بدأت فوضى الخروج عندما أظهرت الحكومة ارتباكها في تدبير جائحة كورونا، وما ترتب عنها من إعلان حالة الطوارئ الصحية، وتمديدها للمرة الثالثة، وظهر هذا الارتباك جليا في التمديد الثالث، حيث كان في البداية إلى الثامن من غشت تم تحول إلى العاشر من يوليوز، وأعقبه قرارات منتصف الليل القاضية بتقسيم المغرب إلى مناطق القسم الأول ومناطق القسم الثاني، واختلط الحابل بالنابل دون توضيح لمقتضيات الخروج من المنازل والبقاء فيها.
ويبدو أن الخروج أصبح حتمية في هذا الوقت، وكان مفروضا أن يكون الخروج تدريجيا، ويكون تخفيف الحجر الصحي بشكل تدريجي، لكن يبدو أن غياب تصور لدى الحكومة من أجل خروج سليم وتدريجي يراعي تطور الحالة الوبائية سيؤدي إلى نتائج عكسية، قد تأتي على النتائج الإيجابية التي حققها المغاربة بفضل الرؤية المتبصرة لجلالة الملك محمد السادس وصبر الشعب المغربي والتزامه النادر بقانون الطوارئ الصحية، رغم آثاره السلبية اجتماعيا واقتصاديا.
لا يمكن تصور خروج آمن في ظل حكومة مضطربة، يقول وزيرها في الصحة ما ينفيه وزيرها في الاقتصاد، ويتخذ القرار الذي يلغيه قرار زميله. لا نتوقع خروجا سلسا وسليما كما كان متوقعا في ظل حكومة، رئيسها لا يتوفر على المعطيات بشكل نهائي، وهو منسق أعمال الوزراء بمعنى ينبغي أن يكون أكثرهم معرفة بالواقع، ويكفي أنه جاء للتلفزة ليقول إنه لا أحد لديه تصور لقضايا التعليم، لكن في الغد ظهر أن وزير التربية لديه تصور خاص للمرحلة التعليمية تجسد في إنهاء السنة الدراسية واستمرار التعليم عن بعد والاقتصار على امتحانات الباكالوريا.
حكومة الفوضى يأمر وزيرها في الاقتصاد الشركات بالعودة إلى العمل واستئناف النشاط الاقتصادي، وهو أمر لا محالة مفرح ومزعج، مفرح لأن الكل يريد أن يشتغل، لكنه مزعج لأن الحكومة لم توفر إجراءات موازية واحترازية، وفي الوقت نفسه يطالب وزير الصحة بمزيد من الحجر الصحي ولو طال زمنا أكثر، إما لتوفره على معطيات علمية أو لخوفه من عودة الجائحة بشكل قوي، ولوزير الداخلية رأي آخر.
هذه الحكومة، التي لم تقم بأي شيء لفائدة المواطن قبل الحجر وأثناءه، هي التي رفع الكاتب العام لوزارة الوظيفة العمومية الملحقة اليوم بوزارة الاقتصاد والمالية، سماعة الهاتف ليطلب من الكتاب العامين لباقي الوزارات بعودة الموظفين لأماكن عملهم، لكن الوزارات وجدت نفسها بين سندان أوامر وزارة الإدارة وسندان غياب الشروط الاحترازية لاستئناف العمل.
العودة للحياة الطبيعة تقتضي تدرجا طويلا في الزمن، كما تقتضي خطة وتنسيقا واضحا، حيث لا يمكن إعادة الأنشطة الاقتصادية لسابق عهدها وإعادة الموظفين لأماكن عملهم، وفي الوقت ذاته لا توفر أي إجراء مواز، فبأي وسيلة نقل سيغادر العمال والموظفون بيوتهم نحو مقرات العمل وكيف يعودون منها؟ في غياب الإجراءات الموازية تساهم الحكومة في خرق الابتعاد الجسدي وشروط السلامة الصحية بالمعايير المطلوبة وبالتالي فهي تهدد حياة المواطنين.