أكد ثلة من العلماء والأكاديميين والباحثين، الذي التأموا اليوم الأحد بفاس في إطار ندوة علمية نظمها المركز الأكاديمي الدولي للدراسات الصوفية والجمالية، أن سلاطين المغرب وعلماءه وصلحاءه اضطلعوا بدور هام في العناية بالس ن ة النبوية وترسيخ المحبة المحمدية في القلوب.
وفي هذا الصدد، أبرز رئيس المركز الأكاديمي الدولي للدراسات الصوفية والجمالية، عزيز الكبيطي الإدريسي، أن دعوة أمير المؤمنين لجعل السنة الهجرية 1447 سنة للاحتفاء بسيرة المصطفى عليه السلام وشمائله، ت جسد العناية السامية التي يوليها جلالته لمحبة خير الأنام والتمسك برسالته وبدعوته التي أخرجت الناس من الظلمات إلى النور.
وأضاف السيد الكبيطي أن أهل المغرب الأقصى عبروا، عبر العصور، عن محبتهم لرسول الله عليه السلام، وهو ما تجسده مؤلفات الصلوات المحمدية التي اشتهرت بها بلاد المغرب الأقصى، وعلى رأسها كتاب ” دلائل الخيرات” لمحمد بن سليمان الجزولي وغيره من كتب الصلوات، التي لا يزال صداها الروحي ممتدا في مختلف أرجاء العالم الإسلامي.
وأكد أن منهج التزكية يعد منهجا نبويا أصيلا يقوم على بناء الإنسان وحماية الأوطان، باعتباره مسارا تربويا روحيا يهدف إلى تطهير النفس وترقية الأخلاق وتعويض الصفات الذميمة بصفات محمودة مستمدة من أخلاق النبي المصطفى، معتبرا أن هذا المنهج يشكل أساس الفلاح في الدنيا والآخرة.
من جهته، أكد رئيس المجلس العلمي الجهوي لجهة فاس – مكناس، حسن عزوزي، على العناية السامية لأمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس بالسيرة النبوية المطهرة، مشيرا إلى أن جلالته دعا في رسالته الملكية السامية الموجهة إلى المجلس العلمي الأعلى، إلى “استثمار هذه الس نة واستغلال ما فيها من أيام وشهور من أجل مدارسة معطيات السيرة النبوية وما تحمله في طياتها من دروس وعبر وقيم”، مؤكدا أن هذه القيم ت شكل أساس مهمة العلماء والدعاة في تبليغ الرسالة النبوية.
وأضاف الأستاذ عزوزي أن تزكية النفس تعتبر جوهرا أصيلا في مسار الإيمان، إذ تفتح المجال أمام العبد للتقرب إلى الله تعالى، وتساهم في تهذيب السلوك وترقية الروح واستقامة الأخلاق.
وأشار إلى أن مصطلح التزكية ورد في القرآن الكريم في سياقات تربوية عميقة ترتبط بالفلاح والنجاة، مشيرا إلى أن النبي عليه الصلاة و السلام ات بع منهجا تربويا دقيقا في تزكية أصحابه.
من جهته، أفاد الباحث محمد غزلاي بأن تدوين السيرة النبوية وتوثيق مروياتها يعتبر من أهم الموضوعات التي افنى فيها أجيال من العلماء أعمارهم، ونالت اهتمامهم وعنايتهم من حيث أحاديثه وأفعاله ومغازيه عليه الصلاة والسلام.
وأوضح أن العلماء ركزوا في أعمالهم هاته أخلص جهودهم واستخدموا للتأليف فيها نبوغهم وإبداعهن وثاقب فكرهم، وذلك لما تتطلبه من بحث عميق وموسع.
ومن جانبه، أكد الباحث مصطفى بوحلا على عناية العلماء المغاربة بالسيرة النبوية، من خلال مساهمتهم في شرح كتب السيرة عبر تأليف شروح جديدة، وتدريسها في المدارس والزوايا، إضافة إلى جمع التراث الشفهي المتعلق بالسيرة.
كما أبرز الباحث مظاهر عناية أهل الصحراء المغربية بالسيرة النبوية العطرة، حيث ابدوا اهتماما بالغا بدراستها وحفظها ونقلها عبر الأجيال، فضلا عن إيلائها اهتماما كبيرا في احتفالاتهم الدينية.
ومن جانبه، أكد عضو المجلس العلمي المحلي لسيدي البرنوصي بالدار البيضاء، محمد السعيدي، على تعلق المغاربة والملوك العلويين الشديد بالسيرة النبوية العطرة.
وأضاف ، في هذا الصدد، أن كل ما ينتسب للرسول عليه السلام نال الحظوة والمقام الرفيع عندهم، ومنها كتاب صحيح الإمام البخاري، الذي نال عندهم ح ظوة خاصة.
بدوره، أكد مدير معهد ابن العربي للدراسات الشرعية بايت ملول، محمد شوقي، أن سيرة المصطفى عليه الصلاة و السلام تشتمل على الكثير من الدروس والعبر المهمة التي ت ضيء للمؤمن الطريق وتهديه إلى سواء السبيل، في جميع أحواله.
وتضمنت هذه الندوة، المنظمة تحت شعار “السيرة النبوية والصلوات المحمدية: دعوة لحب الأوطان وترسيخ لقيم الإحسان” احتفاء بمرور خمسة عشر قرنا على ميلاد النبي المصطفى عليه الصلاة و السلام، وتنفيذا للتوصيات المولوية الرشيدة الداعية إلى إحياء هذه المناسبة الجليلة عبر أنشطة علمية وروحية وإعلامية، ثلاثة محاور رئيسة هي “السيرة النبوية: مدرسة للتزكية وبناء للإنسان المتوازن”، و”دور السلاطين العلويين في ترسيخ المحبة المحمدية”، و”كتب الصلوات ودورها في ترسيخ المحبة المحمدية”.
وبحسب المنظمين، تأتي هذه الندوة في سياق ما يعيشه عالمنا المعاصر من تحديات فكرية وروحية، تبرز معها الحاجة الماس ة إلى إعادة الاعتبار لجوهر الرسالة المحمدية في بعدها الأخلاقي والتزكوي، بما يحق ق التوازن بين العلم والعمل، والعقل والروح، ويتيح للأجيال الصاعدة أن تجد في السيرة النبوية المنهل العذب الذي يحص نها من الغلو والتطرف من جهة، ومن التفريط والاستهتار من جهة أخرى.






