عندما يتعلق الأمر بالوطن يصبح التفريط والتهاون جرائم قائمة الأركان، فبالأخرى أن يكون الخطأ مقصودا، وما وقع في منطقة للا ميمونة نواحي القنيطرة هو بمثابة خيانة عظمى للوطن. لا ننسى أن جلالة الملك أطلق على ورش مواجهة فيروس كورونا المستجد اسم المعركة. وهيأ جلالته كل الظروف لهذه الحرب، بدءا من تأسيس صندوق مكافحة الجائحة ومرورا بفرض قانون الطوارئ الصحية والحجر الصحي، وهي معركة كان قائدها جلالته، وجنودها من الأمن والقوات المساعدة والقوات المسلحة والأطباء والممرضين، وشعب دخل البيوت حتى تمر الأزمة، فأي واحد يخل بهذه الالتزامات هو بمثابة الجندي الذي يتخلى عن موقعه أثناء المعركة.
أي ثغرة تقع في المعركة تعني أن العدو يتسلل منها ويستغلها أشد استغلال لتحقيق مواقع متقدمة، وهذا ما حصل فعلا في بؤرة للا ميمونة، لأن الأمر لم يكن مفاجئا، حتى نقول إن القضية هي قضية مباغتة للعدو، ولكن نعرف أن العدو وقف أمام البيت ومنذ مدة وهو يتربص بنا الدوائر، لكن من كان مفروضا فيه أن يحمي هذه الثغرة ترك مكانه فارغا، ولسنا في موقع تحديد المسؤوليات أو خلفياتها.
لن نقول هذا أو ذاك هو المسؤول إلا من موقع دوره في حماية هذا الثغر، ولن نقول إنه أخل بواجبه لهذا السبب أو ذاك، تهاونا أو تفريطا أو حتى تواطؤا، فهي أحكام وقضايا تحددها لجان التفتيش.
لكن من المسؤوليات الظاهرة والتي لا تحتاج إلى كبير عناء هو أن عامل إقليم القنيطرة فؤاد محمدي مسؤول عن الورطة، باعتباره هو رئيس اللجنة الإقليمية لليقظة، وبالتالي كان عليه أن يقف بنفسه على الموضوع منذ أن شرعت مجموعة من العاملات قبل شهر في الصراخ، عبر وسائط التواصل الاجتماعي، حيث ظهرن في فيديوهات يطالبن بإجراء التحاليل لأن ظروف عملهن تنعدم فيها الشروط الصحية.
ويوم السابع من الشهر الحالي ظهرت 18 حالة مؤكدة. كان الوضع يفرض إغلاق مكان الإنتاج ووضع جميع العاملات تحت الحجر الصحي وإجراء التحاليل. لكن العكس هو الذي حصل، لقد استمر صاحب الشغل في جني محصوله وتعليبه وكأن شيئا لم يقع، وكأن المهم عندهم “أن يموت الإنسان ولا تفسد الفراولة”. وهنا تقع المسؤولية أيضا على مندوبية الصحة.