدف تحرير الاقتصاد وجذب الاستثمارات الأجنبية. حيث مكّنت البلاد من أن تصبح مركزًا اقتصاديًا إقليميًا، ورائداً في قطاعات السيارات و الطيران والسياحة والطاقات المتجددة.
كما شهدت المملكة أيضا، بفضل توجيهات جلالة الملك، تغييرات سياسية وثقافية مهمة في السنوات الأخيرة، بحيث اعتمدت دستورًا جديدًا في عام 2011، عزز حقوق الإنسان والحريات الفردية، وشرعت أيضًا في إصلاحات في مجال العدالة والحكامة. وقد ساهمت هذه التغييرات في تحسين مناخ الأعمال وتعزيز جاذبية البلاد بصفة عامة. زد على ذلك، أن المملكة تتمتع بمجموعة من العوامل المواتية، أبرزها مجتمع أكثر ديناميكية وحيوية وقدرة على التكيف مع التغيير، خاصة فئة الشباب، وموارد طبيعية مهمة، و كذلك مسار تراكمي قائم على الاستقرار السياسي والمؤسسي، الذي أصبح في حد ذاته ميزة نادرة في محيط إقليمي مضطرب، حيث لم تعد الدول تقاس فقط بما تنتجه، بل بما تحققه من توازن داخلي ووضوح في الرؤية والقيادة.
و من ناخية أخرى، لقد أحرز المغرب بالفعل تقدمًا كبيرًا في مجال الدولة الاجتماعية خلال السنوات الأخيرة. حيث تم إطلاق برامج اجتماعية تهدف إلى تحسين رفاهية و عيش السكان، لا سيما في مجالات التعليم والصحة والحماية الاجتماعية. وقد ساهمت هذه البرامج في تعزيز التماسك الاجتماعي. لكن مع الأسف، على الرغم من الإنجازات المحققة ، لابد من مواجهة بعض التحديات في مجال الدولة الاجتماعية : أبرزها الفقر. فالمغرب لا يزال بلدًا متوسط الدخل، وجزء من سكانه لا يزال يعيش تحت عتبة الفقر، و خاصة في العالم القروي. لذا، يجب الاستمرار في بذل المساعي الرامية إلى تقليص مظاهر الفقر وتأمين عيش كريم لكل الأفراد. التحدي الآخر يتمثل في التباين الشاسع في الدخل والثروات، مما يستلزم صياغة سياسات ترمي إلى تقليص هذه الفوارق ودعم بناء مجتمع أكثر إنصافًا.
وبالتالي، فيتعين على المغرب تعزيز حكامة نظامه الخاص بالدولة الاجتماعية، مع إعادة النظر في مفهوم الاقتصاد الاجتماعي و التضامني، لأجل ضمان فعالية وعدالة برامجه الاجتماعية و المجالية.

*السؤال الثاني* :
في نظركم ما هي إمكانات وحدود المفهوم الحالي للاقتصاد الاجتماعي والتضامني في المغرب ؟

