الإدارة الأمريكية ترفع دعوى قضائية لمنع نشر كتاب بولتون
دخلت قضية نشر كتاب “الغرفة التي حدث فيها ذلك.. مذكرات البيت الأبيض” لمستشار الأمن القومي الأسبق جون بولتون، منعطفا جديدا بعد رفع دعوى من قبل البيت الأبيض تطالب بوقف نشر الكتاب، بدعوى تضمنه أسرارا متعلقة بالأمن القومي يجب ألا تخرج إلى العلن.
وبعد ساعات من رفع إدارة الرئيس دونالد ترامب قضية أمام المحكمة الاتحادية بالعاصمة واشنطن لوقف نشر كتاب جون بولتون، اختار الأخير أن يعيد نشر تغريدة بيان للاتحاد الأميركي للحقوق المدنية، يؤكد فيها على حق بولتون الدستوري طبقا للتعديل الأول في نشر كتاب عن فترة عمله بالبيت الأبيض.
بيد أن الرئيس ترامب لا يتفق مع هذا الرأي، وقال للصحفيين الأول “إن بولتون سينتهك القانون الفدرالي إذا نشر كتابه على شكله الحالي، سوف أعتبر أي محادثة معي كرئيس سرية للغاية”.
وتتهم إدارة ترامب في دعواها بولتون بتهمة “خرق شروط التعاقد”، في خطوة تهدف لعرقلة نشر كتابه الذي تقول الدعوى إنه يحتوي على معلومات سرية يمكن أن تعرض الأمن القومي الأميركي للخطر.
وأمام المنعطف الجديد الذي دخلته قضية نشر الكتاب، تراجعت قضية تفشي فيروس كورونا في البلاد، كما تراجعت أخبار حركة الاحتجاجات المستمرة وغير المسبوقة التي تظاهر خلالها ملايين الأميركيين ضد عنصرية الشرطة تجاه السود في مئات المدن الأميركية، لتحل محلهما أخبار كتاب بولتون على قمة اهتمامات الإعلام الأميركي المقروء والمرئي.
*****
ماذا قال في الكتاب
يزعم مستشار الأمن القومي السابق أن ترامب أخبره في غشت الماضي أنه يريد الاستمرار في حجب المساعدات العسكرية عن أوكرانيا حتى يتفق مسؤولو البلاد على المساعدة في التحقيق مع منافسيه الديمقراطيين. وتتعارض تعليقات بولتون هذه مع تأكيدات فريق الدفاع القانوني للرئيس بعدم وجود أي تضارب للمصالح في القضية مع أوكرانيا.
ووفقا لصحيفة “نيويورك تايمز” -التي حصلت على نسخة من المقتطفات- زعم بولتون أن ترامب ربط الإفراج عما يقرب من أربعمئة مليون دولار من المساعدات العسكرية لأوكرانيا بالتحقيق مع نائب الرئيس السابق جو بايدن وابنه هانتر بشأن أنشطة تجارية هناك.
وقالت الصحيفة إن كبار مساعدي ترامب -ومن بينهم بولتون ووزيرا الخارجية مايك بومبيو والدفاع مارك إسبر- حثوا ترامب على الإفراج عن المساعدات التي اعتمدها الكونغرس، لكن ترامب قال خلال نقاش جرى مع بولتون في أغسطس/آب 2019 إنه يفضل عدم إرسال مساعدات لأوكرانيا إلى أن يسلم المسؤولون هناك كل المواد التى لديهم بشأن التحقيق الذي شمل بايدن، بالإضافة إلى مؤيدي هيلاري كلينتون في أوكرانيا.
ومن المرجح أن تؤدي رغبة بولتون في الإدلاء بشهادته إلى ممارسة ضغوط جديدة على قادة الحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ للسماح بالاستماع لشهود جدد في عزل ترامب، لكن هذه الخطوة لها مخاطرها، لأن ما سيقوله بولتون قد يجيب على الاتهام الرئيسي ضد ترامب باستغلال الصلاحيات، والعبث بالأمن القومي، لمصالح سياسية شخصية، حيث أراد -حسب وجهة نظر الديمقراطيين- الحد من حظوظ بايدن في منافسته على الفوز برئاسيات 2020.
من ناحية قانونية، يحق للرئيس أن يحتفظ بسرية نقاشاته مع كبار مستشاريه، وألا يُطلع الكونغرس عليها، كما يحق له أن يطلب من أعضاء إدارته ومساعديه ألا يتحدثوا للكونغرس.
