أظهرت مؤشرات التدابير والإجراءات المؤسسات العمومية والقضاء، توجه المغرب نحو رفع حالة الطوارئ الصحية، تدريجيا وبشكل متأني، لمواجهة المخاطر المحتملة للفيروس، والعمل على إنقاذ الاقتصاد الوطني من حالة الركود، عبر الخروج من الحجر الصحي بطرق منتظمة وتوجيهات محددة لخروج الناس، عبر عودة بعض المصانع والمؤسسات، والإبقاء على منع التجمعات والتظاهرات، والالتزام بحظر أحوال جزئي في بعض المناطق المتضررة من وباء كورونا.
وتعقد لجنة اليقظة الاقتصادية، اجتماعها يوم الاثنين المقبل المصادف لنهاية خالة الطوارئ الصحية الأولى، والاعلان عن الإجراءات المحتملة عند التمديد أو رفع حالة الكوارئ، وذلك بعدما اجتمعت أمس، وقررت تأجيل آجال التصريح بالدخل بالنسبة للأشخاص الذاتيين الذين يرغبون في ذلك من متم أبريل الى 30 يونيو 2020.
ومن المؤشرات للرفع التدريجي لحالة الطوارئ الصحية، دعوة مصطفى فارس، الرئيس الأول لمحكمة النقض الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، كافة الرؤساء الأولين لمحاكم الاستئناف ومحاكم الاستئناف التجارية، ورئيسيْ محاكم الاستئناف الإدارية إلى “اتخاذ كافة التدابير ليقوم القضاة بالإعداد المسبق، منذ الآن، لمشاريع الأحكام والقرارات بخصوص الملفات المعينين فيها لتيسير البت فيها في أقرب الآجال، وفق الضمانات القانونية الواجبة تداركا لكل الوقت الضائع”.
وكشف مراسلة فارس، أن إعداد القضايا لمرحلة ما بعد رفع حالة الطوارئ الصحية يأتي في إطار التدابير الإستراتيجية المتخذة لمكافحة الآثار والتداعيات الآنية والمستقبلية لوباء كورونا المستجد، عبر آليات الحكامة القضائية التي تضمن بشكل متوازن وفعال شروط الصحة والسلامة لجميع العاملين والمرتفقين، وتخول استمرارية السلطة القضائية في أداء مهامها الدستورية والقانونية والحقوقية وفق معايير النجاعة والجودة الواجبين”.
وأفادت وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، أن اللجنة قررت إطلاق سلسلة جديدة من التدابير في ضوء التطورات المستجدة، إعفاء أي تعويض تكميلي يدفعه أرباب العمل لفائدة المأجورين (المنخرطين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي) من الضريبة على الدخل، في حدود 50 في المائة من متوسط الراتب الشهري الصافي.
وعلى الصعيد الإداري، أحاطت اللجنة علما بتدابير المرونة التي تهدف إلى تفادي تحمل المقاولات الحاصلة على الصفقات العمومية غرامات التأخير نتيجة تأخير لا يعزى إليها.
وأشارت الوزارة إلى أنه على مستوى حكامة المقاولات المجهولة الاسم، يجري وضع مشروع قانون لإدراج المرونة اللازمة التي تسمح بشكل خاص بعقد اجتماعات الهيئات التداولية عن بعد خلال فترة الطوارئ الصحية، ولا سيما فيما يتعلق بإقفال الحسابات .
وشددت لجنة اليقظة الاقتصادية على أن قدرة الاقتصاد المغربي على تجاوز هذه الأزمة يمر لزاما عبر التعاون الوثيق بين الدولة والمقاولات.
وأوضحت الوزارة أن هذا التعاون سيتطلب، من جانب المقاولات، التحلي بحس المسؤولية الحقيقية، مشيرة، في هذا الصدد، إلى أن اللجنة ستسهر على التقيد بقواعد منح المساعدات للمقاولات في وضعية صعبة.
وأوضحت بهذا الخصوص أنه “يجري استكمال الصيغة النهائية لمرسوم يوضح الشروط الجديدة لمنح هذه المساعدات”.
وبالموازاة مع الإجراءات والتدابير المتخذة على المدى القصير للاستجابة لحالات طوارئ الأزمة الصحية، وافقت اللجنة على منهجية توجيهية لتفكير استشرافي يرمي إلى وضع سيناريوهات مستدامة للمرحلتين المقبلتين: إعادة التشغيل التدريجي لمختلف قطاعات الأنشطة والانتعاش القوي للاقتصاد الوطني. وسيتم تحديد الوسائل التي ستتم تعبئتها لكل سيناريو.
وبحث اجتماع العمل الرابع للجنة تطور الوضع الاقتصادي والمالي للبلاد، وكذا للحصيلة الأولى لتنفيذ الإجراءات المتخذة حتى الآن.
و أظهر تحليل أحدث المؤشرات الاقتصادية المتاحة أن أداء مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني في مواجهة أزمة كوفيد-19 لم يكن متجانسا، إذ تأثرت بعض فروع الأنشطة، ولا سيما التي تعتمد على الطلب الأجنبي والتي تم إيقافها بقرار من السلطات العمومية، تأثرا شديدا، بينما حافظت فروع أخرى على ديناميتها، مستفيدة من التدابير المتخذة من أجل الحفاظ على مناصب الشغل ودعم القوة الشرائية أو استمرارية الطلب الدولي.
و تدارست لجنة اليقظة الاقتصادية الحصيلة الأولى لتدابير الدعم الموجه للمقاولات في وضعية صعبة، وللمستخدمين المنخرطين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وأرباب الأسر العاملين في القطاع غير المهيكل، بدعم من الصندوق الخاص لتدبير جائحة كوفيد-19، تبعا للتعليمات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.
و سجل جميع الأعضاء التفعيل الناجع لهذه التدابير بفضل التعبئة القوية والجهود المبذولة من طرف جميع الجهات المعنية، تحت القيادة المستنيرة لجلالة الملك.
من جهته ثمن مصطفى فارس ” كل الجهود الكبرى والعمل الجاد المسؤول الذي أبانت عنه كافة الفعاليات القضائية، ونقدر عاليا ما برهنت عليه من حس وطني وتضامن إنساني متميز والتزام تام بتفعيل كل القرارات والمذكرات والتوجيهات التي أصدرناها في هذه الظرفية العالمية الاستثنائية، مع تنويه وتقدير خاص للقضاة الذين يواصلون رباطهم بمقرات عملهم من أجل أداء الواجب بكل تفان وإخلاص”.
وجاء ضمن المراسلة “ندعو كافة الرؤساء الأولين بمختلف محاكم الاستئناف، ومن خلالهم مسؤولي المحاكم والقضاة الذين يزاولون مهامهم بالدوائر القضائية التابعة لهم، إلى الحرص التام على التدبير الأمثل للمرحلة المقبلة بعد أن يتم الإعلان ببلادنا عن رفع حالة الطوارئ الصحية، وذلك بالاستعداد الاستباقي لمواجهة جميع التحديات بتعبئة جميع الإمكانيات وتيسير كل السبل القانونية والإدارية المتاحة وفق مقاربة تشاركية، وذلك من أجل أداء الواجب بسلاسة وانسيابية وحكامة، وسد أي منفذ للتعثر أو التأخير والتراكم في العمل والخدمات القضائية.