يلزم بداية التأكيد على أن الحكومة المغربية غير معنية بالتقارير سواء الصادرة عن المؤسسات الوطنية الدستورية، التي خوّلها الدستور الحكامة، ولا الأجنبية، المعروفة بكونها علمية وتخلط الصالح بالطالح إذ حتما توجد تقارير مغرضة، لكن هي لا تسمع لأاحد ولا تنصت لأي صوت.
تقرير آخر يضاف إلى باقي التقارير الصادرة هذا العام داخليا وخارجيا، والتي تعتبر الحكومة المغربية فاشلة في أغلب المجالات، وكي يفهم القائمون على الحكومة أننا قوة اقتراحية غير عدمية نشرنا في عدد أمس مؤشرا للازدهار الاقتصادي يحتل فيه المغرب مرتبة لابأس فيها بإفريقيا.
القترير الذي نحدث عنه يحمل عنوان “الحالة العالمية للديمقراطية 2025: الديمقراطية في حالة تحرك”، الصادر عن المعهد الدولي للديمقراطية والمساعدة الانتخابية، حيث جاء ترتيب المغرب متوسطاً إلى متأخر في المؤشرات الأربعة الأساسية المعتمدة في قياس الديمقراطية، وهي التمثيل السياسي، والحقوق، وسيادة القانون، والمشاركة.
وظهر اضطراب في ترتيب المغرب وفق المؤشرات التي يعتمدها المركز المذكور، وهو ما يعكس حقيقة أن الحكومة، التي يترأسها عزيز أخنوش وتمثل تجمع المصالح الكبرى، أدخلت المغرب نفقا بدون معالم ولا أضواء، قد يؤثر على المسار الديمقراطي الذي ارتضاه المغرب خيارا لا رجعة فيه، وقراءة للتقرير تبين أنها لا تقوم بالتجديد وإنما تعيش على وجود المؤسسات فقط، حيث لا جدية لديها في تعزيز الثقة العامة.
في مؤشر التمثيل السياسي، على نقطة 0.432، محتلاً المرتبة 107 عالمياً من أصل حوالي 170 دولة، ضمن نطاق ترتيبي محتمل يتراوح بين المرتبتين 100 و113. ويقيس هذا المؤشر طبيعة التعددية الحزبية، والتنافس الانتخابي، ومدى شمولية العملية السياسية.
المغرب الذي أصدر ظهير الحريات العامة لمنع الحزب الوحيد وهيمنته المطلقة، والمغرب الذي بنا شكلا ديمقراطيا خاصا به، مؤمنا بالتعددية في كافة المجالات وخصوصا المجال السياسي، يوجد في ترتيب متدني ومتأخر مع الدول ذات الأداء المتوسط أو المتأخر، لكن الدول التي يوجد ضمنها المغرب لم تنخرط في مسلسل الديمقراطية إلا في وقت متأخر، وبالتالي وجوده ليس له معنى بتاتا.
وحصل المغرب على نقطة 0.509، على مستوى مؤشر الحقوق، محتلاً المرتبة 77 عالمياً، ضمن مجال ترتيبي محتمل يتراوح بين 62 و96. ويغطي هذا المؤشر الحقوق المدنية والسياسية، وحرية التعبير، وحرية التنظيم، وحماية الأفراد من الانتهاكات. ويضع التقرير أداء المغرب في هذا المجال ضمن سياق إقليمي يتسم بتفاوت كبير، حيث تعرف بعض دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط تراجعاً حاداً في الحقوق والحريات، في حين تحافظ دول أخرى على مستويات متوسطة دون تحقيق تحولات نوعية.
لم يعد الأمر يتعلق بسيادة القانون وولايته العامة، ولكن انتقل الأمر إلى إنتاج القوانين، التي يسود فيها أسلوب الهيمنة المطلقة من قبل الحكومة، والنموذج قانون الإضراب المصادق عليه وقانون المجلس الوطني للصحافة الذي سيعود لمجلس النواب في قراءة ثانية وقانون المحاماة، كلها قوانين يبدو أن تنفيذها صعب أو مدمر.






