كشف المجلس الأعلى للسلطة القضائية بأن مختلف محاكم المملكة عقدت ما بين 27 أبريل و29 ماي الماضيين، 1469 جلسة عن بعد أدرج خلالها 22268 قضية، تم البت في 9035 منها.
وأوضح المجلس، أن 24926 معتقلا استفادوا من عملية التقاضي عن بعد، حيث وافقوا على محاكمتهم عن بعد دون الحاجة إلى نقلهم إلى مقرات المحاكم، تفاديا لكل المخاطر الصحية المحتملة في هذه الظرفية الاستثنائية، مسجلا أن هذا المشروع حقق خلال الشهر الأول من انطلاقته حصيلة عامة إيجابية ومؤشرات رقمية وتقنية هامة.
و سجل المجلس الأعلى للسلطة القضائية بكل اعتزاز تنويهه وتقديره الكبير للانخراط الجاد لمختلف الفاعلين في أسرة العدالة والدينامية الإيجابية المسؤولة التي عبرت عنها كل السلط والمؤسسات من أجل إنجاح هذه المبادرة في جو من التعاون والانسجام.
واعتبر أن هذه الأرقام الهامة والحصيلة الواعدة المبشرة تحمل الكثير من الدلالات الإيجابية على مختلف المستويات الحقوقية والتنظيمية، وتحفز على مواصلة هذا العمل الطموح الذي يضمن في ظل هذه الظرفية الصحية الصعبة صحة وسلامة المعتقلين والمهنيين والمرتفقين.
كما يخول، يضيف المصدر، في الآن نفسه للسلطة القضائية أداء مهامها والتزاماتها وفق الضمانات الواجبة دستوريا وقانونيا، في احترام تام لقواعد المحاكمة العادلة وحرص كبير على التطبيق العادل للقانون داخل الآجال المعقولة.
وأكد المجلس حرصه على التفعيل الجيد للمحاكمات عن بعد، من خلال تتبع كافة تفاصيلها التنظيمية والتقنية والبشرية اللازمة بكل مسؤولية ومهنية، ووضع أسس سليمة ناجعة لهذا المشروع الإصلاحي الطموح في ظل سياق وطني ودولي استثنائي يلزم الجميع بمقاربات تشاركية استباقية، وفق مبادئ الحكامة وقيم الشفافية والانفتاح التي تنسجم مع المخطط الاستراتيجي العام للمجلس، الهادف إلى تطوير منظومة العمل القضائي بما يتلاءم مع متطلبات المرحلة وأولوياتها وتحدياتها.
وكان مصطفى فارس، الرئيس الأول لمحكمة النقض الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، نوه ب”المجهودات الكبرى” التي بذلها القضاة وأطر وموظفي كتابة الضبط والمحامون، وما أبانوا عنه، خلال فترة الحجر الصحي، من حس عالٍ من المسؤولية والوطنية، من خلال تفاعلهم الإيجابي مع كل التدابير والإجراءات الاستباقية، التي اتخذها المجلس الأعلى للسلطة القضائية، والتي مكنت من تأمين فضاءات المحاكم بشكل سالم وآمن صحيا، إذ لم تسجل أية حالة إصابة بها “.
وشكر الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، في هذا السياق، المجهودات اللوجيستيكية التي بذلتها وزارة العدل، مؤكدا أن المرحلة المقبلة تتطلب بتعبئة كبرى، لكل الموارد ومضاعفة الجهود للاستمرار في المنهج الحمائي نفسه، حرصا على سلامة وصحة كل العاملين والمرتفقين، باعتبارها أولوية أساسية ذات بعد إنساني حقوقي، مستلهم من الرؤية الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، الذي جعل حماية الإنسان فوق كل اعتبار .
وأشار مصطفى فارس، خلال لقاء تواصلي عن بعد، مع الرؤساء الأولين لمحاكم الاستئناف بمختلف الدوائر القضائية بالمملكة، إلى أهمية دعم وتتبع برنامج المحاكمات عن بعد، الذي أعطى نتائج جد واعدة خلال أسابيعه الأربعة الأولى، وكانت محط تنويه كبير بالنظر للحصيلة الإيجابية ذات الأبعاد المتعددة، التي تم تحقيقها، وهي الآن موضوع تقييم وتطوير من طرف المجلس الأعلى بدعم من كل الشركاء لتكريس آلياتها وتوسيع افاقها.
واستعرض الخطوط الأساسية لاستراتيجية المجلس بالنسبة إلى المرحلة المقبلة، مؤكدًا مبادئ التدرج عبر ثلاث مراحل، والمبادرات الاستباقية وتكريس المقاربات التشاركية مع كل الفاعلين، ومراعاة خصوصية عمل كل دائرة قضائية، ونوعية القضايا، وحجمها، وعدد العاملين والإمكانات اللوجستيكية المتاحة، مشددا في الآن نفسه على أهمية مراعاة المسؤولين القضائيين لمبدأ التوازن بين الإرادة، في تصفية الأشغال وتقديم الخدمات القضائية وبين الوضع الصحي العام، ملحا في هذا الصدد على أهمية انخراط الجميع في آليات المحكمة الرقمية لما توفره من خدمات ووقت وأمان صحي، مضيفا أنه آن الأوان للتفاعل الإيجابي مع هذا الورش بكل مسؤولية رغم كل الاكراهات والصعوبات.
وأوضح فارس، وفق بلاغ للمجلس، أهمية تتبع وتوحيد العمل القضائي بخصوص الإشكالات التي ستثار خلال المرحلة المقبلة، واعتماد مقاربات وحلول تستند على الواجب الدستوري الذي يلزم السلطة القضائية بالتطبيق العادل للقانون وحماية الحقوق والحريات في إطار محاكمة عادلة داخل آجال معقولة.
بدورهم، عبر المسؤولون القضائيون في مداخلاتهم عن تجندهم التام لتفعيل استراتيجية المجلس ورؤيته. وتناولوا عددا من التحديات التي تطرحها المرحلة، سواء على مستوى الإدارة الصحية لمرفق القضاء، أو على على مستوى تدبير القضايا والجلسات الرائجة او المتوقعة، وكذا الخدمات القضائية، مقدمين عدد من الاقتراحات والملاحظات من أجل ملاءمتها مع الإستراتيجية المزمع تطبيقها.