مؤسف للغاية أن يتحول الشباب من رافعة للنضال الديمقراطي وحماية المكتسبات إلى باحثين عن مكاسب، فهم الفئة التي كانت صمام الأمان في الأحزاب السياسية ضد كل أشكال الريع، التي قد يلغ فيها الشيوخ، لكنهم اليوم يبحثون عن مزيد من الريع، وهذا ما أفرزته الجولة التي تقوم بها قيادات الشبيبات الحزبية إلى قادة الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، قصد دعم مطالبهم ومن أهمها زيادة العدد في لائحة الشباب.
المنافسة في الخيرات لن تكون عبر طلب الريع ولكن طلب الإلغاء. كانت الفكرة أولا تقتضي أن يتم تمتيع النساء باللائحة الوطنية تسهيلا لوصولهم إلى البرلمان باعتبار الحاجز السوسيولوجي والعرفي، وهذا موجود حتى في بلدان أخرى تعتبر من الديمقراطيات العالمية مثل أمريكا التي يصعب وصول إمرأة فيها إلى الرئاسة، لكن الهدف من اللائحة ليس خلودها ولكن تكون فقط تمهيدية تساعد النساء على اقتحام هذا المجال.
غير أنه بدل تقييم دور اللائحة قصد تقويمه تم تدعميه بلائحة الشباب، وكأن الشباب فئة مختلفة عن المناضلين الحزبيين. لولا السيستام البئيس المتحكم في الأحزاب السياسية لكان أكثر من شاب زعيما لحزب سياسي، وها هو الرئيس الفرنسي شاب وليس شيخا. إذن لا يمكن تمييز الشباب عن غيرهم في الأحزاب السياسية، والميكانيزمات المتحكمة في فوز المرشح لا تختلف، وفي أول انتخابات بعد دستور 2011 تمكن شاب لا يتجاوز عمره 23 سنة من الفوز كوكيل للائحة بإحدى القرى.
لا يهم كيف نجح وأنه عوّض والده، المعروف في الانتخابات بالمنطقة، ونحن واعون بالقضية عندما تحدثنا عن الآليات المتحكمة في التصويت. ولكن هذا نموذج لشاب في بداية مشواره السياسي وفاز عن طريق اللائحة وليس عن طريق لائحة الشباب.
وباعتبار الافتتاحية موقفا فقد عبّرنا عن موقفنا من الترشيح باللائحة، واعتبرناه ضربا لأصوات الناخبين لما ينجح كثير من النواب عن طريق أكبر بقية. ولكن ليس هذا مهما في هذه الافتتاحية. بغض النظر عن طريقة الترشيح، فيلزم الشباب اليوم الترشح كوكلاء للوائح إن تم الاحتفاظ بهذا النمط من الاقتراع أو يترشحوا فرديا إن تم تغيير نمط الاقتراع، وبهذه الطريقة نكون قد دعمنا الشباب في الوصول إلى البرلمان عوض منحه ريعا يتسابق عليه المناضلون.
من مآسي لائحة الريع على العمل السياسي ومن آثارها السلبية أنها تحولت إلى إرضاء الأصوات المزعجة، فتم خلق أصوات زاعقة فقط لأنها تبحث عن منصب، وهذا يعطي نموذجا فاسدا لتربية الشباب، وتم إكمال “هذا الخير” بمنح رئيس شبيبة العدالة والتنمية منصب وزير حتى يتم ضبط الخلاف وسط الحزب الإسلامي.
إذا استمرت اللوائح فينبغي منحها لكافة الفئات، وكان المرحوم الزمزمي طالب بلائحة للعلماء، ويمكن المطالبة بلائحة للمسيحيين المغاربة، الذين أصبحوا يعلنون عن أنفسهم، ولائحة لليهود المغاربة ولائحة لفئات اجتماعية أخرى وما أكثر الفئات، التي يمكن أن تندمج كلها في الحزب السياسي بغض النظر عن انتمائه الفئوي وكان شمعون ليفي رحمه الله قياديا في التقدم والاشتراكية دون ميز فلماذا تجعلون من اللائحة عنوانا للتمييز ضد فئات اجتماعية بدل إدماجها في العملية السياسية؟