وفي مواجهة خطر شهادته، عارضت الإدارة نشر كتاب بولتون، وأبلغ البيت الأبيض المستشار السابق للأمن القومي أن كتابه الموجود تحت الطبع يحتوي -في ما يبدو- على “كم كبير من المعلومات السرية”، ولا يمكن نشره بصورته الحالية، لتزيح بذلك خطرا وشيكا تشكله معلومات الكتاب.
وعلى ضوء ما يحدث حاليا، فيبدو أن إدارة ترامب أعدت العدة لعرقلة شهادة بولتون؛ فقد سبق للبيت الأبيض أن منع الرجل من الإدلاء بشهادته أمام مجلس النواب، في حين تتطلب شهادته أمام مجلس الشيوخ تمرير قانون يسمح بذلك في مجلس يملك فيه الجمهوريون الأغلبية.
**********
ترامب يتوعد بولتون حال نشر “كتاب الأسرار”
قال الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، اإن مستشاره السابق للأمن القومي، جون بولتون، سيخالف القانون إذا وجد كتابا ألفه طريقه للنشر.
وأضاف ترامب في حديثه للصحفيين في البيت الأبيض إن أي محادثات أجرياها كانت سرية.
وذكر وزير العدل، وليام بار، في حديثه في المؤتمر نفسه، أن بولتون لم يكمل العملية اللازمة لنشر كتابه وأن الوزارة تحاول حمله على حذف المعلومات السرية.
ومن المقرر نشر كتاب (ذا روم وير إت هابند: إيه وايت هاوس ميموار) لبولتون في 23 يونيو.
وذكرت دار نشر سايمون آند شوستر في بيان صحفي، الجمعة، أن كتاب بولتون يقدم شهادة مطلعة عن “عملية صنع القرار غير المتسقة والمتخبطة” للرئيس دونالد ترامب.
وقالت الدار إن الكتاب يسرد بالتفصيل معاملات ترامب مع الصين وروسيا وأوكرانيا وكوريا الشمالية وإيران والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا.
ومضت تقول “ما شهده بولتون أثار دهشته.. رئيس همه الوحيد هو انتخابه لفترة جديدة، حتى لو كان ذلك يعني تعريض الأمة للخطر أو إضعافها”.
ووفقا للناشر، يقول بولتون في كتابه “على أن أقدح زناد فكري لتحديد أي قرار مهم اتخذه ترامب خلال فترة خدمتي من دون أن يكون خاضعا لحسابات إعادة انتخابه”.
وأقال ترامب بولتون في سبتمبر في ظل خلافات حادة حول مجموعة واسعة من تحديات السياسة الخارجية.
وبولتون هو ثالث مستشار للأمن القومي في إدارة ترامب خلال 519 يوما، حيث يشتهر بأنه مراقب دقيق يحرص على تدوين الملاحظات، وكان شاهدا على عدد من اجتماعات السياسة الخارجية المهمة.
*********
دفاع ترامب ودفاع بولتون
ويعتمد دفاع ترامب على حماية “سلطات الرئيس التنفيذية” التي على رأسها سرية أحاديثه مع كبار مساعديه، والدفع بأن شهادة بولتون ستضر بسلطات الرئيس الحالية والمستقبلية خاصة عند اتخاذ قرارات مهمة في السياسة الخارجية.
وكان ترامب قد عبّر عن غضبه واتهم بولتون بالسعي “لتحقيق أرباح من مبيعات كتابه”.
وآزره في ذلك نيوت جينجريتش رئيس مجلس النواب السابق وحليف الرئيس ترامب، الذي اتهم بولتون بالخيانة.
وقال جينجريتش “ليس هذا بولتون الذي عرفته لسنوات طويلة، لقد أكد البيت الأبيض أنه لم يلتزم بالإجراءات الواجب اتباعها لنشر كتاب عن رئيس لا يزال في الحكم، وقضايا سياسة خارجية تنخرط فيها البلاد حاليا”.
وترى دعوى البيت الأبيض القضائية أن “منصب بولتون سمح له بالاطلاع على أكثر الأسرار المتعلقة بالأمن القومي خطورة، ولكنه -بعد شهرين فقط من إقالته- وقع عقدا مقابل مليوني دولار لنشر الكتاب، وقدم 500 صفحة للناشر تحتوي على أسرار خطيرة يهدد نشرها مصالح وأمن الولايات المتحدة، وهو ما يمثل مخالفة لاتفاقية الحفاظ على سرية المعلومات التي وقعها قبل بدء عمله في البيت الأبيض”.