*الجواب* :
في المغرب، تحتل الصناعات التقليدية، التي تعد مشغلا رئيسيا لليد العاملة بنحو مليوني شخص نشط، ومساهمة في الناتج المحلي الإجمالي تبلغ 19٪، و 6.5٪ من حيث الصادرات، مكانة مهمة في الاقتصاد الاجتماعي والتضامني وفي خلق فرص العمل والثروة، و رافعة للتنمية المستدامة والحفاظ على التراث الثقافي.
ومع ذلك، يُثير الاقتصاد الاجتماعي والتضامني في المغرب نقاشًا حيويًا حول فرصه وحدوده، خاصةً في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، التي تؤثر على المقاربة والمفهوم نفسه. إن التفكير في اعتماده كبديل سياسي حقيقي لليبرالية الجديدة، لا سيما بسبب تطوره وظهور تحديات جديدة، يتطلب تحليل علاقاته بالسوق والسياسيين الذين يقررون السياسات العمومية في هذا المجال. إن مفهوم الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، كما هو مُتعارف عليه، ليس بديلاً متجانساً للرأسمالية، بل هو مجموعة من الممارسات التي تسعى إلى التوفيق بين النشاط الاقتصادي والأهداف الاجتماعية. ويُعد التفكير النقدي والتحليل المُتجدد ضروريين لفهم دوره وإمكانياته وحدوده بشكل أفضل في السياق الحالي للمغرب.
خوسيه لويس كوراجيو، أحد أفضل المتخصصين في أميركا اللاتينية في هذه القضية، يتساءل ما إذا كان هذا المفهوم مجرد مصطلح شامل بحدود غامضة، وهل هذا الغموض يسمح لكل طرف بأن يرى فيه ما يخدم مصالحه، حتى لو كان ذلك يتعارض مع جوهر المفهوم وتوجهه الأصلي (من حيث الأهمية والتوجه)؟
فيمكن التأكيد على أن الالتباس السائد حول مفهوم الاقتصاد الاجتماعي والتضامني يُمثل معيارًا لحالة من التشتت، وامتدادًا وانعكاسًا للعلاقات المتضاربة بين الفاعلين السياسيين. ويؤكد العديد من المتخصصين في هذا المجال أن هذا القطاع يصعب تطويره في سوق رأسمالية بحتة.
فالعلاقة بين الاقتصاد الاجتماعي والتضامني ودولة الرفاه ( État Providence) والليبرالية في المغرب تتسم بالتعقيد والتطور المستمر، بحيث تسعى الدولة إلى التوفيق بين النموذج الاقتصادي الليبرالي وأهداف التماسك الاجتماعي والحد من التفاوت، مع العمل في الوقت نفسه على ترسيخ دولة رفاه أكثر فعالية. لذلك، من الضروري فتح نقاش جديد لإعادة التفكير في أسس الاقتصاد الاجتماعي والتضامني في المغرب ووضعه في صميم التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها بلادنا في السنوات الأخيرة. وعلى وجه الخصوص، تشجيع التخطيط الديمقراطي للاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وتعزيز تمويله، ومواءمة دوره بشكل أفضل مع تحديات كل قطاع. و يمكن أن يشمل هذا الإصلاح الشامل تكييف الإطار القانوني وأساليب الحكامة وآليات التمويل لمواجهة التحديات المعاصرة بشكل أفضل وتعزيز تأثير الاقتصاد الاجتماعي والتضامني على المجتمع.

*السؤال الثالث* :
مما يفهم من كلامكم أنه من الضروري طرح نقاش عمومي لإعادة النظر في هذه المفاهيم المرتبطة بالإقتصاد الاجتماعي و التضامني بالمغرب، و في نظركم ما هي المحاور التي يجب أن ينخرط في تأملها وتعميق التفكير فيها السياسيون و المتخصصون في الميدان ؟

