فضحت المعارضة بالبرلمان، ما وصفاه بـ”الإرتباك الحكومي” في تدبير المرحلة لمواجة مخاطر فيروس “كورونا”، عبر تنصل رئيس الحكومة من مسؤوليته الدستورية أمام الهيئة التشريعية وأمام المغاربة، في توضيح الأمور وتقديم المعيطات ومناقشة المخططات للخروج من الحجر الصحي، مستغربين من “الخلل” الذي أصاب تدبير العملية التواصلية للحكومة، وفشلها في تقديم شروحات للمغاربة وكشف مخططها للتخفيف الحجر الصحي.
وهاجم عبد اللطيف وهبي الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، رئيس الحكومة مخاطبا إياه، “لقد أتعبتم المواطنين من جراء تسريبات حكوماتكم المتكررة، تارة سترفعون الحجر، وتارة ستمددونه، وتارة ستخففونه”، مشيرا إلى أن “الحكومة كأنها مجموعة من الجزر السياسية المتفرقة، فلكل تصريحه، ولكل خطابه”.
وانتقد وهبي تسريب الوثائق، قائلا “إذ صار الحديث عن تمديد حالة الطوارئ الصحية لمدة شهرين، وحتى قبل أن يبت الجهاز الدستوري في المرسوم أصبح بيد المغاربة”، موضحا ” ان المغاربة يحملون أسئلة عمن يقرر، بعدما اهتديتم وانتهيتم إلى شهر من التمديد، وليس شهرين”.
واعتبر الحزب المعارض، أن “هذه التغيرات المتواترة تعكس حقيقة ارتباك الحكومة وعجزها عن اتخاذ القرار وتبليغه”، منتقدا “تصنيف المدن إلى مناطق 1 و2، وعدم الإشارة بتاتا في مخطط التخفيف بمناطق الحجر رقم 2 إلى مصير وضعية الأطفال”، مردفا: “لم يخطر على بالكم أن تمنحوهم ولو لحظات للتنفس ونسيان ضغط الحجر الذي فرض عليهم من حيث لا يدرون”.
وأعلن فريق الأصالة والمعاصرة إلغاء الدعم السياسي الذي قدمه للحكومة منذ بداية هذه الأزمة، مؤكدا أنه قرر سحب أي دعم للخطوات المقبلة غير المحسوبة، “لكون قرارات الحكومة حتى الآن ما هي إلا خطوات فاشلة لا ترقى إلى طموحات المواطنين”.
و انتقد عمر احجيرة، البرلماني عن الفريق الاستقلالي، رئيس الحكومة قائلا “حكومتكم مرتبكة وخلطت الأمور على المغاربة بسبب التسابق حول التصريحات والتسريبات، موضحا أن “تدبير الحكومة أربك المغاربة، وخلق صراعا بين النواب والمواطنين”، مؤكدا أن “رئيس الحكومة لا يقول أي شيء في جميع خرجاته الإعلامية، رغم التعطش الكبير للمعلومة لدى المواطنين”، منتقدا ما أسماه “الخروج في غير وسائل الإعلام الوطنية وعدم استعراض المعطيات للبرلمان أولا”.
من جهته أوضح سعد الدين العثماني رئيس الحكومة، “أن الحكومة قررت المصادقة على المرسوم بقانون القاضي بتمديد حالة الطوارئ وسن مقتضيات لتخفيف الحجر الصحي، بعد تسجيل تحسن في مؤشرات الحالة الوبائية، مع وجود تباين فيما بين أقاليم المملكة، بخصوص حالات الإصابة بفيروس كورونا”.
وأوضح العثماني، ” أنه يتعين التفريق بين الطوارئ الصحية، التي تعتبر إطارا قانونيا يمكن الحكومة من اتخاذ الإجراءات الضرورية لمواجهة أي تهديد صحي، مبينا أن “من بين هذه القرارات على سبيل المثال، الحجر الصحي، وإغلاق الحدود البرية والجوية وإلزامية ارتداء الكمامات في الفضاءات العمومية”.
وأشار العثماني، إلى أن أغلب الدول المجاورة، مدّدت الطوارئ الصحية، لمرات متتالية، مشيرا إلى أنه بعض الدول مددت الطوارئ الصحية لـ6 مرات، موضحا أن الحجر الصحي هو إجراء تتخذه السلطات العمومية في إطار الطوارئ الصحية، وهو ما يعني تقييد حركة الناس باستثناء حالات الضرورة مع تعليق بعض الأنشطة المعنية للحد من انتشار وباء كورونا”.
وسجل العثماني، أن العالم آخذ بهذه الوسائل لمواجهة الوباء، باعتبار أن الحجر الصحي، وفق أغلب الدراسات المتخصصة، يعد الوسيلة الضرورية لمحاصرة الوباء والتحكم فيه أو التخفيف منه، لا سيما في غياب أي تلقيح ضد هذا الفيروس، حيث تقرر تمديد حالة الطوارئ وتخفيف الحجر الصحي، وذلك عقب تسجيل تحسن كبير في المؤشرات الوبائية بالمقارنة مع ما كان عليه الأمر سابقا، بحيث تحكمنا في الوباء، وباتت الحالات المسجلة محدودة، فضلا عن تقلص عدد الوفيات، في مقابل ارتفاع معدلات الشفاء.
و أكد العثماني، أن الرهان الأساسي لبلادنا للفترة المقبلة يتمثل في إعادة تحريك عجلة الاقتصاد، واستئناف الأنشطة الاقتصادية والتجارية والخدماتية، مسجلا أن ذلك يستلزم تظافر جهود كافة المتدخلين وفق مقاربة تشاركية تستحضر مصلحة الوطن قبل أي اعتبار آخر.
و كشف رئيس الحكومة، أنه برسم سنة 2021، سيستفاد من خطة الإنعاش الاقتصادي التي تنكب الحكومة على بلورتها، لإعادة النشاط الاقتصادي إلى مستوى ما قبل الأزمة، و ستضع الحكومة، خطة للإقلاع الاقتصادي للمدى المتوسط، في ارتباط وثيق مع ورش تجديد النموذج التنموي، لإعادة ترتيب الأولويات على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، والاستفادة من فرص التحول الجديدة التي أفرزتها هذه الأزمة.
واعتبر العثماني، أن التداعيات المرتبطة بجائحة كورونا، تستدعي وضع مخطط شامل ومتكامل لإنعاش الاقتصاد الوطني والاستعداد للمرحلة المقبلة، واستئناف سريع لنشاط الاقتصاد الوطني وتعزيز قدرته على استشراف معالم ما بعد أزمة كورونا، بالعودة التدريجية لمختلف القطاعات الاقتصادية الوطنية لممارسة نشاطها، واستثمار الفرص المتاحة.