منافسات قارية بأمن وأمان
لا يمكن لأي تظاهرة دولية أن تنجح بعامل واحد، ولكن لابد من تظافر جهود مختلف الفاعلين من أجل صناعة الحدث، وهو ما حصل في المغرب بمناسبة احتضان كأس إفريقيا للأمم، إذ اجتمعت للمغرب كل عوامل نجاح هذه التظاهرة، التي كان كثيرون ينتظرون أن تكون على عكس ما هي عليه اليوم، حتى أنهم أطلقوا الذباب الالكتروني لنشر معطيات زائفة عن البنيات والمطاعم وظروف الإيواء.
ومن الأمور التي أولاها المغرب قيمة كبيرة في هذه المنافسات القارية هو اعتماد خطة أمنية واضحة المعالم، تسعى لمرور هذه التظاهرة في أحسن الظروف، وكل وسائل الإعلام التي أنجزت روبورتاجات على هامش المنافسات القارية تتحدث عن تأمين عالي المستوى، حيث لا يمارس الوجود الشرطي ضغطا على زوار المغرب أو على المشجعين المعاربة.
لقد جسد الوقوف الميداني لعبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني والمدير العام لمراقبة التراب، على المعطيات الدقيقة لتأمين المباريات وضيوف المغرب، عنصرا محوريا في هذه العملية، التي تعتبر ركيزة لأي نجاح، فمهما كانت التهييء ومهما كانت البنيات لا يمكن ضمان نجاح أية تظاهرة قارية أو دولية دون تحريك أمني قوي على كافة المستويات، يضمن وجودا قويا لكن سلسا بخلاف بعض الدول التي يشكل فيها الأمن عنصر تخويف.
وفي كل المواقع، سواء المحيط السكني المحتمل وجود قاطنين فيه من المشجعين القادمين من دول مختلفة، أو بمحيط الملاعب أو داخل الملاعب، تم تعزيز حضور المصالح الأمنية، تزامنًا مع انطلاق منافسات كأس أمم إفريقيا لكرة القدم التي تحتضنها المملكة، من خلال الدفع بوحدات خاصة متنقلة تعتمد على دراجات نارية عالية الأداء، في خطوة تروم الرفع من جاهزية التدخل والاستجابة السريعة.
هذا الدفع يهدف إلى تقريب الأمن من المواقع التي يحتمل أن يكون فيها مشجعون، وذلك من خلال تسخير كوكبات من دراجيي القوات الخاصة، التابعة لكل من المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، ضمن المنظومة الأمنية الشاملة التي تم إعدادها لتأمين التظاهرة القارية، حيث تم تزويد هذه الوحدات بمعدات حديثة ودراجات قوية تحمل الهوية البصرية الخاصة بها.
الحديث هنا عن منظومة أمنية شاملة تم إعدادها بهذه المناسبة، في إطار مقاربة أمنية استباقية تهدف إلى تعزيز الشعور بالأمن وضمان مرور منافسات كأس إفريقيا في أجواء يسودها الانضباط والاطمئنان.
هذه المقاربة تعتبر خلاصة التجارب والخبرات التي اكتسبها المغرب خلال السنوات الماضية، والتي خولته تبوأ مكانة عالية عالميا، سواء تعلق الأمر بالتقدم في المعالجة الأمنية أو تأمين التظاهرات العالمية بدءا من إقصائيات كأس العالم بقطر والمساهمة في تأمين أولمبيات باريس السنة الماضية ومرورا بتظاهرات دولية كبرى غير رياضية، مما جعل الأمن المغربي يحظى بتقدير دولي وهو ما ينعكس اليوم على تدبيره السلس لإقصائيات كأس إفريقيا للأمم.






