قبل ثلاثة أيام ظهر دولاند ترامب، الرئيس الأمريكي، مرتديا القناع الواقي، المعروف مغربيا بالكمامة، وذلك لأول مرة منذ تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد بالولايات المتحدة الأمريكية، التي تعرف موجة إصابات مرتفعة جدا لا تنزل عن أربعين ألفًا يوميا ناهيك عن عدد مؤسف من الوفيات.. ظل يمانع خصومه قائلا: لن أقتل الاقتصاد من أجل فيروس خفي وما زال مصرا على تسميته الفيروس الصيني حتى يوحي أنه مصنوع في مختبراتها..
ممكن أن تجمع في المعادلة بين “معاملين مجهولين”.. فأي اقتصاد في العالم مهما كان كبيرا لن يصمد طويلا في وجه الإغلاق القسري، وبالتالي فإن الحل الذي ارتأته كثير من الدول هو استئناف النشاط الاقتصادي، مع اتخاذ إجراءات حمائية واحترازية.. رئيس أكبر قوة في العالم اختار غير ذات الشوكة.. أي مناعة القطيع.. اخرجوا ومن نجا منكم فله حق الحياة ومن مات له أجر الموت وقبر تضمنه الدولة. وليس هو الزعيم الأول الذي يعلن كفره بوجود المرض القاتل، فحتى الرئيس البرازيلي بولسانو، لم يؤمن بوجود الفيروس حتى تمكن من خلايا عروقه.
رئيس لا يؤمن بوجود كورونا رغم ضحايا حرب الفيروس الكبيرة.. طبعا هو لا يهمه ضحايا الحروب.. كفره بكورونا ليس يقينا ولكن إديولوجيا لممارسة الربح.. لكن هناك من لا يؤمنون بوجود الفيروس إما يقينا وإما لأن هذا الأمر يعفيهم من اتخاذ الاحتياطات اللازمة.. إذا أراد شخص أن يزاحمك في القطار خارقا مبدأ النصف المسموح به، يواجهك بعبارة إن كورونا شيء من الأوهام وهو غير موجود.
ولماذا تضع الكمامة؟ يجيبك أن ذلك مرتبط بالقانون، إذ قد يؤدي الغرامة.. ولكن احترمني أنا الذي أضعها ليس خوفا من أحد ولكن خوفا عليك وخوفا على نفسي حتى لا نؤذي بعضنا.. هو يهاب الغرامة فقط..
أخطر سؤال استنكاري يواجهنا اليوم: هل رأيت شخصا مريضا بكورونا؟ أنا شخصيا لم أره وبالتالي أجيب بالنفي، وتصبح حجة الآخر ألحم من حجتي.. لكن أنا لا أومن فقط بما أشاهد.. لست من أتباع “المذهب الحسي”..
صديق قال لي: هل أنت أيضا من الذين يصدقون خرافات الحكومة؟ فقلت له: هذه الخرافة الوحيدة التي أصدقها عن الحكومة؟ أما الباقي فأعرف أنه مجرد وهم انتخابات وسراب صندوق لم نستوعب بعد دوره في اختيار من ينوب عنا في تدبير الشأن العام..
شخصيا أقدر كل شخص “يزعم” أن كورونا غير موجود.. ووضعت يزعم بين معقوفتين لأن كثيرا من الناس يعتبرون أن القضية مجرد لعبة تدويخ للمجتمع.. كثيرون يتكلمون هذه اللغة.. طبعا لهم الحق في إيمانهم الراسخ بأن الفيروس غير موجود.. لكن ليس من حقهم أن يفرضوا على الآخرين رأيهم.. قلت للصديق المشكك: ماذا يضرك أنت إذا آمنت أنا بالخرافة إذا كنت لا أضرك؟ وما يضيرك أن تحترم عقلي الخرافي غير القادر على استيعاب عقلك العلمي؟ وبعد هذا وذاك هناك قانون إذا لم يعجبك فكر في تغييره..
الذين لا يؤمنون بكورونا كبار وصغار.. منهم رئيس دولة ومنهم حارس سيارات ومنهم إطار متعلم.. آمنوا أو لا تؤمنوا فإن الموت ملاقيكم.