تستضيف العاصمة المصرية القاهرة، غدا السبت، مباراة كأس السوبر الإفريقي، والتي تجمع بين بطل دوري أبطال إفريقيا بيراميدز المصري، وبطل كأس الكونفيدرالية نهضة بركان.
يلتقي الفريق القاهري بعد تتويجه بلقبه الأول ببطولة دوري أبطال إفريقيا الموسم الماضي مع نهضة بركان على ملعب 30 يونيو.
وبينما تعتبر هذه هي أول مشاركة لبيراميدز في السوبر الإفريقي، فإن نهضة بركان يسعى لحصد لقبه الثاني في المسابقة القارية.
وجاءت قصة صعود بيراميدز واعتلائه عرش الكرة الإفريقية مذهلة وسريعة بشكل استثنائي، وتأسس النادي عام 2008 تحت اسم “الأسيوطي سبورت”، واكتسب سمعة طيبة في مجال اكتشاف المواهب وتطوير اللاعبين قبل تغيير اسمه عام 2018 إلى بيراميدز إف سي والانتقال إلى القاهرة.
وأعقب ذلك ضخ العديد من الاستثمارات، وتم إضفاء الطابع الاحترافي على الهيكل الرياضي، وصقل عملية التوظيف، حسبما أفاد الموقع الإلكتروني الرسمي للاتحاد الإفريقي لكرة القدم “كاف”.
وفي غضون بضعة مواسم، كان بيراميدز ينافس من أجل التتويج بالبطولات المحلية، ويتأهل بانتظام للمنافسات القارية، وفي عام 2024 احتفل بأول لقب له ببطولة كأس مصر.
وبعد 12 شهراً، جاء الانطلاق على الصعيد القاري، بعدما حقق مفاجأة من العيار الثقيل بتتويجه بلقب دوري أبطال إفريقيا لأول مرة، عقب فوزه 3-2 على ماميلودي صنداونز الجنوب إفريقي في مجموع مباراتي الذهاب والإياب بالدور النهائي.
ومنح الكرواتي كرونوسلاف يورتشيش شكلاً مميزاً للفريق، ويفضل الاعتماد على خطة 4-2-3-1 المتماسكة التي تضغط بشكل انتقائي، وتحمي المساحات في وسط الملعب، وتخترق بسرعة دفاعات المنافسين على الأطراف.
وفي غياب الاستحواذ، يحكم لاعبا الارتكاز خط الوسط، وفي الانتقالات الهجومية، يضغط الرباعي الأمامي بسرعة وشراسة.
هذا التوازن قاد بيراميدز في أدوار خروج المغلوب الصعبة في دوري أبطال إفريقيا الموسم الماضي، ومرة أخرى في التزامات الشهر الماضي القارية.
كما ينسب الفضل إلى جهاز يورتشيتش في تحقيق مكاسب متمثلة في دقة تنفيذ الكرات الثابتة، وطريقة استشفاء اللاعبين وتدوير اللعب عليهم، مما حافظ على حيوية الفريق خلال جدول مباريات الدوري المصري ودوري أبطال إفريقيا الطويل.
وإذا كان هناك اسم واحد يجسد صعود بيراميدز القاري، فهو فيستون مايلي، وقدم مهاجم منتخب الكونغو الديمقراطية قوة هجومية في منطقة الجزاء تتطلبها بنية يورتشيتش، بدءاً من انطلاقات قوية في قلب دفاعات الخصوم، مروراً بتسجيل أهداف سريعة من عرضيات منخفضة، وختاماً بإحراز الأهداف في اللحظات الحاسمة.
وشهد بيراميدز خيبة أمل قارية سابقة كان أبرزها خسارته في نهائي كأس الاتحاد الإفريقي أمام بركان عام 2020.
ويشهد لقاء السبت أول ظهور لبيراميدز في كأس السوبر، الذي أصبحت أمامه فرصة لاختبار نفسه أمام الفائز بالسوبر الإفريقي عام 2022.