*الجواب* :
كما تعلمون يُقرّ النموذج التنموي الجديد بالمغرب بأهمية دور الاقتصاد الاجتماعي والتضامني في خلق فرص الشغل والثروات، ويؤكد وظيفته في الإدماج الاجتماعي والاقتصادي لأجل اقتصاد مستدام. وهكذا، يخصص النموذج المذكور مكانة مهمة لأنشطة الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وذلك تحت تسمية “القطاع الثالث”، ويدعو إلى أن “تصبح هذه الكيانات شركاء كاملين للدولة والقطاع الخاص في مشروع التنمية، مستفيدين من خبرتهم ومعرفتهم الميدانية وقربهم من المستفيدين المستهدفين”. كما يدعو إلى “إقامة علاقة جديدة، قائمة على الثقة والإلتزام المتبادل، بين الدولة والقطاع الثالث : إن الحد من العقبات الإدارية والقانونية و المالية التي تعيق تحرر هذا القطاع الثالث سيكون له مقابل في متطلبات جديدة من الاحترافية والكفاءة والشفافية واحترام الالتزامات ومهام المصلحة العامة”.
و من جانب آخر، تعتبر أهداف التنمية المستدامة (ODD) آليات اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 2015. ودورها الأساسي هو تعزيز التنمية المستدامة في جميع دول العالم. و في الواقع، تُعد هذه الأهداف وثيقة الصلة بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني، بحيث يمكن استخدامها كإطار مرجعي لتنمية الاقتصاد الاجتماعي والتضامني في المغرب.
إذن الامر واضح، فالنموذج التنموي الجديد في المغرب يهدف إلى تحقيق تحول شامل ومستدام، ويركز على المشاركة المواطنة والتعاون كركيزة أساسية لتحقيق هذا التحول. بحيث يسعى إلى تفعيل المشاركة المواطنة في صياغة وتنفيذ السياسات التنموية، مما يعزز التماسك الاجتماعي ويضمن تحقيق التنمية المستدامة. و هنا يجب الاشارة إلى أداة من الادوات و الوسائل التي يرتكز عليها النموذج التنموي الجديد في هذا الصدد. فهذه الأداة تتجلى في التعاونيات، التي تلعب دورًا رئيسيًا في التنمية الاقتصادية المحلية، لكنها بالمقابل تواجه العديد من العقبات التي تعيق تطورها. من بين الصعوبات الرئيسية، تبرز الحكامة الداخلية كأبرز هذه الصعوبات. ففي الواقع، غالبًا ما تعاني هذه الهياكل الديمقراطية، التي يديرها أعضاؤها، من النزاعات والعوائق المتعلقة بنقص التكوين في كل ما يتعلق بالإدارة التشاركية. مما يؤدي إلى اتخاذ قرارات غير فعالة ويضر بتماسك التعاونيات.
أيضا يحب الاشارة إلى الإطار الاقتصادي والقانوني الغير ملائم، بحيث يزيد من تعقيد عمل التعاونيات، مما يسبب لها مواجهة صعوبة في الحصول على التمويلات الأساسية و اللازمة لنموها، كما تُثقل كاهلها الإجراءات الإدارية المعقدة والمكلفة، علاوة على ذلك، فإن المنافسة من الشركات الخاصة، المجهزة بشكل أفضل بالموارد المالية والتكنولوجية، تزيد من ضعفها. وعلى الرغم من أن القانون 112-12 قد قام بتحديث الإطار القانوني، إلا أنه لا يزال يعاني من ثغرات، لا سيما فيما يتعلق بحماية الأعضاء في حالة الإفلاس.
كذلك هناك عوائق ثقافية وقلة الموارد، إلى جانب القضايا القانونية والاقتصادية،بحيث يتعين على التعاونيات المغربية أيضًا تجاوز العقبات الاجتماعية والثقافية، إذ تتعارض التقاليد الفردية للمجتمع المغربي أحيانًا مع روح التضامن اللازمة لنجاح التعاونيات. علاوة على ذلك، غالبًا ما يُنظر إلى هذه الهياكل على أنها مخصصة للفئات الهشة، مما يحد من جاذبيتها. كما أن نقص المهارات والتكوين الإداري والموارد المالية يحد من إنتاجيتها وربحيتها.
من جهة أخرى، و مما لا شك فيه، فالاجراءات الحكومية مشجعة ولكنها غير كافية لمواجهة هذه التحديات، مع العلم أن الحكومات المغربية المتعاقبة على تدبير الشأن العام، شرعت في العديد من الإصلاحات، بهدف تعزيز حكامة التعاونيات، وتسهيل وصولها إلى التمويل، وتعزيز حضورها. وقد تم وضع برامج دعم، تشمل التكوين والاستشارة والمواكبة، بالإضافة إلى صندوق ضمان لتسهيل التمويلات. ومع ذلك، لا تزال هذه المبادرات غير كافية بالنظر إلى حجم الصعوبات التي تواجهها.

