رشيد لزرق
ينبغي الاعتراف بكون جائحة كرونا هدّأت من تضاربات المشهد السياسي الذي هو في الأصل شديد الإرباك، يسوده انعدام الثقة بين الحلفاء، مما يؤدي إلى مناوشات بين الفينة والأخرى، في شكل تصريحات او ممارسات بين أضلاع التحالف الخماسي.
لقد عاينا الكل يبكي على الحريات فمن المسؤول عن قانون 22.20 ، فوزير العدل في كل استحقاق يظهر بأيادي مرتعشة لا هو قادر على الدفاع عن مشروعه و لا هو قادر على القول من صاغ المشروع. تم تتويج هذه المناكفات والصراعات بحوار مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان مع موقع عربي بلندن. حوار يوحي بأنه لا رابط بين أحزاب الأغلبية.
قبله خرج ادريس لشكر الذي اظهر عدم صبر في دخول الحكومة باي ثمن ولو كانت بحكومة الجميع ضد الجميع.
لقاء لشكر العثماني فسح المجال لحديث عن صفقات التي يقع إبرامها في الظلام أو تحت الأضواء.
و بات البعض يبحث عن العباءات و المناورات والصفقات، التي لا يمكن ان تمرّ تحت عباءة الدستور.
ان هذا المسار الجديد للمشهد السياسي، من شأنه أن يزيد من تعقيدها، ويفتح المجال أمام احتمالات لا تخرج عن إطار الصراعات السياسوية. بعيدة كل البعد عن البحث، حلول عملية وسريعة لتجاوز مخلفات كورونا.
مشهد سياسي يضم مغامرين يعبثون و يضربون كل أمل بترميم الصفوف وتقريب المسافات، لكون الوقت يمر، ولم يعد هناك مجال للمناورات.
ظهر وزير العدل في حكومة قيل إنها حكومة الكفاءات عنوانا للانعدام الكفاءة، و التيه السياسي و أعطي مشروعية السؤال: هل حقا الحكومة الحالية حكومة سياسية؟
كيف لوزير مقترح من حزب تقدمي له رصيد من الدفاع عن الحقوق و الحريات و الحداثة ان يدفع بمشروع قانون يسمح لأعداء الحرية المزايدة، ووضعه لرصيد نضالي في مهب الريح، وزير يظهر في كل محطة انه فاقد البوصلة و انه متناقض سياسيا مع هويته و تدبيريا مع مفهوم الكفاءة، يهرب للامام، و يظهر ايادي مرتعشة و التي في كل حال من الأحوال ، لا يمكن ان تصنع ربيعا دستوريا مغربيا بتنزيل الكتلة الدستورية.
ووزير لحقوق الإنسان لا يؤمن بحقوق الانسان كما هي متعارف عليه كونيا، يثبت في كل مرة انه لا يدافع بشراسة الا على عشيرته الحزبية.
حكومة بدل ان تتوفر عن إجابات “للقضايا الحارقة” من أهمها قضايا التشغيل لشباب المغربي الذي أضحى يغامر على متن قوارب الموت، وكذلك للجهات التي همشت لعقود ويجب أن تلمس إنجازات فعلية في التنمية المستدامة لكي يشعر المواطنون بانتمائهم لهذا الوطن وبقيمتهم الاجتماعية التي هي حق دستوري.
نحن في لحظة تتطلب عملا متكاملا، و ان يضحي الجميع من أجل تجاوز محنة المديونية وللتقليص من عجز الميزان التجاري ولأنه من واجب الجميع حماية الاقتصاد الوطني فمن الضروري مراجعة قائمة المواد الموردة والاستغناء عن تلك التي لا نحتاجها وأن نعمل على حماية المنتوج الوطني بتوظيف الأداءات على المواد الموردة.
الحكومة مدعوة إلى ضرورة إحداث هيئات رقابية متطورة وفاعلة وعلى الدولة أن تتحمل مسؤوليتها في مراقبة مسالك التوزيع والاقتصاد الموازي ومحاربة الفساد في القطاعين العام والخاص.
ان خرجات الرميد توضح بالملموس واقع عدم الثقة، و محاولات بين الفينة و الاخرى تفجير الحكومة، كل مرة بآليات كان آخرها، التصريحات التي أطلقها احد أضلاع التحالف الخماسي، بحكومة وحدة وطنية، تم الرد عليه من قبل الرميد من خلال ضرب قانون 22.20. ليصبح الصراع بوجوه مكشوفة وبلا قفازات.
خطة ادريس لشكر فشلت، بعدما ظهر الضعف البين لوزيره في الحكومة محمد بنعبد القادر الذي اظهر ايادي مرتعشة في الدفاع عن قانون اخرجه، و الذي يتناقض مع هوية الحزب الذي استوزر باسمه.
ووجد الاتحاد نفسه وحيدا ، من خلال ادانة كل الأحزاب التحالف الحكومي لمشروع قانون بنعبد القادر.
رئيس الحكومة تعامل مع مشروع بتعبد القادر ليس باعتبار العدل احد أعضاء حكومته بل فقط كزائر في حكومته.
مرة أخرى الحكومة تعيش تضاربات سياسية بدون مسؤولية ولا هوية . الأمر الذي أعاق خطط لشكر في قلب اللعبة السياسية و اضعف مطلبه في حكومة وحدة وطنية تضمن دخوله للحكومة و احتياطيا في حالة معارضتها بشدة دخول ابنته.
ان بقاء الاتحاد وحيدا اظهر اختلال غي خطط لشكر،الذي بات متخوفا ان تعصف تحركاته بقاء الاتحاد في الحكومة، بعدما قطعت المعارضة مع لشكر شعرة معاوية التي كان يراهن عليها لشكر للمناورة.
لشكر حاول اعادة خلط الأوراق السياسية في سياق العودة إلى الاستقطاب الحاد بين معسكرين متناقضين داخل الحكومة.
لا يعني هذا ان التحالف الحكومي القائم بات في منآى عن الزلازل والارتدادات وهو ما قد يدفع إلى مزيد من تأزيم الأوضاع وإرباك مشاريع الحكومة إن كتب لها أن تواصل لأشهر أخرى.
ولا يلزمنا كبير عناء كي نتوصل إلى البت بأن ما وقع ويقع وما قد يقع مستقبلًا ليس سوى زاوية صغيرة من قطعة شطرنج كبيرة تمتد عبر مشهد سياسي ، بدون فاعلين يحدد شكل المسار ، و قيادات حزبية لم تغادر موقع الكومبارس في فلم هيتشكوكي تخرجه عقول هوليوودية محترفة.