وتوقع الكثير من الخبراء الجمهوريين والديمقراطيين أن لا تفلح جهود البيت الأبيض في وقف نشر الكتاب في الموعد المقرر له.
وأشار بن وايزنر مدير مشروع الخطاب والخصوصية والتكنولوجيا في اتحاد الحريات المدنية الأميركي، إلى أنه “وقبل نصف قرن، رفضت المحكمة العليا محاولة مماثلة من إدارة نيكسون لمنع صدور أوراق البنتاغون، ومنذ ذلك الحين، أصبح مترسخا وبشكل ثابت أن أي قيود مسبقة على النشر تعتبر غير دستورية وغير أميركية”.
واتفق الخبير بشبكة فوكس الإخبارية هاورد كورتز مع رؤية وايزنر، واعتبر أن “على الإدارة الاستعداد لنشر الكتاب، لقد وصلت شحنات منه بالفعل إلى مراكز التوزيع. ربما يكون أكثر ما يحلم ترامب به حقا هو تأجيل نشر الكتاب حتى انتهاء الانتخابات، لكن ذلك أمر صعب للغاية”.
أما خبير الشؤون الإعلامية في شبكة سي إن إن براين ستيلتر، فيرى أن “من الجنون تصور أن كل أحاديث الرئيس مع مساعديه تعدّ من أسرار الأمن القومي الأميركي، ترامب لا يستطيع منع نشر الكتاب هو يستبق أي أضرار قد تنتج عن نشره”.
**********
ترامب مهاجما بولتون: لو استمعت إليه لكنّا الآن في الحرب العالمية السادسة
هاجم الرئيس الأميركي دونالد ترامب بقوة مستشاره السابق للأمن القومي جون بولتون، الذي أعرب عن استعداده الإدلاء بإفادته في المحاكمة الهادفة للبت بعزل الرئيس، متهما إياه بنكران الجميل ومؤكدا أنه “توسل إليه” ليعطيه عملا.
وكتب ترامب الأربعاء في تغريدة على تويتر “رجل رفض وظيفة سفير في الأمم المتحدة منذ سنوات، ولم يُقبل بأي عمل آخر منذ ذلك الحين، رجل “توسل” إليّ لأعطيه عملاً لا يحتاج لموافقة مجلس الشيوخ، ومنحته العمل رغم أن كثرا قالوا لي لا تفعل ذلك سيدي”.
وأضاف “ونال العمل، ثم تحدث خطأ عن النموذج الليبي على التلفزيون، وارتكب هفوات أخرى كثيرة، ثم طُرد لأنه صراحة لو استمعت إليه لكنّا الآن في الحرب العالمية السادسة، ثم يذهب ليكتب كتابا كاذبا وشريرا. كلها معلومات متعلقة بالأمن القومي. من يفعل ذلك؟”.
تشغيل الفيديو
وأقيل بولتون، الذي ينتمي لتيار المحافظين الجدد والمعروف بمواقفه العدوانية، في سبتمبر من إدارة ترامب على خلفية خلاف مع الرئيس الجمهوري بشأن عدد من ملفات السياسة الخارجية الحساسة من أفغانستان إلى كوريا الشمالية.
ومنذ مغادرته البيت الأبيض، تحدث بولتون علنا عن خلافاته مع ترامب، ومع بدء محاكمة الأخير، أعرب بولتون عن استعداده للإدلاء بإفادته في مجلس الشيوخ، وهو ما يرفضه البيت الأبيض تماما.
ويستعد بولتون لنشر كتاب يقول فيه إن دونالد ترامب أخبره بنيته حجز مساعدة عسكرية لأوكرانيا إذا لم تفتح تحقيقا بشأن المرشح الديمقراطي للرئاسة جو بايدن وابنه هانتر. ونفى ترامب ذلك متهما بولتون بأن كل ما يسعى إليه هو “أن يبيع كتابه”.
ويواجه ترامب محاكمة للبت بعزله في مجلس الشيوخ، أطلقتها المعارضة الديمقراطية على خلفية قضية أوكرانيا.
ويريد الديمقراطيون من بولتون أن يدلي بشهادته في المحاكمة بمجلس الشيوخ وسط مؤشرات متزايدة على أن عددا كبيرًا من الأعضاء الجمهوريين في المجلس يمكنهم دعم الطلب.