*السؤال الرابع* :
انطلاقا إذن من هذه الحيثيات و المراجع زيادة على تشخيصكم الدقيق لهذا الواقع، ما هي الحلول الملموسة التي يمكن اقتراحها لتعزيز الاقتصاد الاجتماعي و التضامني؟

*الجواب* :
لتعزيز الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، يمكن اتخاذ عدة حلول ملموسة، تشمل : تطوير التشريعات والسياسات الداعمة، وتعزيز الوصول إلى التمويل، وتسهيل الوصول إلى الأسواق، وتنمية القدرات، وتفعيل دور القطاع العام، و تعزيز مشاركة القطاع الخاص، و سألخصها في ست اقتراحات أساسية :

– *أولا* ، أود التأكيد على الاتجاه نحو إصلاح عميق ودعم أقوى لتمكين التعاونيات من لعب دور أكثر أهمية في الاقتصاد الوطني. لا بد من مراجعة عميقة للقانون 112-12، بهدف تبسيط الإجراءات، وتوضيح الإلتزامات الضريبية والاجتماعية، وتعزيز حماية الأعضاء. وفي الوقت نفسه، تطوير آليات الدعم المالي والتقني، وتعزيز الثقافة التعاونية، ورفع مستوى الوعي لدى المؤسسات المالية، وتعزيز القدرات في مجالات الإدارة والتسويق. لأن من شأن هذه التدابير الملموسة أن تمهد الطريق لانطلاقة جديدة للتعاونيات المغربية.

– *ثانيا* ، أقترح إنشاء شبكة من المراصد الجهوية للاقتصاد الاجتماعي والتضامني في الجهات ال12 للملكة :
الأهمية لإنشاء هذه الشبكة تكمن فيما يلي : أولاً ، سيُمكّن ذلك من جمع البيانات والمعلومات المتعلقة بقطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني على المستوى الجهوي بشكل منهجي ومنسق. ستكون هذه البيانات قيّمة لتقييم تطور هذا القطاع، وصياغة السياسات العمومية الداعمة له، واتخاذ قرارات مستنيرة من قبل الفاعلين في هذا القطاع. ثانيًا، من شأن ذلك أن يُسهم في تطوير الخبرة الجهوية في مجال الاقتصاد الاجتماعي والتضامني. يمكن للمراصد الجهوية أن تلعب دورًا محفزًا ومسهلاً للمبادرات المحلية الداعمة له. كما يمكنها المساهمة في تكوين ومواكبة المعنيين بهذا الاقتصاد. ثالثًا، من شأن ذلك أن يُهيئ فضاء للحوار و التشاور بين مختلف الفاعلين في الاقتصاد الاجتماعي والتضامني على المستوى الجهوي. ويمكن للمراصد الجهوية أن تُسهم في عملية الترويج وبناء رؤية مشتركة لتطويره على المستوى الجهوي . و أخيرًا، سيساهم ذلك في تعزيز وضوح الاقتصاد الاجتماعي والتضامني على المستوى الجهوي. يمكن للمراصد الجهوية أن تساهم في رفع مستوى الوعي العام بقضاياه والترويج له لدى صانعي القرار السياسي والاقتصادي.
– *ثالثا* : أقترح إحداث مراكز جهوية في المناطق المهمشة بهدف تعزيز الإدماج الاجتماعي والاقتصادي للسكان والمساهمة في التنمية المستدامة لهذه المناطق. ولتحقيق ذلك، من الضروري إنشاء 12 مركزًا جهويا للاقتصاد الاجتماعي والتضامني وإدراجها ضمن مخططات التنمية الجهوية، وتوعية الفاعلين المحليين بمزايا هذا الاقتصاد ، مع دعمهم من أجل إنشاء وتطوير هياكله.