ووصل نهضة بركان المغربي إلى القاهرة لمواجهة مضيفه بيراميدز بكأس السوبر الإفريقي بشعور مألوف، وهو كأس قارية على المحك وزخم قوي.
وتأسس نادي نهضة بركان الرياضي في مدينة بركان، وتطور من ناد إقليمي ذي إدارة جيدة إلى أحد أكثر الفرق الإفريقية موثوقية في الأدوار الإقصائية.
وجاءت نقطة التحول خلال العقد الماضي، الذي شهد تحسين البنية التحتية، وتوظيف أكثر ذكاء، وهوية واضحة. ثم تبع ذلك نهائيات قارية، بداية بخيبات أمل، ثم اعتياد على اعتلاء منصة التتويج.
وفاز بركان بكأس الكونفدرالية الإفريقية عام 2020، وعاد ليحرزها مجدداً 2022، ثم استعاد اللقب الموسم الماضي ليؤكد سمعته كفريق متخصص في حصد الكؤوس.
واشتهر نهضة بركان بصعوبة اختراق دفاعاته خلال رحلاته الخارجية، وشراسته على ملعبه أمام جماهيره النابضة بالحياة في الملعب البلدي.
ويستند بركان في أدائه على التنظيم الدفاعي أولا، ثم السرعة والدقة في الانتقالات نحو الهجوم، مدعوما بتهديد المنافسين من خلال الكرات الثابتة.
يقود نهضة بركان المدرب التونسي الشاب معين الشعباني، الذي ينعكس أسلوبه في اللعب على خططه في المباريات، حيث يعتمد على المهارة والتكتيك، والدقة في الأداء.
الشعباني الذي قاد بركان أيضاً للفوز بآخر انتصاراته القارية، أعاد إلى الأذهان السمات المميزة التي تجعل مواجهة “الفريق البرتقالي” صعبة للغاية، في ظل تواجد كتلة متماسكة في وسط الملعب، وظهيران يحسنان توقيت تداخلاتهما، وخط هجوم مدرب على استغلال المساحات في دفاعات المنافسين بدلاً من الاستحواذ على الكرة.
ويولي جهاز الشعباني اهتماماً خاصاً بالتفاصيل، وتنفيذ خطط لتنفيذ الكرات الثابتة على أفضل وجه، ويستخدم الفيديو في تحديد محفزات الخصم، والتناوب الدقيق بين اللاعبين في المباريات للحفاظ على مستويات عالية من الطاقة خلال المنافسة الشرسة على البطولات المحلية والقارية.
ويبدو هذا الأسلوب مصمم لمباريات الأدوار الإقصائية، وظهر ذلك بوضوح خلال مسيرة بركان في كأس الكونفدرالية الموسم الماضي، ولم يستقبل الفريق سوى القليل من الأهداف، وسجل لاعبوه في اللحظات الحاسمة، وأداروا المباريات بنضج.
ويظل المهاجم أسامة المليوي محورا أساسياً في شخصية بركان، ويقود النجم المغربي، المصاب حالياً، خط هجوم الفريق بهيمنته في الكرات العالية وتمركزه الهادئ، ويشكل خطراً دائماً من الكرات الثابتة.
إلى جانبه، لطالما تميز خط هجوم بركان بوجود شريك مخضرم هو بول باسين، الذي يعتبر أحد الخيارات الهجومية الخطيرة، بينما يقدم الجناح الأيمن المخضرم يوسف مهري قوة ودقة في التمريرات من الأطراف.
يضاف إلى ذلك الكرات الثابتة الموجهة لإسماعيل قندوس، ويشكل بركان الذي توج الموسم الماضي في البطولة الوطنية الاحترافية ويلعب في النسخة الحالية لدوري أبطال إفريقيا، تحديات متنوعة دون الاعتماد على عدد كبير من اللاعبين.