ظهرت الحكومة لأول مرة منذ فرض قوانين الطوارئ الصحية والحجر الصحي مجتمعة في مجلسها دون الحاجة إلى تقنية الفيديو كنفرانس، والتقى الوزراء في مكان واحد بالكمامات مع احترام الابتعاد الجسدي، واكتفت بتناول بضعة مواضيع ومن بينها امتحانات الباكالوريا، لكن كما استعملت الكمامة وقاية للوزراء استعملت الكمامة مع الشعب، الذي كان ينتظر العديد من الإجراءات.
لسنا ممن يستبق الأحداث قبل وقوعها، فقد تلجأ الحكومة اليوم السبت إلى اتخاذ بعض الإجراءات في إطار ما أعلنت عنه سابقا، بأنها ستقوم بداية من 20 يونيو، ولا نعرف طبيعة هذه الإجراءات ويبدو من خلال بعض الاستعدادات التي ظهرت في بعض المدن أن هناك تخفيف ما. لكن ما يهمنا ليس هذا ولا دخل لنا فيه، غير أن ما يهمنا هو الموعد الذي ضربته الحكومة للمواطنين.
في بيان الحكومة حول تقسيم مناطق المغرب، إلى منطقة أولى تم فيها تخفيف كثير من الإجراءات، وتم فسح المجال للمواطنين للخروج وفق إجراءات احترازية، ومنطقة ثانية يستمر فيها قانون الطوارئ والحجر الصحي على حاله إلى وقت آخر، في هذا البيان تم التأكيد على قضية التقييم الأسبوعي، أي أن عشية كل ثلاثاء أو صبيحة كل أربعاء يتم الإعلان عن تصنيف جديد.
في هذا التصنيف قد يتم تبادل المستويات والأدوار، فالإقليم الذي كان مرتبا في المنطقة الأولى قد يتحول إلى المنطقة الثانية والعكس صحيح، فالمنطقة التي كانت خالية من الإصابة بفيروس كورونا، قد يتم فيها امتشاف بؤرة، لا قدر الله، فيتم إغلاقها وفق الإجراءات السابقة، والإقليم الذي كان في المنطقة الثانية وأصبح خاليا من الجائحة ينتقل إلى الترتيب في المنطقة الأولى وهكذا دواليك.
مرت الأربعاء وجاء الخميس تم الجمعة ونحن اليوم في السبت ولم تعلن الحكومة، على الأقل في حدود كتابة هذه الأسطر، عن التقييم الجديد، وهذا يعتبر انتهاكا صارخا للميثاق الذي يربط الحكومة بالشعب المغربي، فالحديث هو نوع من التعاقد، وليست البيانات مجرد كلام للتداول الإعلامي ولكنها قاعدة للمحاسبة الجماهيرية.
من حق المواطن أن يحاسب الحكومة على خرقها لهذا الميثاق، فبيانها المعلن عن التقسيم التزم بإعادة التقييم الأسبوعي، والمغاربة ينتظرون بفارغ الصبر تخفيف الإجراءات وفق التصنيف الجديد خصوصا بعد مرور ثلاثة أشهر على فرض الطوارئ الصحية أي منذ 20 مارس.
الحكومة التي لم تنبس ببنت شفة في هذه القضية انتهكت ما يجمعها بالمغاربة، وبالتالي هي تفقد مزيدا من الثقة تجاه الشعب، وهي الثقة المهزوزة أساسا نتيجة تصرفات الحكومة خلال فترة الحجر الصحي، حيث لم يعد المواطن يثق سوى في المؤسسات العميقة التابتة والقادرة على تدبير الأمر بسلاسة والتي لولاها لكنا اليوم أمام كارثة كبيرة.
ما قامت به الحكومة استهتار بذكاء المواطن، الذي يعرف أن الحكومة لا تفكر سوى في المصالح الحزبية الضيقة، بينما من يحارب الجائحة هي مؤسسات الدولة.