– *رابعا* : أرى من الضروري إنشاء بنك تعاوني من طرف صندوق الإيداع و التدبير :

إنشاء بنك تعاوني مخصص للاقتصاد الاجتماعي والتضامني من قبل صندوق الإيداع والتدبير له أهمية متعددة : أولاً، سيمكن من تلبية الاحتياجات الخاصة للشركات والمشاريع التابعة للاقتصاد الاجتماعي والتضامني. غالبًا ما تكون لهذه الهياكل احتياجات مالية محددة، مثل القروض طويلة الامد أو تمويل المشاريع المبتكرة. و سيكون البنك التعاوني المخصص للإقتصاد الاجتماعي والتضامني أكثر قدرة على فهم هذه الاحتياجات وتقديم حلول مناسبة. ثانيا ، سيساهم إنشاء مثل هذا البنك في تعزيز الاقتصاد الاجتماعي والتضامني. فمن خلال تقديم خدمات مالية مناسبة للشركات والمشاريع التابعة للاقتصاد الاجتماعي والتضامني، سيساهم البنك في تطويرها وتعزيز حضورها. وهذا من شأنه أن يساعد في رفع مستوى الوعي لدى شريحة أوسع من المجتمع حول تحديات ومزايا هذا الاقتصاد. أخيرًا، سيكون إنشاء بنك تعاوني مخصص للاقتصاد الاجتماعي والتضامني متوافقًا مع استراتيجية صندوق الإيداع والتدبير في مجال التنمية المستدامة، الذي يلتزم بدعم المشاريع التي تساهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للمغرب. وبالتالي يُعد الاقتصاد الإجتماعي والتضامني قطاعًا يلبي هذه الأهداف، من خلال تعزيز الإدماج الاجتماعي، وخلق فرص الشغل. و بالتالي يمكن لهذا البنك التعاوني أن يقدم مجموعة من المنتجات والخدمات المالية الملائمة لتلبية الاحتياجات المخصصة لهذه المؤسسات مثل القروض طويلة الأمد ، والضمانات، والإعانات، أو الاستثمارات. يمكنه أيضًا تقديم خبرته ودعمه لأصحاب المشاريع في الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، لا سيما من خلال برامج المصاحبة والتكوين والمساهمة أيضًا في تعزيز الاقتصاد الاجتماعي والتضامني بواسطة توعية فئة عريضة من المجتمع بقضاياه ومزاياه.
– *خامسا* : الاقتصاد التضامني والاجتماعي بحاجة إلى الرقمنة لتعزيز دوره في التنمية. الرقمنة يمكن أن تساهم في تحسين كفاءة وشفافية هذا القطاع، وتوسيع نطاق وصوله إلى المزيد من الفئات المستهدفة، وتعزيز قدرته على المنافسة في السوق. فهذا التحول الرقمي العميق، الذي يعرفه العالم و من خلاله المغرب، يطرح تحديات وفرصاً في آن واحد. فمن جهة، يمكن للرقمنة أن تعزز قيم الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، من خلال أدوات مبتكرة وفي المتناول. ومن جهة أخرى، تتطلب القضايا الأخلاقية المتعلقة بإدارة البيانات، والفجوة الرقمية، وتأثيرها على التوظيف، تفكيراً استراتيجياً.
*/فيما يخص الفرص التي توفرها الرقمنة للاقتصاد الاجتماعي والتضامني، يمكن للرقمنة أن تتيح الوصول إلى فئات عريضة من المجتمع، وتسهيل الوصول إلى المعلومات، وتعزيز مشاركة المواطنين، وتطوير نماذج اقتصادية جديدة قائمة على التفاعل و التعاون و والتبادل. كما يمكن للعديد من بنيات الاقتصاد الاجتماعي والتضامني استخدام الرقمنة لتطوير حلول مبتكرة لمواجهة التحديات الاجتماعية والبيئية، مثل الإدماج الرقمي، ومكافحة الفقر الطاقي، أو تعزيز الزراعة الحضرية كمثال. من حهة ثانية، إن تطوير الاقتصاد الرقمي من شأنه أن يولد مهنًا جديدة وفرص تكوين جديدة للعاملين في الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وخاصة الشباب والنساء.
*/ فيما بخص التحديات التي تطرحها الرقمنة على الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فتُعد إدارة البيانات الشخصية، وحماية الخصوصية، والاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي من أهم الاهتمامات الرئيسية للاقتصاد الاجتماعي والتضامني. فمن الضروري مكافحة الفوارق في الوصول إلى الرقمنة، لا سيما بالنسبة للفئات الأكثر هشاشة، وذلك لمنع الرقمة من توسيع الفجوات الإجتماعية. وفيما يتعلق بالتأثير على التشغيل، من المهم الحرص على أن لا يؤدي التحول الرقمي إلى فقدان الوظائف في الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، بل على العكس يجب أن يسمح بخلق وظائف ذات جودة، تحترم قيم الاقتصاد الاجتماعي والتضامني.
من هذا المنطلق إذن، يمكننا القول إنَّ التحول الرقمي يُعدُّ رافعة قوية لتنمية الإقتصاد الاجتماعي والتضامني، لكنه في الوقت ذاته يفرض تحديات جسيمة تستدعي الاستباق والتعامل الحذر. لذلك، ينبغي على الاقتصاد الاجتماعي والتضامني في المغرب أن يتبنى الرقمنة بشكل استراتيجي يضمن الحفاظ على قيمه الأساسية : التضامن والتعاون وأولوية الإنسان على الربح.

– *سادسا* ، أود أن أطرح للنقاش أهمية إنشاء هيئة جديدة مسؤولة عن الاقتصاد الاجتماعي والتضامني والتعاون الوطني. ففي سياق طموح المغرب للجمع بين النمو الإقتصادي والتماسك الإجتماعي والتنمية المستدامة، يُعدّ إنشاء هيئة جديدة مسؤولة عن الاقتصاد الاجتماعي والتضامني والتعاون الوطني ابتكارًا مؤسساتيا هامًا. ستشكل هذه الهيئة الجديدة محورًا حقيقيًا لهيكلة الاقتصاد الاجتماعي والتضامني وتنسيقه والنهوض به، مع تعزيز التعاون الوطني في مواجهة التحديات الاجتماعية المُلحّة، بخيث يُلاحظ بوضوح أن هذا القطاع يعاني من تشتت مؤسساتي وضعف في الرؤية. ومن شأن إنشاء هيئة جديدة أن يوفر حلاً متكاملاً لهذه التحديات من خلال تركيز الحكامة، ومواءمة السياسات العمومية، وضمان تمثيل الاقتصاد الاجتماعي والتضامني على أعلى مستوى في الدولة.
كما أود أن أوضح بأنه خلافاً لبعض التصورات الشائعة، أن إحداث هيئة جديدة مكلفة بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني والتعاون الوطني لا يعتبر إحداثاً لإدارة جديدة بنفس الإختصاصات ستثقل كاهل الجهاز الحكومي. بل على العكس تماماً، إنه إعادة هيكلة ذكية لما هو موجود، هدفها ترشيد العمل العمومي في قطاع حيوي. ستكون هذه الهيئة نتاجاً لدمج استراتيجي لعدة مؤسسات مجزأة حالياً، وكلها معنية بشكل مباشر أو غير مباشر بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني والتعاون الوطني. فبتوحيد هذه المؤسسات المتفرقة تحت مظلة واحدة، ستقوم الدولة بكسر منطق التجزئة والازدواجية في الميزانيات. يتعلق الأمر بتوحيد الجهود، وتنسيق السياسات، وإنهاء تداخل المهام لخلق رؤية مشتركة وفعالة. سيسمح هذا التقارب الهيكلي بتنسيق أفضل لدعم الفاعلين في القطاع، وخلق تآزر غير مسبوق في مبادرات التضامن، وبالطبع تخفيف الفاتورة العمومية بفضل تجميع الموارد البشرية والمالية واللوجستية. ستكون مهمة هذه المؤسسة المقترحة تحديد وقيادة الاستراتيجية الوطنية للاقتصاد الاجتماعي والتضامني. ويشمل ذلك وضع سياسات متكاملة، تنسيق دقيق للبرامج الجهوية، ومتابعة حثيثة لأهداف التنمية المستدامة المرتبطة بهذا القطاع. الهدف واضح، وهو تنسيق المبادرات وتحقيق الحد الأقصى من التأثير على أرض الواقع.
أيضاً، لضمان دعم فعال للتعاون الوطني، سيتجسد عمل هذه الهيئة الجديدة في تنفيذ مبادرات تضامنية موجهة، وتقديم دعم مباشر للفئات الهشة و خاصة في العالم القروي، وتعزيز آليات المساعدة المتبادلة، خاصة في حالات الطوارئ الاجتماعية، وهو نهج استباقي للاستجابة للاحتياجات الأكثر إلحاحاً.
وبالتالي، ستعمل هذه الهيئة الجديدة كجهة فاعلة متعددة الوظائف، على العمل بتناغم مع الوزارات القطاعية، والجماعات الترابية، والمجالس الجهوية والمجتمع المدني، والشركاء من القطاع الخاص. وستكون بمثابة مُحفّز بين الدولة والقطاع الثالث والقطاع الخاص، تشجع التشاور، وتجميع الموارد، والابتكار الاجتماعي. ومن شأن إنشائها أن يوفّر للاقتصاد الاجتماعي والتضامني و التعاون الوطني هيئةً قويةً قادرةً على دفع الدينامية الوطنية والجهوية في هذا المجال، مع ضمان تماسك التدخلات على أرض الواقع.
باختصار، سيكون إحداث هيئة جديدة مكلفة بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني والتعاون الوطني بمثابة إشارة قوية لالتزام المغرب من أجل اقتصاد أكثر تضامناً، ومرونة، وشمولية، بما يتماشى مع طموحات النموذج التنموي الجديد وأهداف التنمية المستدامة.

المقالة السابقة

الممثلة الخاصة للأمم المتحدة في ليبيا تشيد بالتزام المغرب باعتباره “شريكا مهما جدا”

المقالة الموالية

إبعاد الحكومة عن الاستغلال السياسي للانتخابات

Related Posts

الولايات المتحدة تُعيد ترتيب حضورها العسكري في إفريقيا.. والمغرب ضمن الخيارات المطروحة
أخبار

الولايات المتحدة تُعيد ترتيب حضورها العسكري في إفريقيا.. والمغرب ضمن الخيارات المطروحة

6 أغسطس، 2025
23 امرأة عسكرية من 14 جنسية في دورة تكوينية باكادير
أخبار

23 امرأة عسكرية من 14 جنسية في دورة تكوينية باكادير

6 أغسطس، 2025
ترامب يهدد بفرض رسوم ضخمة على الأدوية المستوردة ويستهدف قطاع التكنولوجيا
أخبار

ترامب يهدد بفرض رسوم ضخمة على الأدوية المستوردة ويستهدف قطاع التكنولوجيا

6 أغسطس، 2025
توقيف متورط في ترويج المخدرات والمؤثرات العقلية بالقنيطرة
أخبار

توقيف متورط في ترويج المخدرات والمؤثرات العقلية بالقنيطرة

6 أغسطس، 2025
“الغيوان” يمتعون جمهور مهرجان الحمامات الدولي بتونس
أخبار

“الغيوان” يمتعون جمهور مهرجان الحمامات الدولي بتونس

6 أغسطس، 2025
نجوم كناوة   يقدمون فرجة مجانية بالدار البيضاء
أخبار

نجوم كناوة يقدمون فرجة مجانية بالدار البيضاء

6 أغسطس، 2025
ٌقرأ المزيد
المقالة الموالية
إبعاد الحكومة عن الاستغلال السياسي للانتخابات

إبعاد الحكومة عن الاستغلال السياسي للانتخابات

اترك تعليقاً إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

حالة الطقس

الرباط الدار البيضاء
  • سياسة الخصوصية
  • النهار PDF
  • إتصل بنا

© 2019 َAnnahar - جريدة النهار المغربية Annahar.

لا نتيجة
عرض جميع النتائج
  • الرئيسية
  • إفتتاحية
  • سياسة
  • إقتصاد
  • خارج الحدود
  • الصحة
  • ثقافة
  • رياضة
  • النهار PDF

© 2019 َAnnahar - جريدة النهار المغربية Annahar.